الأخبار
الرئيسية / متفرقات / بكلمات مؤثرة جان فغالي يودع بسام ابو زيد: “لا كرامةَ لصحافي في وطنه”

بكلمات مؤثرة جان فغالي يودع بسام ابو زيد: “لا كرامةَ لصحافي في وطنه”

مجلة وفاء wafaamagazine 

ودّع رئيس تحرير الأخبار في الـ lbci جان فغالي الاعلامي بسام أبو زيد الذي ترك المحطة للانتقال للعمل في قناة الحدث في الامارات.

 

وكتب فغالي رسالة مؤثرة عبر حسابه الخاص على فيسبوك إلى بسام متوجهاً إليه بالقول:

العزيز بسام أبو زيد …

يوم” التحقتَ ” بال LBC، في تشرين الأول من العام 1989 ، وكان عمرها ، وعمرنا فيها ، أربعة أعوام وشهرين ، وكانت ” الحروب ” في أوجها ، كان النقاش: هل الذين يغادرون لبنان على حق ؟ أم الذين يبقون ؟

كان البقاء ” صمودًا ” وكانت المغادرة تفتيشًا عن مستقبل ارحب ، وكان المُغالون يعتبرونها ” هريبة ” … لم يكن الأمر كذلك ، على الأقل بالنسبة إلى مَن اعرفهم واحدًا واحدًا وواحدةً واحدةً ، فليس منهم مَن يهرب … جميعهم عملوا تحت القصف وكانوا يتنقلون بين حُفر القذائف ، وصواريخ الراجمات فوق رؤوسهم ، والسيارات المفخخة تباغتهم . هؤلاء لم يهربوا بل اعتبروا ان في الهجرة أبوابًا أرحب فالعزيز ميشال الكك مازالت حفريات القذائف في باحة قصر بعبدا مغروسة في ذاكرته ، وهو الذي غطى حرب التحرير عام 1989 والشهور الأولى من حرب الإلغاء حتى آذار من العام 1990 ، وأوكتافيا نصر التي تعرف جيدًا جبهة سوق الغرب ، وكريستين قيومجيان التي كانت تملك أقوى سرعة بديهة في طرح الاسئلة وإيفا الهاشم التي أصرَّت أن تحترف عملها كمراسِلة ، نصًّا وأداء وتوضيبًا ، وكإدارية لامعة وصارمة ومُنصِفة ، وتريد ان تتعلَّم كلَّ يوم ، ، ومي شدياق التي امتلكت من الطاقة المهنية ما جعلها تغادر خلال الحرب وتعود وتُكمِل عملها ، لتدفع الضريبة عنها وعن آخرين ، وربما كانت الرسالة الدموية عبرها . والمصورون إيلي نمس وإيلي عقل وشربل شرفان ونعوم حداد ونجيب راشد ونعيم جدعون وآخرون الذين كانوا على الدوام ” يصطادون ” سقوط قذيفة ، كصيد العصافير .

(وأعتذر عن السهو(

مثل هؤلاء لا يخافون ولا يهربون … ومَن بقي اعتبر ان الصمود أفضل من الهجرة …

عزيزي بسام ، بعد واحدٍ وثلاثين عامًا ، هذا النقاش مازال قائمًا : هل الذين يغادرون على حق ؟ أم الذين يبقون ؟



بتُّ أميل إلى اعتبار أن مَن غادروا قبل ثلاثين عامًا كانوا على حق ، والذين يغادرون اليوم ، وأنت منهم ، هُم بالتأكيد على حق . فحيث ، الذين غادروا ، في كندا أو الولايات المتحدة الاميركية أو أوستراليا أو فرنسا أو الخليج ، يشعرون بأنهم في وطن وفي دولة … وحيث المقيمون والباقون يشعرون بأنهم في كل شيء إلا في وطن وفي دولة … يشعرون بأنهم في جحيم ، في معتقل ، في منجم للفحم الحجري ، كأنهم ينفذون حكمًا بالأشغال الشاقة ، يعملون والسلاسل في أرجلهم … وقد كشفتَ أنت في رسالتِك الوداعية عن بعض أسباب المغادرة ، لكنك ، كما كل الكاثوليك ” تُكتلِك ” الحقيقة ، على ما كان يقول أستاذنا الكبير ، الكاثوليكي أيضًا ، كميل منسى .

صديقي … لا تنظر إلى الخلف ، إلى حيث لا دولة ، اعرفُكَ لم تكن تنظر إلى الخلف ، على رغم معرفتك أنك كلما تقدمت خطوة إلى الأمام كلما ازدادت الطعنات طعنةً في الظَهر … كنتَ تعرف الطاعنين ، وهم على امتداد الوطن ، وكنت تعرف نوعية السكاكين ، وكنا نتسلَّى بأسمائهم وبما يقولونه ونُشفق عليهم لأنهم كانوا ، على امتداد الوطن ، يتوهمون أن لا أحد يعرف خبث أفعالهم وسوء أقوالهم ، كانوا متخمين بالسكاكين وكانوا عديمي الإنسانية ، ولا تصدر كلمة حلوة أو كلمة حق بحق أحد من أفواههم ، يتوهمون أن لا أحد يعرف ماذا يقولون ؟ وأين يقولون ؟ هُم مازالوا موجودين على مساحة الوطن والسكاكين في ايديهم متأهبة للطعن ، مع فارق بسيط انهم باتوا مكشوفين لأنهم أصبحوا على كل شفةٍ ولسان . ولم يعد ينفعهم ما قال أحد الشعراء :

” يلقاكَ يحلفُ أنـه بـكَ واثـقٌ وإذا تـوارَى عنكَ فهوَ العقرب ُ

يُعطيكَ من طَرَفِ اللسان حلاوةً ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ “

***

المفارقة التاريخية أن موجة الهجرة الأولى كانت بين عامي 1989 و1990 ،

وموجة الهجرة الثانية بين عامي 2019 و2020 . هل من رابط ؟

في موجة الهجرة الأولى خسرت ال LBC وجوهًا وقاماتٍ صحافية مرموقة ، ذكرتها آنفًا ، وفي موجة الهجرة الثانية تخسر ال LBCI وجوهًا وقامات صحافية مرموقة كبسام وهلا ناضر ، وهي إحدى الجنديات المجهولات في عالم الصحافة والمتألقة حيث هي الآن ، وغيرهما .

فمتى الهجرة الثالثة والأخيرة ؟ بالتأكيد ليس بعد ثلاثين عامًا ، كما المسافة بين الهجرة الاولى والهجرة الثانية ، فالبلد يتدهور بسرعة قياسية ، وكما كان يقول عَلَم الديبلوماسية اللبنانية السفير فؤاد الترك : “نحن تحت وليس تحتنا تحت”

لقد نجوتَ يا صديقي بسام

وبنجاتِك يصح القول : “لا كرامةَ لصحافي في وطنه “

بالتوفيق .

 

ورد بسام ابو زيد على فغالي بالقول: عزيزي وصديقي وزميلي جان ما كتبته هو حقائق عشناها سوية وعشنا مراحل متعددة كانت فيها صعوبات تخطينها بإرادتنا وتصميمنا.كنا يدا واحدة تجمعنا القضية والهدف وما كنا نسأل.يا صديقي لقد تعبنا ولكننا لن نفقد أبدا الروح القتالية في لبنان وخارج لبنان ستبقى الزميل والصديق الذي يقول كلمة الحق والحقيقة.