الجمعة 26 تموز 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
كان ينقص التعقيدات التي تسببت بشل مجلس الوزراء منذ ثلاثة أسابيع نشوء عقدة طارئة اضافية، فجاءت من خلال خطر تعليق نشر قانون الموازنة الذي، إذا لم يترك يستكمل مساره القانوني والنيابي، سيعيد خلط أوراق داخلية من جهة والمغامرة بتحرك اللحمة والسوداء لخليط عجيب من جهة أخرى. واذ علقت الموازنة منذ 48 ساعة تحت وطأة “اكتشاف” مادة أثارت الجدل والاجتهادات في إمكان ان يجمد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نشرها أولاً ومن ثم بت مصيرها كلا بعد ايجاد مخرج للعقدة الطارئة التي لم يقتنع أفرقاء بوجاهة الاسباب المبررة لتعليق نشرها.
ولعل المشهد السياسي والحكومي زاد غموضاً على غموض وتعقيداً على تعقيد بعدما خرج رئيس الوزراء سعد الحريري من قصر بعبدا أمس من غير ان يسهب كعادته في التصريح وشرح الاوضاع تفصيلاً. وبدا واضحاً ان محوري التعقيدات يتمثلان بملف إحالة حادث قبرشمون على المجلس العدلي وملف تأخير نشر الموازنة. “تفاءلوا بالخير تجدوه”، هي العبارة التي لم يجد غيرها الرئيس الحريري عند مغادرته القصر، ليعبر عن ضيقه بالمأزق المفروض عليه جراء مطالبته بإدراج احالة حادث قبرشمون على المجلس العدلي. فهو خرج من اجتماعه مع رئيس الجمهورية غير قادر على الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، ولا على تجاوز مطلب الاحالة والا دفع حكومته الى هاوية الانقسام والاصطفاف الحادين.
وفي المعلومات القليلة المتوافرة عن الاجتماع، انه اتفق على إعطاء فرصة اضافية هذا الأسبوع للاتصالات بحثاً عن حل توافقي يتيح عقد جلسة مريحة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل. وثمة معلومات عن اتجاه شبه نهائي لدى الرئيس الحريري الى الدعوة لهذه الجلسة الاسبوع المقبل، على ان يتفق على زمانها ومكان انعقادها في بعبدا أو في السرايا مع الرئيس عون.
كما علم ان الرئيس نبيه بري كان أوفد معاونه الوزير علي حسن خليل الى خلدة قبل الظهر حيث التقى النائب طلال أرسلان وسعى الى إقناعه بطرح احالة حادثي البساتين والشويفات على المجلس العدلي، لكن ارسلان رفض ذلك كلياً، وتمسك بموقفه المعروف. وقد اطلع خليل الرئيس الحريري على نتيجة هذا اللقاء، قبيل توجه رئيس الوزراء الى بعبدا.
في هذا الوقت، علم ان اللواء عباس ابراهيم سيتابع مسعاه مع افكار جديدة وكان على جدول اجتماعاته زيارة لخلدة.
قانون الموازنة
وفي سياق آخر، علم ان رئيس الجمهورية لم يوقع قانون الموازنة الذي وصل إلى قصر بعبدا بعدما وقعه رئيس المجلس وأحاله على رئيس الوزراء الذي وقعه أيضاً.
وعلم ان الرئيس عون يخضع الموازنة لمراجعة دقيقة في ضوء اضافة المادة التي كانت شطبت من مشروع القانون وهي التي تنص على حفظ حق الفائزين في مباراة مجلس الخدمة المدنية في ستة قطاعات كانت قد أوقفت بسبب اعتراض تكتل لبنان القوي على نتائجها واعتبارها تتعارض مع مقتضيات العيش المشترك المنصوص عليها في الدستور.
ورأت مصادر وزارية قريبة من رئيس الجمهورية أن هذه المادة “التي تمٌ تهريبها” تخالف مبدأ فصل السلطات، وهي من عمل السلطة التنفيذية كما لم يتم التفاهم عليها. وهي لم تتل في مجلس النواب وكانت شطبت من نص مشروع القانون عند تلاوته في الهيئة العامة بعدما تم التفاهم على شطبها.
