مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : لم ينقض أسبوع بعد على الزيارة الثانية التي قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان، والتي شكلت دفعا قويا لاستعجال خطوات الاستحقاق الحكومي، حتى بدأت تتلبد الغيوم والشكوك المريبة في المناخات التي تواكب انصراف الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مصطفى أديب الى اعداد مسودة تركيبة حكومته. وإذ تتسم صورة عملية التأليف بغموض كبير في انتظار ما قد تتكشف عنه الأيام القليلة المقبلة من معطيات ملموسة في شان تركيبة الحكومة العتيدة لم يكن ممكنا تجاهل المناخ السلبي الذي نشأ في الأيام الأخيرة من خلال تعمد “محور الممانعة” اطلاق “عرض للقوى” واكب زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية والذي تحولت لقاءاته وجولاته ومواقفه من بيروت ومنابرها الى عملية مدروسة لاطلاق الرسائل في اتجاه خصوم ايران وتحويل بيروت منصة مستباحة. وأسوأ ما واكب هذه الظاهرة ان هنية الذي كان هدد من بيروت إسرائيل بصواريخه العابرة الى ما بعد تل ابيب ظهر امس في لقاء تنسيقي مع الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله، قام بجولة واسعة في مخيم عين الحلوة ليعلن منه ان “مخيمات الشتات ستبقى قلاع المقاومة”. والواقع ان هذا الاستعراض المتعمد من “محور الممانعة ” شكل تحديا سافراً للدولة العاجزة من جهة، فيما رسم علامات ريبة كبيرة حيال طبيعة التوظيف الذي يستغله “حزب الله” للوساطة الفرنسية في لبنان والمرونة التي تتبعها حياله فيما يمرر غداة زيارة الرئيس الفرنسي هذا الخرق ليقول انه باق على تحكمه بقرارات الدولة أيا تكن نتائج الوساطة الفرنسية.
وفي ظل هذا التطور السلبي ينقضي اليوم الاسبوع الاول من مهلة الاسبوعين والمعطيات الحكومية لا تبشر بولادة سهلة للحكومة. ووفق المعطيات فان الرئيس المكلّف استمع لكل القوى السياسية والكتل النيابية، كما اطلع من رئيس الجمهورية على ما يطلبه في الحكومة المقبلة، بتوسيع العدد الى 24 وبأن يكون في الحكومة وزراء اختصاص مسيسون. وهو حتى الآن لا يبادر الى طلب اللقاء بأحد، ولا يقترح اسماء ولا حقائب على احد كما لا يطلب من أحد اقتراح اسماء.
واللقاء الذي عقده أديب قبل ايام مع المعاونين السياسيين للأمين العام لـ”حزب الله ” ورئيس مجلس النواب حسين الخليل وعلي حسن خليل جاء بناء لطلبهما ولم يكشف الا القليل عما دار في هذا اللقاء. لكن علم انهما لم يفهما من أديب من الذي سيسمي الوزراء وكيف ستوزع الحقائب ولا اذا كانت حقيبة المال ستبقى مع الطائفة الشيعية علما ان الثنائي متمسك ببقائها معه ويرفض المداورة في الحقائب الأساسية.
كما ان بيت الوسط لا يتدخل بعملية التأليف والرئيس سعد الحريري قال بوضوح : لا نريد حقيبة ولا اي وزير.
الى ذلك علم ان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل قال امام نواب كتلته السبت في اللقلوق إن الرئيس اديب لا يطلب لقاء الاحزاب ولا يسأل الاحزاب رأيها في حقائب أو اسماء. لذلك عندما يعرض تشكيلته نقرر كيف سنتعاطى مع الحكومة المقبلة.
ويقول المتابعون، ان مسار التأليف لا يبشر بأنه سيكون سهلاً ولن يتوضح قبل ان يعرض الرئيس اديب تصوره الاولي على رئيس الجمهورية، ويتوضح ما اذا كان اتفق ورئيس الجمهورية على الخطوط العريضة للحكومة لاسيما وان المعلومات تشير الى انه مصر على حكومة من 14 وزيراً.
وكان لوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان امس موقف جديد شدد فيه على ضرورة قيام لبنان بالإصلاحات. وإذ اكد وقوف فرنسا الى جانب لبنان بحيث ان الرئيس ايمانويل ماكرون كان رئيس الدولة الوحيد الذي زار بيروت في اليوم التالي لانفجار مرفأ بيروت قال ”على كل طرف ان يقوم بدوره. على اللبنانيين تنفيذ الإصلاحات وعلى فرنسا تأكيد الإصلاحات كما ان المجتمع الدولي ثمن وأيد جهود ماكرون والأمم المتحدة وكذلك الفاتيكان”.
جعجع وبكركي
وسط هذه الأجواء برزت المواقف التي اعلنها رئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع في القداس السنوي لـ”شهداء المقاومة اللبنانية ” الذي أقيم عصر امس في معراب والتي تميزت بشن جعجع اعنف هجماته على “تفاهم مار مخايل ” بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله ” قبل ان يتوجه مباشرة الى الحزب داعيا إياه الى اتخاذ القرار الحاسم بالتسليم للدولة اللبنانية والكف عن خدمة ايران. واعتبر جعجع “ان كلمة سحرية تختصر أسباب كل ما وصلنا اليه : تفاهم مار مخايل لانه صفقة بين حزبين على تأمين مصالحهما الحزبية الضيقة على حساب لبنان” وتوجه الى الحزب سائلا :” الى اين تريد بعد ان يصل الوضع في لبنان وهل هناك أسوأ مما نعيشه وهل تنتظر مجاعة كاملة ” ودعاه الى “وضع نفسه في خدمة لبنان”. وفيما دافع جعجع بقوة عن بكركي وموقف البطريرك الداعي الى الحياد تميزت عظة الراعي امس بدعوته الرئيس المكلف الى التزام مواصفات محددة للحكومة الجديدة ابرزها “ان تكون حكومة طوارئ مصغرة ومؤهلة وقوية توحي بالجدية والكفاية … حكومة من الشعب وللشعب وليس من السياسيين وللسياسيين “.