الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / لبنان يرصد الديبلوماسية المحمومة وسط الاحتدام… ذكرى لقمان: العدالة غائبة مع التحقيقات المشلولة

لبنان يرصد الديبلوماسية المحمومة وسط الاحتدام… ذكرى لقمان: العدالة غائبة مع التحقيقات المشلولة

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة النهار

 مع أن المعالم النهائية للمحاولة الجارية للتوصل إلى تسوية لتبادل إطلاق الأسرى والسجناء بين إسرائيل و”حماس” من شأنها أن ترسي وقفاً للحرب في غزة، ولو لفترة موقتة، لم تتبلور بعد ولم تفض الجهود الديبلوماسية في شأنها بعد إلى اتفاق ناجز، فان لبنان بدا معنياً بجانب أساسي من هذا المشهد أقله لجهة ترقبه مسار التحركات الديبلوماسية الكثيفة الجارية والتي تتركز على وقف الحرب في غزة والمواجهات الميدانية عند الحدود الجنوبية للبنان التي عرفت تصعيداً عنيفاً أمس. وبدا لافتاً تراجع موجة الكلام بل الأصح الرهانات على التحركات والمواقف المتعلقة بالأزمة الرئاسية بعدما بدا مؤكداً أن تضخيماً كبيراً وغير دقيق في دلالاته حصل حيال اللقاءين اللذين عقدهما سفراء المجموعة الخماسية أولاً في دارة السفير السعودي ومن ثم في عين التينة وتحول هذا التضخيم إلى مادة تراشق بالاتهامات داخلياً بين جهات معارضة والرئيس نبيه بري على خلفية اتهام الأخير بتعطيل مسعى السفراء، وكل هذا المنحى دار في دوامة أعادت التوترات السياسية الداخلية إلى نقطة الصفر من دون أي أفق واضح وحقيقي حيال مسار المرحلة المقبلة.

ولذا عادت الاهتمامات تتركز على رصد الحركة الديبلوماسية المحمومة الجديدة التي انطلقت في اتجاه المنطقة والتي يشكل لبنان جزءاً اساسياً منها. إذ يبدو لافتاً أنه بعد جولة وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في المنطقة تتزامن جولات جديدة لكل من وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن الذي يبدأ جولته الخامسة منذ اندلاع حرب غزة، ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في أول جولة له في المنطقة بعد تعيينه في منصبه، وكذلك كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين الذي يتوقع ان يكون له تحرك مكوكي جديد بين إسرائيل ولبنان. واذا كان لبنان ليس مشمولاً بجولة بلينكن فيما ستشمله جولة سيجورنيه فان تحرك هوكشتاين يشكل الدلالة الحاسمة على ان عودة الاستقرار على الحدود اللبنانية الإسرائيلية يشكل واقعياً أولوية أميركية لا لبس فيها.

في غضون ذلك، برز في المواقف الداخلية انتقاد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط “الجمود الذي يصيب الواقع السياسي المُعاش”، معتبراً “أننا بتنا بحاجة إلى معجزات، للخروج من التعطيل المستوطن، والذي يحول دون أي تقدم يحرّك الملفات الأساسية، لا سيما الاقتصادية والاجتماعية والحياتية، في ظل ما يلوح في أفقها من شبح تعاظم الأزمات والضغوط على نحو اكبر”. وقال “حركة الموفدين وغيرها على أهميتها، يجب أن تتوافق مع مبادرات داخلية، لكسر هذا الجمود لا سيما على المستوى الرئاسي، وضرورة أن نعي جميعاً أن الحالة الانتظارية الطويلة تزيد من تقهقر البلد وتفكك مؤسساته”.

 

التصعيد الميداني

أما في الواقع الميداني، فاستمر أمس التصعيد الإسرائيلي على وتيرته وأدّت غارة إسرائيلية مساء على الطيبة حيث دمر منزل إلى سقوط ثلاثة شهداء. واطلق الجيش الإسرائيلي قذائف المدفعية الثقيلة على أطراف بلدات الناقورة ويارين والجبين والضهيرة وعيتا الشعب وشيحين ووادي حامول في القطاع الغربي وعلى أطراف بلدة عيتا الشعب في القطاع الأوسط . كما شن الطيران الحربي غارة استهدفت المنطقة الواقعة ما بين شيحين وام التوت وغارة بالصواريخ على أطراف بلدة مروحين. كما شن بعد الظهر غارة على أطراف بلدة عيتا الشعب من جهة بلدة القوزح في قضاء بنت جبيل، ملقياً عدداً من صواريخ جو- أرض على المنطقة المستهدفة، ثم تبعتها غارة جوية مماثلة مستهدفاً أطراف بلدة يارون. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن “مقاتلات سلاح الجو أغارت على أهداف تابعة لحزب الله في الأراضي اللبنانية”، مضيفاً: “قصفنا مقر قيادة عسكريا لحزب الله في منطقة يارون”.

