الأخبار
الرئيسية / سياسة / المفتي قبلان: ما نخشاه أن يضيع البلد في ظل السياسة المتبعة وصراع المناصب المغلف بأنواع الفساد

المفتي قبلان: ما نخشاه أن يضيع البلد في ظل السياسة المتبعة وصراع المناصب المغلف بأنواع الفساد

مجلة وفاء wafaamagazine

وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة الجمعة، لهذا الأسبوع، معتبرا أن “الإيمان هو التزام وتفاعل مع القيم الإلهية، ولذلك ذم المولى سبحانه وتعالى من يتظاهر بالإيمان ويفعل خلافه، وهو معنى من معاني قوله تعالى (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين)، لأن أساس القضية عند الله كيف تكون مؤمنا بالقلب ومن ثم عاملا بما تؤمن، وإلا فإيمان بلا عمل كالرامي بلا وتر، لذلك في مدرسة آل محمد الإيمان “عقد بالقلب وعمل بالجوارح”. وعليه، أكدت النصوص على الإيمان العملي، إيمان الفعل والترك، كقوله: “المؤمن عفيف عن المحارم، عفيف عن المطامع”، لأن الموطن هنا موطن طاعة والتزام وسلوك، موطن عمل”.

وقال: “وعليه، كتعبير عن إيماننا، علينا الالتزام بالقيم الإلهية في كل شيء، بالهوى، والغريزة والوظيفة والسلطة والتربية والجيرة والعائلة والولد والأرحام، بل في كافة معاني السلوك الفردي والاجتماعي، فاتقوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه، وتزودوا وأكثروا من الزاد، وحصنوا أنفسكم بالطاعة، وتشددوا في أمر دينكم فإن القيامة ميزانها التقوى، فاتقوا الله إن الله سميع عليم”.

أضاف: “يوما بعد يوم، تتأكد حقيقة ما قلناه بأن هذا النظام ساقط، وكل ما يحكى عن إصلاح وتغيير في السلوك والذهنية السياسية ما هو إلا إيهام للناس، لأن ما نعيشه يظهر كم هذه الطبقة السياسية التي تعودت على المحاصصة والصفقات ونهب أموال الدولة والناس لا تزال على عينها، وليس واردا أن تتخلى عن فكرة “سياسة المصالح وتأمين المنافع” على حساب لقمة الناس وصحتهم”.

ورأى المفتي قبلان “ان الأوضاع من سيء إلى أسوأ، وما نخشاه أن يضيع البلد في ظل السياسة المتبعة وصراع المناصب المغلف بأنواع الفساد، طالما أن هناك من يفكر طائفيا ويتمسك بنظام، بدل أن يكون منطلقا لبناء دولة تكون في خدمة ناسها، نجده يكرس كل أنواع الطائفية والمذهبية، ويكاد بين الفينة والأخرى أن يعيد اللبنانيين إلى حروب أهلية لولا حكمة البعض وحرصهم على السلم الأهلي”.

وسأل: “من يقول ان المشكلة ليست في نظام الطائف لأنه لم يطبق، بل المشكلة في القيمين على هذا النظام وعلى المسؤولين عن تطبيقه: “وفق أي نظام تديرون البلد؟ وما هي المعايير الدستورية والميثاقية والتشاركية التي على أساسها تؤسسون لإعادة بناء الدولة التي تحفظ حقوق المواطن وتضع حدا لسياسة الزبائنية وتعيد ثقة المواطن بدولته التي بدونها لا يفكرن أحد بأنه سيكون هناك وطن ودولة؟ سيندم كل مسؤول وكل طامح وكل مستفيد من فلتان الأوضاع وتسيب المؤسسات وفلتان الدولار وكل محتكر ومتاجر بلقمة الناس، وسيكون الثمن باهظا على كل من تقاعس أو تواطأ أو تعامى عما حصل ويحصل الآن من تجاوزات في تطبيق القوانين والالتزام بآلية التعيينات التي تلغي الهيمنات السياسية، وتتيح لأصحاب الكفاءة والأهلية الوصول إلى المواقع التي يستحقونها”.

