مجلة وفاء wafaamagazine
إعتبر تقرير نشرته وكالة رويترز انه «بات من الممكن الآن أن ينكمش الاقتصاد اللبناني، المُنكمش بالفعل منذ ما قبل الانفجار الذي دمّر ميناءه الرئيسي، بضعفي المعدل المتوقّع سابقاً للعام الحالي، مما سيزيد في صعوبة تدبير التمويل الذي يحتاجه البلد للوقوف على قدميه من جديد».
في تفاصيل التقرير، يقول الاقتصاديون إنّ انفجار المرفأ، الذي ألحق أضراراً بأجزاء كبيرة من المرافق التجارية لبيروت، قد يُفضي إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي حوالى 20 إلى 25 في المئة هذا العام – ليتجاوز بكثير توقّعاً حديثاً من صندوق النقد الدولي لتراجع نسبته 12 بالمئة بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية المتفاقمة.
وتشير تقديرات المسؤولين اللبنانيين إلى أنّ الخسائر الناجمة عن الانفجار، الذي أودى بحياة 150 شخصاً وأصاب الآلاف فضلاً عن تشريد عشرات الآلاف، قد تصل إلى مليارات الدولارات.
ويقول المحللون إنّ الانفجار يسلّط الضوء على إهمال الإدارة اللبنانية، ويفرض مزيداً من الضغوط على الحكومة للتعجيل بالإصلاحات كي تحصل على المساعدة الضرورية لإعادة بناء الاقتصاد. ورغم إبداء التعاطف الواسع مع لبنان هذا الأسبوع، فقد لوحظ غياب أيّ التزامات بتقديم المساعدة حتى الآن، عدا عن الدعم الإنساني الطارئ.
وقال جيسون توفي، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في «كابيتال إيكونوميكس»: «من المستبعد للغاية أن يتمكّن لبنان من تدبير التمويل الذي يحتاجه للتغلب على مشاكله الاقتصادية العميقة. بعض الشركاء قد يبدون تردداً في تقديم الدعم نظراً للدور المؤثر لـ«حزب الله» المدعوم من إيران داخل الحكومة اللبنانية».
وكانت الأزمة المالية اللبنانية قد بلغت مرحلة حرجة في تشرين الأول الماضي في ظل تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال واندلاع احتجاجات ضد الفساد وسوء الإدارة، بينما دفعت أزمة في العملة الصعبة البنوك لفرض قيود صارمة على سحب السيولة وتحويل الأموال إلى الخارج.
ويتوقع الاقتصاديون مزيداً من التآكل في القوة الشرائية للعملة، التي فقدت نحو 80 بالمئة من قيمتها منذ تشرين الأول وسط تضخم فلكي يتجاوز 56 بالمئة، بما يؤجّج التوترات الاجتماعية. ويقول الاقتصاديون إنّ الإصلاحات الأشد إلحاحاً التي يجب تطبيقها لاستئناف المحادثات مع صندوق النقد تشمل معالجة عجز الميزانية الجامح وتنامي الديون والفساد المزمن.
وقال باترك كوران، كبير الاقتصاديين بشركة تِليمر للأبحاث في بريطانيا: «نرى أنّ الانفجار قد يؤخر عملية الإصلاح في ظل محاولة الحكومة التنصّل من المسؤولية، مما سيؤدي إلى تآكل رأس المال السياسي الضروري لإجراء إصلاحات صعبة، لكنّ الحاجة تشتد إليها».
ويقول رجال الأعمال والاقتصاديون إنّ الميناء – أحد أكبر موانئ شرق المتوسط والذي تتوجّه 40 بالمئة من شحناته العابرة إلى سوريا ومنطقة الشرق الأوسط – فقدَ بالفعل إيرادات وأعمالاً منذ الانفجار لصالح موانئ منافسة مع قيام شركات النقل البحري بتحويل اتجاه شحنات.
وقال جواد العناني، الاستشاري الاقتصادي الإقليمي والوزير الأردني السابق: «إتّضح أنّ الميناء هو نقطة ضعف (لبنان).. الاعتماد عليه كان أكبر مما ينبغي، لذا عندما لحقه الدمار اتّضَح أنه كان كعب أخيل».
فتح ديفيد سابيلا مطعماً إيطالياً وحانة قبل 18 شهراً في منطقة الجميزة القريبة من الميناء، وقد تحطّم كليهما في الانفجار. وبعد أن حلّت الكارثة قال: «الحكومة لازم ترحمنا».
ولن تفضي التوترات السياسية المتصاعدة منذ الانفجار إلّا لمزيد من التدهور وتعقد جهود تسريع الإصلاحات، مما يدفع البلد صوب مستقبل مجهول.
يقول كمال حمدان، مدير مؤسسة البحوث والاستشارات في بيروت: «النظرة المستقبلية تبعث على الاكتئاب في ظل الصراعات الدائرة بين طبقة سياسية غير متوافقة على سبيل للخروج من الأزمة وغير مستعدة لتناول الدواء المر».