الرئيسية / آخر الأخبار / الاكتئاب وسلوكيات الأكل لدى النساء

الاكتئاب وسلوكيات الأكل لدى النساء

مجلة وفاء wafaamagazine

تتنقل النساء في عالم معقّد تتشابك فيه توقعات المجتمع والحقائق البيولوجية والخبرات الفردية. وهذا التعقيد واضح بشكل خاص عند النظر إلى العلاقة المتبادلة بين الاكتئاب وسلوكيات الأكل. وقد سلّطت الدراسات الضوء على هذا الرابط المهمّ، كاشفةً عن علاقة بين الصحة العقلية والجسدية تتطلّب اهتمامنا.

 


لماذا النساء أكثر عرضة؟

النساء أكثر عرضةً للإصابة بالاكتئاب واضطرابات الأكل مقارنةً بالرجال إحصائيًا. ينبع هذا الخطر من تلاقي مجموعة من العوامل. يمكن لتقلّبات الهرمونات خلال الدورة الشهرية والحمل وفترة ما قبل انقطاع الطمث أن تؤدي إلى تقلّبات المزاج وتساهم في الاكتئاب. ويمارس الضغط المجتمعي حول صورة الجسد ومعايير الجمال تأثيرًا غير متناسب على النساء، مما يدفعهن إلى ممارسات غذائية غير صحية لتحقيق صورة مثالية غير واقعية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لتوقعات المجتمع من النساء كحاضنات ومُقدّمات الرعاية، أن تزيد من الضغوط وتغذّي أعراض الاكتئاب.

الاكتئاب: وقود اضطرابات الأكل؟

يرسم البحث صورة واضحة: يزيد الاكتئاب بشكل ملحوظ من خطر الإصابة باضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية العصبي والشره العصبي واضطراب نهم الطعام. وجدت إحدى الدراسات التي أجراها راتشوبينسكا وآخرون (2023) ارتباطًا إيجابيًا بين شدّة الاكتئاب وكلاً من الأكل غير المنضبط والسيطرة المعرفية على الأكل لدى النساء. وهذا يشير إلى أنّ أعراض الاكتئاب يمكن أن تؤدي إلى كل من الإفراط في الأكل والسلوكيات الغذائية التقييدية، ما يسلّط الضوء على الطبيعة متعددة الأوجه للعلاقة.

 

آليات العلاقة:

تشرح عدة آليات كيف يغذّي الاكتئاب اضطرابات الأكل. يمكن للمشاعر السلبية المرتبطة بالاكتئاب أن تؤدي إلى الأكل العاطفي، حيث يتمّ البحث عن الطعام كآلية للتعامل مع المشكلات. وقد يؤدي هذا إلى دورة من الشعور بالذنب والعار، مما يُخلّد أنماط الأكل المضطربة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للاكتئاب أن يُضعف الوظيفة الإدراكية، ويؤثر على اتخاذ القرارات والتنظيم الذاتي، مما يجعل من الصعب الحفاظ على عادات الأكل الصحية. علاوة على ذلك، يمكن لبعض الأدوية المستخدمة لعلاج الاكتئاب أن يكون لها آثار جانبية مثل تغيّرات الشهية، مما قد يساهم في اضطرابات الأكل.

 

ما وراء الفرد:

من الضروري إدراك أنّ هذه العلاقة موجودة ضمن سياق مجتمعي أوسع. إنّ تطبيع الحميات الغذائية التقييدية، وهوس فقدان الوزن، والقصف المستمر بمعايير الجمال غير الواقعية كلها تساهم في ثقافة تغذي كل من الاكتئاب واضطرابات الأكل.

 

كسر الدورة: نهج شامل

معالجة هذا الرابط المعقّد يتطلب نهجًا متعدد المحاور. أولاً، يعدّ التعرف على علامات وأعراض كل من الاكتئاب واضطرابات الأكل أمراً بالغ الأهمية.

اولاً، يمكن للتدخّل المبكر منع التصعيد وتحسين النتائج على المدى الطويل.


ثانياً، يمكن لتعزيز التعاطف مع الذات وقبول الجسد من خلال ممارسات اليقظة والعلاج النفسي تمكين النساء من تحرير أنفسهن من الأفكار المقيّدة.

ثالثًا، يمكن معالجة الضغوط المجتمعية من خلال التوعية والمدافعة لخلق بيئة أكثر داعمة للصحة العقلية والجسدية.

 

نظرة إلى المستقبل:

انّ فهم العلاقة بين الاكتئاب وسلوكيات الأكل لدى النساء أمر بالغ الأهمية لتعزيز صحتهن العقلية والجسدية. ومن خلال تفكيك المعايير المجتمعية الضارة، وتوفير تدخّلات شاملة ويمكن الوصول إليها، وتمكين النساء من إعطاء الأولوية لرفاهيتهن، يمكننا كسر هذه الدورة وخلق مستقبل صحي للجميع.