وأشارت المصادر الوزارية الى ان وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي قدم في الهيئة العامة مطالعة طالب فيها بشطب المادة عند إعادة طرحها، وتم التفاهم على شطبها من القانون.
أما وقد أضيفت الى قانون الموازنة بعد اعادة طباعته في صيغته النهائية، فعلم أن أحد المخارج التوافقية المطروحة، هو التواصل مع رئيس المجلس والاتفاق معه على شطب المادة واعتبار انها أضيفت في خطأ مطبعي.
وفي انتظار موقف الرئيس بري، أمام الرئيس عون خيارات عدة: فلديه دستورياً مهلة شهر لرد القانون الى مجلس النواب. وخلال شهر اذا لم يوقعه وينشره يصبح نافذاً.
هل يرد رئيس الجمهورية كل القانون بسبب الاعتراض على مادة وحيدة؟ مصادر نيابية أوضحت ان اعادة النظر في مادة تستوجب عقد هيئة عامة لمجلس النواب، ومحاضر المجلس تقول إن نواب “تكتل لبنان القوي” اعترضوا لكن اعتراضهم لم يلغ المادة الواردة من لجنة المال والموازنة بعد التصويت عليها.
واستغربت المصادر الوزارية القريبة من رئيس الجمهورية وضع الأخيرة في موقع تعطيل نشر الموازنة التي ينتظرها المجتمع الدولي، وتتوقف عليها مشاريع مؤتمر “سيدر”، فيما المشكلة الاساسية تقوم على تهريب المادة في القانون بطريقة التحدي.
في هذا الوقت، ردٌ رئيس الجمهورية الى مجلس النواب قانونين اعتبر بعد المراجعة القانونية في بعبدا انهما منقوصان وغير مكتملين وهما:
– مكافحة الفساد.
– إجازات المجاملة واعتبارها إجازات عمل حكماً لأولاد المرأة اللبنانية.
برّي: ضم الحادثين
وقد وصف الرئيس بري الطرح الأخير لضم حادثي البساتين والشويفات واحالتهما على المجلس العدلي بأنه “فرصة جيدة” قابلة للتنفيذ عبر تفاهم الحكومة على هذه المسألة، على أن يعقد بعد هذه العملية لقاء مصالحة شاملة في القصر الجمهوري بغية العودة الى ما قبل حادثة الشويفات ومن دون التدخل في المجربات القضائية في المجلس العدلي.
وأكد بري أن هذه الفرصة يجب التقاطها وهي تخدم الجميع وتساعد رئيسي الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والحزب الديموقراطي طلال ارسلان.
وتحدث رئيس المجلس عن تلمسه ارتياحاً كبيراً إلى إقرار الموازنة العامة. وهذا ما تبلغه من وفد زاره من البنك الدولي يضم مختلف الاختصاصات التقنية والاقتصادية والمالية. وعبر الوفد عن ارتياحه إلى الموازنة التي يمكن لبنان البناء عليها. وفي رأيه أن النمو الاقتصادي يكون من دون معنى اذا لم تعبد الطريق أمام الحكومة وتدارك خطورة الأزمة التي تواجهها. ويبقى المطلوب إطلاق عجلة مجلس الوزراء، وفي إمكان الحكومة اذا سارت الأمور أن تنجز موازنة 2020 وترسلها إلى مجلس النواب في موعدها الدستوري.
في غضون ذلك، جمد مأزق عودة النفايات الى الشوارع مدة شهر واحد في ظل اعلان اتحاد بلديات الضاحية والشويفات اعطاء هذه المهلة لاقفال مطمر “الكوستابرافا” لتسوية الاوضاع والتزام كمية الألف طن يومياً في المطمر والا توقف عن استقبال نفايات بيروت وبعبدا والشوف وعاليه.
الى ذلك، اكتسب لقاء ضم بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن في عين تراز دلالات بارزة لجهة التشديد على “دور رجال الدين لتشجيع وتوطيد أواصر المحبة والتسامح والتعايش بين أبناء لبنان والجبل بمختلف طوائفهم”، كما أكد العبسي.
وقال الشيخ حسن: “نعم للثوابت الوطنية، نعم للمبادئ الميثاقية والدستورية، نعم لروح المصالحة والمحبة والشراكة وإنشاء الله تبقى عامرة”.
المصدر: النهار