مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت الديار :
نالت زيارة وفد من «التيار الوطني الحر» الى سوريا، الكثير من التحليلات والسيناريوهات والافتراضات واحيانا التخيلات، وتم ربطها بتباعد وجهات النظر بين «التيار الوطني الحر» و حزب الله، الى موضوع الانتخابات النيابية ثم الرئاسية، وصولاً الى توجيه رسائل الى اميركا والعقوبات التي فرضتها على رئيس التيار جبران باسيل، اضافة الى بعض دول الخليج.
هذه التوصيفات للزيارة، جرى توضيحها من عدد من قياديي التيار، ومنهم من شارك بالوفد، حيث يستغرب مصدر قيادي في «الوطني الحر»، كل الروايات التي نسجت حول الزيارة واهدافها، وكل من كتب وعلّق عليها، انما استند الى مخيلة او رغبات في نفسه، وغالبية من تابعوها لم يذكروا الحقيقة ولا الوقائع، بالرغم من ان اعضاء كانوا في الوفد، وعلى رأسهم نائب رئيس التيار للشؤون السياسية الوزير السابق طارق الخطيب اوضحوا اسبابها، الا ان من تناول الزيارة، ذهب في مخيلته الى اهداف يريدها هو، لا ما جرى قبيل الزيارة وبعدها، فهي لم تكن لها ارتباط في انتخابات نيابية او رئاسية.
«فالتيار الوطني الحر» افتتح العلاقة الرسمية مع سوريا، في العام 2009، بزيارة قام بها مؤسسه العماد ميشال عون، واستقبله الرئيس بشار الاسد، وزار بلدة براد، وهي مسقط رأس القديس مار مارون، ومهد المارونية، التي انتقل رهبانها الى لبنان وتحديداً الى شماله لجهة بشري، حيث تأسست العلاقة مع سوريا وقيادتها، يقول المصدر، الذي يشير الى انه وبعد تعرض سوريا لمؤامرة عليها، وهذا ما اثبتته الاحداث، فان العماد عون عبّر عن تأييده للرئيس الاسد وللجيش السوري، ووحدة الدولة السورية، وهذا كان اول امتحان للعلاقة بين الطرفين اللذين كانا في موقع يمكن وصفه بالعداء اثناء وجود القوات السورية في لبنان، فمن كان خصماً لسوريا اثناء وصايتها على لبنان، اصبح حليفها في زمن الحرب عليها، في حين ان من كان يعلن تحالفه معها لسنوات في لبنان، فانه رأى اللحظة للانتقام من النظام الذي نُعت من قبل حلفاء سوريا القدامى بنعوت غير لائقة، وسهّل وصول مقاتلين الى سوريا، وحرّك مجموعات في داخلها، وفتح ابواب لبنان لما يسمى «ثوار سوريا»، لحمايتهم من بطش النظام كما كان يعلن كل فريق 14 آذار، ليتبين بانهم من تنظيمات ارهابية.
هذا هو المعيار الوطني في العلاقة مع سوريا، ان لا تقبل ممارساتها في لبنان، وتقيم علاقات معها، عندما تخرج قواتها منه، وبين من استفاد من الوجود السوري، لتأمين مصالحه السياسية والطائفية والمالية والاقتصادية، يقول المصدر، الذي يؤكد بان الزيارة طبيعية جداً، وكانت ستحصل قبل هذا الوقت، لكن ظروف انتشار وباء «كورونا»، والاوضاع الداخلية اللبنانية كانت تؤخرها.
وتوقيت الزيارة ليس مرتبطاً ابداً، باخرى اعلن رئيس «الوطني الحر» باسيل، انه سيقوم بها الى سوريا، اذ زيارة الوفد كان يُعدّ لها مع السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، الذي كان ينسقها مع الامين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا الدكتور هلال هلال، وهي بهذا المعنى زيارة للتعارف والتشاور والتنسيق بين حزبين، كما يصف المصدر الزيارة التي حملت اكثر مما تحتمل، وكأن التواصل مقطوع مع القيادة السورية التي عندما انتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ارسل الرئيس الاسد موفداً له، هو الوزير منصور عزام، وقدم التهنئة في القصرالجمهوري بانتخاب الرئيس عون، الذي كلف الوزير بيار رفول بالعلاقة مع سوريا من قبله، وكان يزورها دائماً بعيداً عن الاعلام.
ولمس الوفد في اثناء الزيارة ترحيباً كبيراً من المسؤولين السوريين الذين التقاهم، وفي مقدمهم وزير الخارجية فيصل المقداد، أضافة الى قيادة البعث برئاسة هلال هلال، حيث جرى البحث في مواضيع تهم الدولتين، اذ ابدى المسؤولون السوريون كل الاهتمام بما يريده لبنان من مساعدة، وهم لن يتأخروا عن تقديمها، وكان آخرها في موضوع الكهرباء، حيث يكشف عضو وفد التيار الى سوريا رمزي دسوم بأن من التقاهم الوفد من مسؤولين سوريين لم يطلبوا شيئاً من لبنان، سوى أن تكون العلاقة بين دولة ودولة، إلا أن أطرافاً سياسية رفضت ذلك، وعلى رأسها سعد الحريري عندما كان رئيساً للحكومة، ومعه قوى سياسية أخرى كانت معه في الحكومة، إلا أن الوضع بدأ تصحيحه منذ حكومة الرئيس حسان دياب الذي ارسل وفداً حكومياً ترأسته نائب رئيس الحكومة ووزيرة الدفاع زينة عكر، للبحث في استجرار الكهرباء والغاز عبر سوريا، فلاقى الوفد الموافقة، وهو ما حصل أيضاً في الحكومة الحالية، التي أوفدت وزير الطاقة وليد فياض ورحبت به سوريا، وأرسلت وزير الطاقة غسان الزامل الذي وقع مع زميليه الاردني واللبناني على اتفاق استجرار الكهرباء من الاردن.
وتم التركيز خلال الزيارة على موضوع النازحين السوريين الذي كان التيار ورئيــــسه أول من حذر بأنه سيشكلون عبئاً على لبنان، فاتهم بالعنصرية، يقول دسوم، ومن اتهمه من أطراف سياسية لبنانية اصبح يتحدث عن النازحين وضرورة عودتهم الى مناطق آمنة، وهذا ما كان موضع نقاش مع المسؤولين السوريين الذين أبدوا كل تفهم، كما يؤكد دسوم الذي يرى بأن المشكلة ليست في ســوريا، بل عند الأمم المتحدة ومن يقف وراءها.