ورأى المفتي قبلان “أن لبنان بكل مآسيه بحاجة ماسة للتضامن السياسي والاقتصادي والنقدي، خصوصا من جانب الكيانات المالية، لأن التعويل على شهامة صندوق النقد الدولي هو خيار خاطئ، فضلا عن أنه فارغ، وفاقد الشيء لا يعطيه. ولذلك يجب على الحكومة اليوم قبل الغد أن تبادر وبسرعة للإنقاذ، لأن وضع الناس في القعر، ومخاطر البلد أصبحت كبيرة وهائلة، والجوع أصبح عاما في البلد. وعليه، المفروض في عمل الحكومة أن ينصب وبقوة في هذا الاتجاه فضلا عن محاربة الفساد والأوكار المافيوية، وإلا فإن البلد على حافة كارثة تاريخية ومصيرية ومدوية، وبالتالي لن يبقى صيغة ولا تاريخ ولا دستور ولا قانون ولا مؤسسة ولا إدارة”.

وفي ما يتعلق بأمن البلد وحماية الكيان اللبناني والشراكة الوطنية، جدد قبلان القول “وبالفم الملآن، لبنان قيمة أخلاقية ومشروع سياسي المفروض أن يكون في خدمة إنسانه وأهله، وهذه مشكلة بعض القوى العالمية المهيمنة التي تتعامل مع لبنان على طريقة التطويع باستغلال وضعه المالي والنقدي، لتغيير وظيفته السياسية والتي تشكل أساس ضماناته الوطنية. والأكيد عندنا وبضميرنا وبعقيدتنا وبوطنيتنا أن لبنان ككيان محفوظ، ومحمي، ومحرر، هو نتيجة الثلاثية الدفاعية جيش وشعب ومقاومة. لذلك المطلوب تحصين لبنان بثلاثيته الاستراتيجية ثلاثية تحريره وبقائه واستقلاله، خصوصا أن وجوده ككيان سياسي ومؤسسة ونظام وبلد ووطن هو رهن بهذه الثلاثية، ومن يريد تغيير الفساد عليه أن يطيح بالفساد ورجالاته، وليس بمن استرد لبنان ودولته ومؤسساته ليؤكد استقلال لبنان وكيانه التاريخي والوطني. وعلى البعض أن يتذكر أن وجود الدولة ككيان وأمن استراتيجي – وخاصة في الغرب – ارتبط دائما بالمقاومة الوطنية، مثال على ذلك المقاومة الفرنسية التي لم تكتف بتحرير فرنسا بل حكمت وتمكنت من السلطة وعلقت المشانق للخونة”.

ولفت الى أن “القضية هي كيف نحمي لبنان ونعزز استقلاله وليس كيف نبيع لبنان ونغير وظيفته الوطنية والدولية. فسلاح المقاومة يعني تحرير، سلاح المقاومة يعني انتصار بحجم وجود لبنان، سلاح المقاومة يعني هزيمة المحتل الإسرائيلي، سلاح المقاومة يعني حماية الاستقلال الثاني للبنان، سلاح المقاومة يعني دحر المشروع التكفيري والتدويل، سلاح المقاومة يعني لبنان قوي وآمن، يعني سلم أهلي وشراكة وطنية، يعني تاريخ مشترك بالدماء والتضحيات بين الجيش والشعب والمقاومة من أجل لبنان، فقط من أجل لبنان، سلاح المقاومة يعني حرس وطني استراتيجي مقاوم حسم وجود وقوة واستقلال لبنان، ولا شك أن أي خطأ استراتيجي في هذا الموضوع يعني محاولة البعض اللعب كدور المرتزق العميل لصالح عدو لبنان، إسرائيل، وبالتالي هو يصر على لبنان الملعب، لا لبنان الدولة والوطن والرؤية”.