مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة النهار :
وسط الانسداد السياسي التصاعدي الذي تترجمه ازمة عدم التوصل الى حل بين شركاء السلطة لتامين إعادة اقلاع الحكومة وانعقاد جلسات مجلس الوزراء ربما جاءت انتخابات نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس امس لتشكل مساحة تنفس ديموقراطية انجز فيها هذا الجسم النقابي الاستحقاقين من دون عثرات بصرف النظر عن تقويم النتائج التي انتهى اليها . والمفارقة في هذا السياق ان انتخابات المحامين تزامنت مع تطور اخر يتصل باستحقاق انتخابي تمثل في النسبة المرتفعة التي سجلت في تسجيل المغتربين اللبنانيين في كل القارات للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة اذ أعلنت وزارة الخارجية بعيد منتصف ليل السبت الاحد أنّ “العدد الكلّي للناخبين المسجّلين فاق كل التوقعات وبلغ 244,442 بعد إقفال باب التسجيل مقارنة ب 92,810 في انتخابات عام ٢.١٨ .
اما انتخابات المحامين فحملت المحامي ناضر كسبار الى منصب النقيب الجديد لمحامي بيروت خلفا للنقيب السابق ملحم خلف في معركة تنافس فيها أربعة مرشحين واتسمت بحماوة على منصب النقيب وهم : ناضر كسبار الكسندر نجار عبده لحود ووجيه مسعد. وسجلت مفاجأة في العملية الانتخابية اذ انسحب نجار فجأة بعد بدء التصويت وليس قبله بما افقد المرشح لحود المدعوم من القوات اللبنانية امكانا كبيرا للفوز ، ونال كسبار تأييد مجموعة من الأحزاب الأخرى مما قطع الطريق على فوز لحود ووفر الفوز لكسبار وبذلك تعود المعادلة داخل النقابة الى التمثيل الحزبي . وفاز كسبار بعد حصوله على 1530 صوتا مسجلا بذلك نسبة 45% من الاصوات، فيما حل المحامي عبده لحود ثانياً بنيله 1035 صوتا واسكندر نجار ثالثا بحيازته 599 صوتا .
اما في انتخابات نقابة طرابلس والشمال فبرز تطور مهم وذا دلالات بوصول امرأة للمرة الأولى الى منصب النقيب وفازت في الانتخابات بمنصب النقيب مرشحة تيار “المردة ” ماري تيريز القوال .
عون : الرسالة “الأخيرة”
في غضون ذلك بدا واضحا استبعاد ان تشهد مناسبة احياء عيد الاستقلال اختراقا حقيقيا لازمة تعطيل مجلس الوزراء ولو ان العرض العسكري الرمزي الذي ستقيمه قبل ظهر قيادة الجيش في اليرزة سيجمع للمرة الأولى منذ تشكيل الحكومة الميقاتية الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي . ولكن ما يمكن وصفه بالتطور البارز عشية هذه المناسبة تمثل في الرسالة التي وجهها الرئيس العماد ميشال عون الى اللبنانيين والتي اكد انها “الأخيرة” بما يعني رده ضمنا على التعليقات والتفسيرات التي أثيرت حول مقابلته الصحافية الأخيرة التي ذكر فيها انه في نهاية ولايته لا يسلم رئاسة الجمهورية الى الفراغ . ففي حين اتسمت رسالة عون امس بتكرار حملته على “المنظومة الفاسدة” للنأي بنفسه والتحلل من مسؤوليته عن الازمة الكارثية التي تضرب لبنان في عهده واعتبر “ان أربعين بالمائة من عمر هذا العهد مرّت من دون حكومة، بعد تعثر عمليات التشكيل، جراء عقبات مصطنعة وصدامات سياسية، ما أدى الى تأخير المعالجات وتفاقم الأزمات ” .
واعتبر ان “المخرج من هذه الأزمة ليس بمستعصٍ، وقد أوجده لنا الدستور، وتحديداً في الفقرة “ه” من مقدمته التي تنص على أن النظام اللبناني قائم على مبدأ الفصل بين السلطات، فهل نلتزم جميعنا سقف الدستور ونترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله، لتعود الحكومة الى ممارسة مهامها في هذه الظروف الضاغطة، أم سنسمح للخناق أن يشتد أكثر فأكثر على رقاب أهلنا وأبنائنا سواء في معيشتهم أو في أمنهم؟ وهل ندرك فعلاً مدى الأذى الذي يصيب مجتمعنا جراء تعطّل الحكومة؟ إن هذا الوضع لا يجب أن يستمر.
