
مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت منال زعيتر في “اللواء” :
تقول احدى الروايات التي تسرّبت من كواليس مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الفائت، أن حزب الله، عند توقيع الاتفاق، لم يكن راضيا عنه، بل «تجرّع سمّه مكرهاً»، بعدما أبلغه الرئيس نبيه بري أن لا إمكانية لمواصلة الرفض، حرصاً على البيئة الشيعية، وتفادياً لانفجار داخلي أو تصعيد للعدوان قد يطال كل لبنان وليس الضاحية والبقاع والجنوب.
اليوم، يبدو أن الحزب يواجه معضلة مشابهة، ولكن أكثر خطورة، فالمطلوب هذه المرة سلاح الحزب وكل ما يمثله من قوة ردع في وجه العدو الإسرائيلي، في إطار مشروع أميركي سوّق له المبعوث الخاص توماس باراك، تحت عنوان «خطوة مقابل خطوة»… ولكن ما لا تعلمه واشنطن ان طرحها بصيغته الحالية أصبح بحكم الساقط، إذ تفيد معلومات موثوقة من مصادر قيادية في «الثنائي الوطني» أن الطرح بصيغته الحالية مرفوض كلياً، ويُنظر إليه على أنه فخ سياسي محكم، يُراد من خلاله جرّ الحزب إلى تقديم تنازلات مجانية، مقابل وعود فضفاضة يصعب الوثوق بآليات ضمان تنفيذها، خاصة في ظل غياب الثقة بالجهات الدولية الضامنة ونوايا العدو الإسرائيلي.
في المقابل، يتمسّك الثنائي بمقاربة مبدئية وواضحة: تنفيذ جميع البنود المطروحة بالتوازي، لا على قاعدة التدرّج أو البدء من الجانب اللبناني، ويُشدّد على أن أي نقاشاً يجب أن يكون منسجماً مع حماية السيادة اللبنانية وعدم التفريط بها.
وسط هذا التجاذب، كشفت المصادر عن صيغة «وسطية» يجري تداولها بعيداً عن الأضواء، وتقوم على اعتماد طرح الحل «المتوازي» الذي سيتم تنفيذه على مراحل:
المرحلة الأولى: تشمل انسحاب جيش العدو الإسرائيلي من النقاط الخمس والبدء الفوري بإعادة إعمار الجنوب، بالتزامن مع إصدار الحكومة اللبنانية بياناً يؤكد على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة، ولكن من دون تحديد مهلة زمنية أو فرض شروط.
المرحلة الثانية: ترتبط بعملية ترسيم الحدود البرية مع فلسطين المحتلة، وانسحاب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانية المتبقية، بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بالتوازي مع فتح حوار داخلي جديّ حول الاستراتيجية الدفاعية وآلية تطبيقها… وبين هاتين المرحلتين، ثمة نقاط سياسية سيجري تثبيتها في تفاهم داخلي جديد برعاية «عربية – إقليمية»…
وبحسب المصادر، فان هذا الطرح «المتوازي»، لا يزال قيد الدرس والتفاوض، ولم يبلّغ بشكل رسمي الى الإدارة الأميركية.
وتقول المصادر، انه على الرغم من الانفتاح النسبي لدى الثنائي على النقاش حول ملف السلاح، إلّا أن ثمة ثلاث إشارات لا يمكن تجاوزها لفهم كيفية مقاربة الثنائي وتحديدا حزب الله لهذا الملف:
الإشارة الأولى: جاءت خلال زيارة وفد من «حزب الله» إلى رئيس الجمهورية جوزيف عون لتهنئته بعيد المقاومة والتحرير، حيث طرح عون سؤالاً مباشراً حول مستقبل سلاح الحزب، فجاء جواب رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد واضحاً ومقتضباً: «نبحثه لاحقاً».
الإشارة الثانية : جاءت على لسان الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، الذي قال بوضوح إن «الحزب مستعد للمواجهة»، وهي عبارة لا يمكن الاستخفاف بها، خاصة في ظل وجود معلومات لا يمكن تأكيدها كما لا يمكن نفيها عن امتلاك الحزب صواريخ باليستية وفرط صوتية مماثلة لتلك التي أمطرت بها إيران إسرائيل في المواجهة الأخيرة.
الإشارة الثالثة : تتمثل في اللقاء الذي جمع أحد القيادات العسكرية اللبنانية البارزة مع ممثلين عن «الثنائي الوطني»، حيث جرى طرح إمكانية تسليم بعض الأسلحة الثقيلة التي يملكها الحزب إلى الجيش اللبناني كمخرج لتطبيق الطرح الأميركي، والرد كان بالرفض المطلق…
وبناء عليه، أكدت المصادر، ان أي محاولة لفرض مقاربة مجتزأة أو أحادية الجانب حول ملف السلاح مرفوضة بالمطلق ومحكومة بالفشل، مهما كانت النتائج أو الضغوطات التي ستمارس علينا، لأن الثابت الوحيد في موقف الثنائي هو صون السيادة الوطنية وعدم التفريط بعناصر القوة والردع التي يملكها لبنان.