مجلة وفاء wafaamagazine
استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قبل ظهر اليوم في المقر الصيفي في الديمان، السفير الالماني اندرياس كيندل، وكان عرض للعلاقات الثنائية ولما تقدمه المانيا من دعم للبنان وصوصا في المجال الاجتماعي.
وشكر البطريرك لالمانيا “كل ما تقوم به من اجل دعم لبنان وللوقوف الى جانب الشعب اللبناني في محنه المتتالية.
وبعد اللقاء، قال كيندل: “تشرفت اليوم بلقاء صاحب الغبطة والنيافة، بحيث تحدثنا طويلا في مواضيع عديدة تخص لبنان والأزمات التي مررنا بها. زتحدثنا عن مبدأ الحياد الناشط الذي طرحه غبطته، وجرى التطرق ايضا الى العلاقات الثنائية التي نفخر بها بين البطريركية وألمانيا، ونحن نستمع ونرحب بكل أفكار وطروحات صاحب الغبطة”.
وفد اللقاء الروحي
واستقبل البطريرك وفدا من اللقاء الروحي في لبنان ضم عددا من رجال الدين من مختلف الطوائف الاسلامية والمسيحية جاء يعلن تأييده “لمواقف غبطته الوطنية ولا سيما لطرح “الحياد الناشط”.
وخلال اللقاء، تحدث عدد من اعضاء الوفد، وقال الشيخ محمد علي الحاج العاملي: “بارك الله فيكم يا صاحب الغبطة. انه من اقل الواجب ان نحضر الى هذا الصرح الكريم لكي نشد على ايديكم بمواقفكم الوطنية التي نعتبرها اساسية ومن صلب وظيفتنا كعلماء ورجال دين. لقد تداعينا عام 2012 لتأسيس هذا اللقاء اعتراضا منا على استغلال رجال الدين واستثمارهم في السياسة. اردنا القول ان دور رجل الدين هو دور روحي وديني صرف، ونحن ضد تدخّل رجال الدين في السياسة. نحن هنا اليوم لنتضامن معكم ولنقف الى جانبكم في مواقفكم الوطنية الاخيرة، وهو موقف يبعد كل البعد عن الزواريب السياسية الصغيرة. انه موقف تاريخي ضد كل التدخلات الخارجية في لبنان وضد جعل لبنان مطية لاية دولة اخرى كائنا من كانت شيعية او سنية او مسيحية. آن الاوان وخصوصا في مئوية لبنان الاولى ان يترسخ الاقتناع لدينا ببناء وطن بأبنائه فقط، يكون كيانا نهائيا لهم، يقررون هم ما يشاؤون فيه دون تدخل احد من الخارج. ونرفض، في المقابل، اي تدخل لنا في كل صراعات المنطقة وفي اي صراع في العالم”.
ثم تحدث الشيخ اياد عبدالله مؤكدا “دعم طرح غبطته لموضوع الحياد الذي يعتبر اساسا في قيام دولة لبنان وضمانا لاستمرارها”.
من جهته، قال الشيخ عامر زين الدين: “نأتي الى هذا الصرح الذي اعطي له مجد لبنان، مجد الكرامة والعنفوان، كلقاء روحي في الجبل ولبنان ونيافتكم من رعيتم إطلاق هذا اللقاء. ونحن، بإذن الله تعالى، وبرعايتكم وبركتكم نسير حاملين لواء المحبة والسلام بروح ايمانية موحدة، وهذا ما انتم تنادون به ونحن الى جانبكم في مواقفكم ورسالتكم الوطنية الكبيرة التي تعبر عن ضمير ووجدان وعقل كل لبناني وطني في هذا الوقت من حياة لبنان”.
الراعي
وفي كلمة ترحيب قال البطريرك الراعي: “اللقاء الروحي يقوينا وينعشنا، ونحن دائما نقول ليت السياسيين يعودون الى القضايا الروحية، لأنها ترفعنا الى الأعلى. هذا اللقاء اليوم هو صورة مصغرة عن لبنان المتنوع والمتعدد ثقافيا ودينيا. ولأن هذه هي طبيعة لبنان لا يمكنه الا أن يكون حياديا وألا يدخل في تحالفات لا غربية ولا شرقية ولذلك عندما اتفقوا في الميثاق غير المكتوب كان القرار أن يكون لبنان حياديا، ولا يمكننا ان نحيا الا هكذا وإلا فسيتجه الماروني الى فرنسا والسني الى السعودية والشيعي الى ايران او النجف، وكلكم تعلمون أننا عشنا في الخمسينات البحبوحة والازدهار. وهذا الأمر ضايق حينها إسرائيل التي كانت تقول إن لبنان كذبة وسنبرهن أنه كذبة وراحوا يعملون من أجل تحقيق هذه الغاية، لأن لبنان حينها كان حياديا، واسرائيل وغيرها من الدول تضررت من حياد لبنان.
