الأربعاء 10 تموز 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
الجو السياسي المتوتر منذ جريمة البساتين (قبرشمون) في الثلاثين من الشهر الفائت، لا يزال على حاله. لا حلول في الأفق. وطرفا الخلاف، أي التيار الوطني الحر والحزب الديموقراطي من جهة، والمستقبل والاشتراكي من جهة أخرى، يتمسكان بموقفيهما بشأن إحالة الجريمة على المجلس العدلي، كما يتمسكان بسقوفهما العالية، التي تزيد من صعوبة التراجع عنها.
أما الرئيس سعد الحريري، فأبلغ الرئيس ميشال عون، عبر الوزير غطاس خوري، أنه يجب فصل العمل الحكومي عن هذه الأزمة بسبب الاستحقاقات، وأنه لن يطرح مسألة المجلس العدلي على جدول الأعمال، إذ تبين أن هذا الأمر سيحدث انقساماً كبيراً في الحكومة، حتى لو قبِل الحريري بطرحه. كذلك فإن الاحتمال الذي صار مرجحاً هو في تعادل الأرقام بين الطرفين، علماً أن رئيس الجمهورية رفض طرح الرئيس نبيه بري إحالة الأمر على المحكمة العسكرية، وأن يقوم رئيس الجمهورية برعاية تهدئة بين جميع الأطراف، لأن الوضع لا يحتمل انقسام البلد في ظلّ الظروف الضاغطة.
ومقابل إصرار عون على إحالة القضية على المجلس العدلي، يدرك الاشتراكي أنّ سيناريو كهذا سيكون بمثابة الخط الأحمر الذي يُسهم في انسحابه من الحكومة، لاعتباره أن “مسألة من هذا النوع ستصبح في المستقبل مادة للابتزاز وتركيب الملفات”. ولذلك شبهها وزير الصناعة وائل أبو فاعور بـ”سيدة نجاة” جديدة. مع ذلك، فإن مساعي بري لعقد لقاء بين عون وجنبلاط لا تزال مستمرة.
عملياً، ليس هناك من مخارج، حتى الآن والجميع في أزمة. الحريري لا يمكن أن يقبل بالمجلس العدلي ضد جنبلاط، وفي الوقت نفسه لا يمكنه كسر موقف رئيس الجمهورية. حزب الله يريد دعم أرسلان، لكنه أيضاً لا يريد تفجير الحكومة. عون بدوره رفع سقف مطلبه، لكنه لا يريد تفجير الحكومة أيضاً. فيما يقوم جنبلاط بنشاط واسع، عربياً ودولياً، وهو تواصل مع سفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا لحشد مظلة حماية في وجه ما يسمّيه حرب العهد عليه.
وبالرغم من إدراكه أن الحريري لن يوافق على طرح إحالة القضية على المجلس العدلي، إلا أن تكتل لبنان القوي أعلن، أمس، أن “مسألة المجلس العدلي تعود إلى مجلس الوزراء المعني بمرسوم الإحالة، توصيفاً للحدث الأمني الدامي والخطير بتعريض حياة وزير في الحكومة للقتل وسقوط ضحايا والنيل من هيبة الدولة وبثّ الخوف في نفوس الناس وتعريض الأمن للخطر”.
في هذا الوقت، أعاد رئيس الحكومة، أمس، التأكيد أنه لن يدعو إلى “عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل أن يهدأ الجميع”، وقال: “خليهم يروقوا على الناس وعلى البلد”، وهو موقف أراد الحريري منه أن يؤكد أن قرار انعقاد الحكومة لا يزال في يده، وأن إفقاد العونيين لنصاب الجلسة الأخيرة ليس أمراً عابراً.
أضف أن ربط الحريري عودة الحكومة إلى الاجتماع بـ”الرواق” إنما شكّل دعوة للهدوء، خاصة على جبهة العونيين والاشتراكيين، الذين سجلوا أمس تراشقاً كلامياً جديداً، بدأ من اجتماع تكتل لبنان القوي، وانتقل إلى منصات التواصل الاجتماعي مع ردود الاشتراكيين. ونقل الوزير سليم جريصاتي عن الوزير جبران باسيل، بعد اجتماع التكتل، أن “بكائيات بعض مقاربات وزراء الحزب الاشتراكي ونوابه من سيدة النجاة ومصالحة الجبل والإقصاء وتحجيم المأزوم وما شابه لا تنطلي على أحد، وعلى كل فهي لم تمنع ولن تمنع أن يكون للدولة الكلمة الفصل في كل مفاصل الأزمة وارتكاباتها”.
أما الرد فجاء عبر تويتر على لسان النائب هادي أبو الحسن ومفوض الإعلام في الحزب التقدمي رامي الريس، فأشار الأول إلى أن “بين البكاء والضحك تناقضاً يعيشه اللبنانيون في أيامكم. بكاء على دولة تترنح بفعل سياساتكم الكارثية، بكاء على أمل يتبدد بسبب مواقفكم الاستفزازية، وبكاء على نسيج يتمزق بفضل خطاباتكم الغرائزية، فلن تنجحوا”. أما الثاني، فقال إن “من “جرصات” الوضع الحالي أن يحاضر في مشروع الدولة من عطّلها، تارة لتوزير راسب في الانتخابات وطوراً لاحتلال كرسي”.
المصدر: الأخبار