وأفيد بأن مسيرة اسرائيلية شنت غارة على بلدة يارون في قضاء بنت جبيل، مطلقة صاروخاً موجهاً باتجاه الأحياء السكنية فيها. وبعد أقل من ساعة، جدّدت المسيرة الإسرائيلية عدوانها واطلقت صاروخاً موجّهاً باتجاه يارون ايضاً. وتزامن ذلك مع قصف مدفعي معاد طاول بلدتي علما الشعب والضهيرة في قضاء صور ومحلة الخريبة في أطراف راشيا الفخار في منطقة العرقوب. كما استهدف القصف الإسرائيلي بالقذائف الثقيلة أطراف بلدتي راشيا الفخار وكفرحمام قضاء حاصبيا. وتوسع ليشمل أطراف بلدتي الفرديس والهبارية. وأفيد اأضاً عن تعرض منطقة اللبونة في الناقورة لقصف متقطع، كما قصفت المدفعية الإسرائيلية أطراف علما الشعب المعروفة بنقطة 44.

 

في المقابل، أعلن “حزب الله” أنه استهدف قاعدة خربة ماعر بالأسلحة المناسبة. كما استهدف موقع السماقة في مزارع شبعا المحتلة وحقق فيه إصابات مباشرة، وكذلك استهدف موقع الرمثا في مزارع شبعا. ومساء أعلن الحزب انه “ردّاً على الاعتداءات الإسرائيلية على القرى والمنازل المدنية وآخرها في عيتا الشعب ويارون استهدف مستعمرة أيفن مناحم وحقق فيها إصابات مباشرة”. كما استهدف تجمعاً للجنود الإسرائيليين في تلة الكوبرا.

وردّ نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم على تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي بالاستمرار في إطلاق النار على الجبهة الشمالية حتى لو تم التوصل إلى تسوية في غزة فقال : “نسمع بعض الإسرائيليين المسؤولين يقولون إنَّهم لن يتوقفوا عن الحرب حتى لو توقفت في غزة! وعلى مهلكم، من قال أنَّنا ننتظر منكم أن تتوقفوا أو لا تتوقفوا؟ نحن في الميدان إن اعتديتم ردينا عليكم، وإن وقفتم جانباً ندرس كيف نتصرف مع هذا الوجود بالطريقة المناسبة، وإذا فكرتم بإعادة المستوطنين بتصعيد الحرب، فهذا يعني أنَّكم تفقدونهم أي أمل بالعودة، لأنَّه كلما ازدادت الحرب يعني أنَّ إمكانية عودة المستوطنين ستصبح أعسر”.

 

ذكرى لقمان

 

وسط هذه الأجواء أحيت أمس “مؤسسة لقمان سليم” وعائلته، بالتعاون مع “مركز أمم” للأبحاث والتوثيق و”دار الجديد”، الذكرى السنوية الثالثة لاغتيال الكاتب والناشط السياسي لقمان سليم، في “مركز مينا للصورة”، بحضور ديبلوماسي وسياسي وإعلامي حاشد ، ومشاركة سفيرَي فرنسا والولايات المتحدة في بيروت. وتخلّل الذكرى عدد من المداخلات للحضور: زوجة سليم مونيكا بورغمان وشقيقته رشا الأمير، الوزيرة السابقة والإعلاميّة مي شدياق، النائب والوزير السابق مروان حمادة، الصحافي مكرم رباح، نايلة بجّاني زوجة المصوّر جو بجّاني، محامي عدد من الضحايا أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان محمّد مطر، الأمين العام للكتلة الوطنية ميشال حلو، والنواب جورج عقيص، الياس حنكش، مارك ضو، ميشال معوّض، النائبَان السابقَان فارس سعيد ومصطفى علوش.

 

ولا تزال التحقيقات في اغتيال لقمان سليم تراوح مكانها والعدالة غائبة.

وقالت امس “هيومن رايتس ووتش” في المناسبة أن السلطات اللبنانية لم تحرز أي تقدم يُذكر في تحقيقها القضائي في القتل. في تشرين الثاني 2023، تقاعد قاضي التحقيق شربل أبي سمرا، الذي كان يشرف على هذا التحقيق. وبحسب عائلة سليم، لم يستجوب أبي سمرا إلا ثلاثة شهود رغم استمرار التحقيقات لأكثر من عامين بحلول تقاعده. العديد من الأشخاص الذين استدعاهم القاضي لم يحضروا الاستجواب. في كانون الأول 2023، استلم قاضي تحقيق بيروت بلال حلاوي القضية، وحُددت الجلسة الأولى في 6 شباط.

 

وأضافت المنظمة: “ينبغي لسلطات التحقيق والادعاء في لبنان متابعة الأدلة الأساسية التي جمعتها المخابرات والأجهزة أخرى. ينبغي لها استدعاء جميع الشهود على القتل والحاضرين في مسرح الجريمة أو قربها واستجوابهم”. وخلصت الى أن “لبنان لن يتمكن من جبه مشكلة الإفلات من العقاب المستمرة منذ عقود إلا بضمان العدالة للقمان سليم وضحايا الجرائم السياسية أخرى”.