مجلة وفاء wafaamagazine
«اكتشف» وزير الزراعة أن لا علاقة بين غلاء سعر لحوم الأغنام والتصدير
آمال خليل
في موسم عيد الأضحى الحالي، أعلنت قطر عن استيرادها للماشية بقيمة 49 مليون دولار من دول عدة، منها «الخراف السورية عبر لبنان» كما ورد في تقارير إعلامية. التصدير الذي يتم بإشراف وزارة الزراعة، لم يفلت من تغريدة لافتة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الأربعاء الماضي انتقد فيها «وزارة الذئاب التي، وفيما البلاد على وشك الإفلاس والمجاعة، تقرر تصدير الغنم من أجل الأضاحي بالتحديد لإفادة بعض التجار على حساب المواطن الفقير».
بصرف النظر عن دوافع قصف جنبلاط لجبهة وزير الزراعة عباس مرتضى المحسوب على حليفه الرئيس نبيه بري (أشيع بأنه ردّ على إقالة موظف محسوب عليه في الوزارة)، لكن هل يهدد تصدير الغنم الأمن الغذائي المحلي، ولا سيما أن المواشي الحية والأبقار الحلوب والماعز والأغنام الحلوب جزء من السلة الغذائية المدعومة؟ فكيف يمكن دعم استيراد المواشي الحية وفي الوقت نفسه السماح بتصديرها؟
«تصدير الغنم العواسي لا يؤثر على الأمن الغذائي، بل يدخل عملة صعبة إلى لبنان ومن مصلحتنا التعاون مع قطر». هكذا دافع وزير الزراعة عباس مرتضى عن قراره بالسماح بتصدير المواشي الحية إلى قطر في حديث إلى «الأخبار».
لم يكن مرتضى أول وزير يسمح بالأمر. في عام 2002، كان وزير الزراعة الأسبق علي عبد الله أول من أصدر قراراً بالموافقة على «تصدير المواشي واللحوم، منها الماعز البلدي الرعوي، واستثنى الماعز الشامي والغنم العواسي». القرار الذي حمل الرقم 231، ظل سارياً حتى عهد وزير الزراعة الأسبق أكرم شهيب الذي أعاد عام 2014 تنظيم آلية التصدير «نظراً إلى الظروف الطارئة المتمثلة بتدفق الأغنام السورية الى لبنان والضغوط الكبيرة التي تسبّبها للمراعي اللبنانية»، لمدة سنة قابلة للتجديد. وربط التصدير «بإجازة مسبقة من الوزير»، سامحاً بتصدير المواشي على أنواعها، منها ذكور الأغنام المخصصة للذبح والماعز البلدي الحرجي وحظر تصدير الماعز الشامي.
لكن مصدراً في الوزارة لفت إلى أن الوزراء المتعاقبين في السنوات العشر الأخيرة «انتهجوا إصدار موافقات استثنائية لبعض المصدرين تسمح لهم بالتصدير. قبل أن يقرر وزير الزراعة السابق حسن اللقيس بداية العام الجاري كسر احتكار الأذونات الخاصة وتعميم الموافقة على كل من يرغب من شركات التصدير المستوفية الشروط». قرار اللقيس الذي كان سارياً حتى نهاية العام الجاري، كسره خلفه مرتضى في نيسان الماضي عندما جمّد العمل بمنح أذونات لتصدير المواشي «في ظل الظروف الراهنة وحفاظاً على الأمن الغذائي»، كما جاء في نص القرار. لم يدم اقتناع الأخير بتلك المبررات لأكثر من أسبوعين. في 5 أيار الماضي، تراجع عن التجميد وقرر منح استثناء لأذونات تصدير المواشي الحية. فما الذي تغير؟
«في عام 2010، وافق (الوزير الأسبق) حسين الحاج حسن على التصدير لقطر قبل أن يواصل خلفاؤه النهج ذاته، من ضمنهم شهيب»، قال مرتضى. وبما أنه وزير الزراعة الأول في زمن «المجاعة» الحديث، قرر وقف التصدير «لحماية الأمن الغذائي ولعدم المسّ بحاجة السوق المحلي». لكن مرتضى سرعان ما اكتشف بأن لا ارتباط بين الغلاء والتصدير. «عدم التصدير لن يشجع الناس على شراء اللحوم، بل ارتفاع أسعارها بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار هو ما يعيق قدرتها الشرائية على استهلاك لحوم المواشي». يستدرك مرتضى قائلاً في معرض حديثه عن أسباب عودته عن قرار المنع بأن «الحكومة القطرية تواصلت مع رئيس الحكومة حسان دياب، طالبة منه استكمال العمل بالاتفاقية السارية منذ سنوات بتصدير الغنم إليها في موسم الأضاحي».
استجاب مرتضى لتمنّي دياب. لكن ما هي الأغنام التي تصدّر؟ «الغنم العواسي المنتشر بكثافة في المراعي بين جرود لبنان وسوريا يصدر منه حوالى 40 ألف رأس ماشية إلى قطر». يفاخر مرتضى بإدخال دولارات إلى لبنان في ظل الوضع الراهن.
لكن مصادر مطلعة تلفت إلى أنّ كلفة استيراد العلف والأدوية البيطرية للمواشي المعدّة للتصدير، ترتّب خسائر في مخزون العملة الصعبة ربما تتجاوز العملة الصعبة التي يتم إدخالها الى لبنان بفعل تصدير هذه الأغنام.
في حديث إلى «الأخبار»، لا يلمس رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو ضرراً كبيراً على حجم الاستهلاك المحلي بنتيجة تصدير الغنم إلى قطر. «الغنم ليس متوافراً في لبنان، بل نستورده لأن الغنم المحلي لا يكفي حاجة السوق». هذا في الأيام العادية. لكن في الوقت الراهن، «معظم الناس ليس بمقدورهم شراء لحم الغنم، سواء وجد أو فقد من السوق».
على صعيد متصل، شائعات عدة حامت حول المستفيدين من التصدير، فضلاً عن الاتهام الذي ساقه جنبلاط في تغريدته «لبعض التجار على حساب المواطن الفقير». لكن مرتضى ينفي الاحتكار، متحدياً «من تقدم من الشركات المستوفية الشروط للمشاركة بالتصدير، ولم نوافق!». لكن الثابت، وفق عدد من تجار المواشي، أن التصدير إلى قطر «تسبّب برفع سعرها أكثر في السوق المحلي».