فلذلك أقول إن لبنان بطبيعته محايد وموقعنا على البحر المتوسط فتح لنا أبواب التجارة، فلبنان وشعبه يحبون التجارة وليس الحروب، ولكن مع اتفاق القاهرة عام 1969 وحرب عام 1975 وفلتان الميليشيات، كل هذه الأمور جعلتنا غير حياديّين، وهذا ما أوصلنا الى العزلة والفقر والعوز ولأن نكون نموذجا لأسوأ الشعوب. الحياد ليس طبيعة جديدة علينا وليس هو برنامجا، بل هي طبيعتنا، ولذلك عندما ذكرت كلمة الحياد للمرة الأولى منذ أشهر قليلة، تفاعل معها الناس بشكل غير مسبوق. وهذا دليل على أن الناس وجدوا ضالته في الحياد الناشط، وأنا أتفهم أن بعض القيادات لا يمكنها أن تتخذ موقفا رسميا، ولكن تصلني مواقفها من خلال بعض المقربين منها”.
وأضاف: “أما في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة، فنحن كمجتمع لبناني علينا أن نوحد الفكرة، لأننا عندما نتحدث عن موضوع الحياد نعني به ثلاث نقاط أساسية: عدم الدخول في محاور وصراعات وحروب اقليمية لأنها ليست ضمن قدرتنا، ونحن بلد صغير. أما النقطة الثانية فلبنان بطبيعة تكوينه له دور في الشرق الأوسط كبلد التنوع والسلم وأرض الحريات، أما النقطة الثالثة، والتي يصعب تحقيقها بوجود الدويلات داخل الدولة، والتي أفقدتها قيمتها، فهي دولة قوية بجيشها ودستورها، ما يسمح لها بفرض سلطتها داخليا وخارجيا، وهذه هي الدولة التي نريد.
أنا وزعت نص هذا الحياد الناشط ومبادئه على عدد كبير من سفراء الدول، كي تصل هذه الفكرة الى أكبر عدد من دول العالم، وكي نتمكن من انشاء “لوبي” دولي كي نستطيع في يوم من الأيام أن نصبح بلدا حياديا”.
وتابع: “أما في الشق الداخلي، وعلى صعيد لبنان، فقد تلقينا اتصالات وردود فعل من الجميع باستثناء “حزب الله” الذي لم يعلن موقفا رسميا بعد، فكل ما يكتب في بعض الجرائد لا يعنيني ولا يمس بي، وموقفي من الحياد ليس ضد “حزب الله”، بل هو لمصلحة كل اللبنانيين، فالفقر اليوم يطاولنا جميعنا، وأنا أعتقد أنه لا يزال هناك سوء فهم لموضوع الحياد”.
وختم: “ما نريده اليوم هو الولاء للوطن وليس للطائفة، فأنا لبناني قبل أن أكون مارونيا، وكلنا يجب أن نضع لبنانيتنا قبل الطائفة”.
عبدالله
بعد اللقاء، صرح الشيخ اياد عبدالله باسم اللقاء الروحي: “جئنا كوفد من اللقاء الروحي نمثل فئة واسعة من رجال الدين المسيحيين والمسلمين لزيارة البطريركية المارونية في الديمان لنعلن تأييدنا لموقف البطريرك والبطريركية في “الحياد الناشط”. فالبطريرك الراعي لم يتحدث عن الحياد من باب الترف السياسي ولا من باب الطموح إلى الأفضل، لأن الحياد المطلق ضرورة حتمية بالنسبة الى الأمم الصغيرة والكيانات السياسية الصغرى المليئة بالمتناقضات العرقية والعقائدية مثل لبنان وسويسرا وسنغافورة”.
وأضاف: طنحن نؤيد العودة إلى الإحتماء بالحياد الذي هو أساس قيام دولة لبنان لأنه هو المبرر الوحيد لاستمرار وجود لبنان، ولأن عدم التخلي عن الحياد وهو الموقف الرسمي الحالي لما تبقى من دولة لبنان لا يزال سببا في عدم زوال لبنان إلى هذه اللحظة، الدول الصغيرة التي تتخلى عن الحياد تبتلعها أو تتقاسمها الدول الكبيرة وتزول من الوجود كما حذر وزير الخارجية الفرنسي الذي لم يكن يهول على أحد. الحياد المطلق هو الخيار الوحيد أمام لبنان وإلا فإنه سيزول”.
وختم: “لأننا لبنانيون وطنيون ونحب لبنان أكثر من الرئيس ماكرون وأكثر من كل الذين يجاورون لبنان ومن الذين يبيعونه بالجملة منذ نصف قرن، نطالب بالحياد المطلق وبالإصطفاف مع البطريرك الراعي، البطريرك الماروني الوطني ومساعدته في العمل على إنقاذ الأمن الوجودي لبلد صغير وجميل إسمه لبنان” .
كرم
بعد ذلك، استقبل البطريرك الراعي الوزير السابق الدكتور كرم كرم ووفدا من راهبات سيدة الحقلة.