أزمة أخرى استجدت مع المملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج، أدت الى اهتزاز العلاقات بينها وبين لبنان، والى تداعيات سلبية على عدة صعد بما فيها الواقع الحكومي، وهنا أعود وأؤكد موقف لبنان الحريص على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، لا سيما منها دول الخليج، انطلاقاً من ضرورة الفصل بين مواقف الدولة اللبنانية وبين ما يمكن أن يصدر عن أفراد وجماعات، خصوصاً وأن مقتضيات النظام الديمقراطي في لبنان تضمن حرية الرأي والتعبير. وإني أتابع السعي لحل هذه الأزمة المستجدة، وآمل أن يكون الحل قريباً”.
وخاطب اللبنانيين قائلا “أنتم تريدون المحاسبة، تريدون أن تروا من عاث في البلاد فساداً، ومن سرق أو هدر أموالكم، يدفع ثمن ارتكاباته، ودوماً تطرحون السؤال البديهي “لماذا لم يوضع أحد وراء القضبان بعد”؟ لم يوضع أحد وراء القضبان بعد، لأن المحاسبة هي للقضاء، وما خلا ذلك اتهامات إعلامية قد تصيب وقد تخيب، ولا يمكن لأحد أن يدخل السجن من دون حكم قاضٍ. فيا قضاة لبنان، الاتهامات كثيرة وكذلك المتهمون، الجميع نصّب نفسه قاضياً ومدعياً ومحامياً، الجميع يتهم والجميع متهم، هذه المعمعة الاتهامية التي باتت تهدّد في بعض مفاصلها الاستقرار وحتى السلم الأهلي، ما كانت لتحصل لو لم يتقاعس قضاؤنا وقام بواجباته، ولو رُفعت يد السياسيين وغير السياسيين عنه، ولو تعززت استقلاليته بقانون لم ير النور بعد.
اليوم لا زال بإمكان القضاء أن يأخذ المبادرة، إن استطاع أن ينأى بنفسه عن كل المداخلات، ويلتزم النصوص القانونية التي ترعى عمل السلطة القضائية واستقلاليتها، وتصحح أي شطط ممكن أن يعترض أداءها.
أيها اللبنانيون،
رسالتي اليوم إليكم: قريباً ستتاح لكم فرصة للتغيير، اجعلوا من صندوق الاقتراع سلاحكم ضد الفساد والفاسدين ومن تربّوا على نهجهم، بعد أن ثبت، وعلى مرّ السنوات الثلاثين الماضية، أنهم متجذّرون عميقاً، ومحصنون بشتى الخطوط الحمر.
هي فرصتكم وفرصة الوطن الحقيقية، فلا تسمحوا لهم أن يعودوا بأقنعة جديدة وبأثواب مستوردة، وبمال سياسي لا خير فيه ولا منّة منه، بل كل سوء في ضرب صدقية الانتخاب ومحاولة السيطرة على مفاصل الحكم بمطواعين لإرادات خارجية.
إن الفساد المتجذر بكل مفاصل الدولة يسعى أربابه بالتكافل والتضامن لضرب أي محاولة للإنقاذ، وما حصل ويحصل في التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان هو خير شاهد، فهذا الإجراء البديهي الذي يشكل انطلاقة لأي عملية إصلاحية في مختلف مرافق الدولة، ولكشف أسباب الانهيار وتحديد المسؤوليات، تمهيداً للمحاسبة واسترداد الحقوق، تعرّض لشتى أنواع العراقيل منذ ما
قبل إقراره في مجلس الوزراء وحتى اليوم” ودعا اللبنانيين الى “المراقبة جيداً واعتلموا المعرقلين بعد سقوط الأقنعة، هي منظومة الفساد إياها ، وأمامكم قريباً فرصة لإيقافها فلا تهدروها”. وختم قائلا ” أيها اللبنانيون، في رسالتي الأخيرة لكم في هذه المناسبة: ليكن إيمانكم بوطنكم أكبر من أي تشكيك، فهذا الوطن واجه عبر
تاريخه، محطات ونكبات شتى وخرج منها معافى، لا بد أن يسلك مرة جديدة درب التعافي مهما بلغت الصعوبات”.
على صعيد المواقف الخارجية من لبنان وصف وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني لبنان بأنه “كان منارة للاستقرار وكان ينظر إليه كل مواطن عربي بإعجاب” . وقال الزياني، ردا على أسئلة الصحافيين في منتدى حوار المنامة الأمني بالبحرين، إنه “يمكن تقديم الدعم للبنان في محاولة لإيجاد حلول ولكن بمجرد أن يثبت حزب الله أنه يمكن أن يغير سلوكه”، وأضاف أن “لبنان بحاجة إلى حل من داخله”. وتابع إن “سلوك حزب الله لا يؤثر على لبنان فحسب، بل على دول أخرى”. وقال إنه “تحد بالنسبة للبنانيين أن يبحثوا تغيير سياستهم مع حزب الله ومحاولة إيجاد طرق يمكن بها تنفيذ قراراتهم على أرض الواقع”.