مجلة وفاء wafaamagazine
“يبدو بحسب مصادر متابعة أن “الاعتذار” يتقدم وهو ينتظر إعطاء الاشارة الفرنسية الخضراء لإيقاف أجهزة الأوكسجين عن مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون وإعلان وفاتها، في ظل التصلب الحاصل في مواقف المعنيين بتأليف الحكومة من الثنائي الشيعي الى الرئيس المكلف مصطفى أديب مدعوما من “لقاء رؤساء الحكومات السابقين”، إلا في حال قيام “المعالجين” باختراع “دواء” خارجي أو إقليمي الصنع، يكون قادرا على تليين تلك المواقف المتشنجة.
لا شك في أن “لقاء رؤساء الحكومات السابقين” يلعب دورا كبيرا في دعم صمود الرئيس المكلف وفي تثبيت موقفه الرامي الى الالتزام بالمبادرة الفرنسية، لجهة تشكيل “حكومة مهمة” مصغرة من 14 وزيرا إختصاصيا من دون ولاءات حزبية، وبالتالي إحتضانه ودفعه الى مواجهة كل الضغوطات، خصوصا أن “لقاء رؤساء الحكومات” تحول الى مرجعية سنية تشارك في رسم خطوط اللعبة السياسية على مساحة الوطن.
من هذا المنطلق، فإن “لقاء رؤساء الحكومات” فرض نفسه على الساحة اللبنانية، بفعل دقة المرحلة وضرورات المصلحة الوطنية العليا، فشكل رافعة للحضور السني الذي تجري محاولات لتهميشه لمصلحة إسقاط إتفاق الطائف، خصوصا أن كل الدعوات التي تنادي بعقد سياسي جديد في ظل موازين القوى القائمة تشكل إمعانا في فرض الاملاءات على المكون السني الحاضن لكل الأطراف اللبنانية، ما من شأنه أن يضرب الاستقرار السياسي، ويهدد الأمن والسلم الأهلي.
من الواضح أن الدور الذي يلعبه “لقاء رؤساء الحكومات” بدأ يزعج أطرافا سياسية عدة لا تتوانى عن إستهدافه وكيل الاتهامات له ولأعضائه، لا سيما الرئيس نجيب ميقاتي الذي تقول مصادر متابعة أنه “يعطي ″اللقاء” ثقلا سياسيا، إنطلاقا من أن الرؤساء سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام يدورون في فلك سياسي “مستقبلي” واحد تحت مظلة الحريري، في حين أن ميقاتي يتمايز عنهم في السياسة وفي النهج الوسطي الذي يتبعه، وفي تمثيله لطرابلس المدينة السنية الأبرز على ساحل المتوسط.
واللافت أن ميقاتي الذي يتلقى السهام السياسية من أكثر من جهة ويتعرض للافتراءات على المستوى الشخصي، يتمسك بهذا اللقاء حرصا منه على جمع شمل الطائفة ووحدة كلمتها، وعلى المصلحة الوطنية العليا، علما أن مشاركته ووسطيته تساهمان في تصويب بعض من آداء “اللقاء” لا سيما على صعيد تدوير الزوايا، وتلطيف الرسائل، والتشدد في حماية إتفاق الطائف.
لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل إن الرئيس ميقاتي الذي بات يفرض نكهته الوسطية على “اللقاء”، يذهب بعيدا في التمايز عن أعضائه، ويواجه بشراسة محاولات فرض أعراف جديدة فيها الكثير من الاعتداء على موقع رئاسة الحكومة ومصادرة صلاحياتها، لا سيما فيما يتعلق ببدعة المشاورات النيابية الأخيرة.
من هنا، فقد جاءت مشاركة ميقاتي في المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا من باب الحرص على إجهاض أية أعراف تتناقض ومندرجات إتفاق الطائف، خصوصا أنه إنتقى كلماته بعناية بعد لقائه عون، حيث قال: “بحثنا مع فخامة الرئيس في كيفية الخروج من الازمة، ولم يتم التطرق الى الملف الحكومي”، وبذلك فقد ضرب ميقاتي عصفورين بحجر واحد، إذ أظهر حرص الطائفة السنية على عدم إعتماد المقاطعة وإستعدادها لفتح أبواب الحوار حول الأزمة، وأكد في الوقت نفسه أن مشاورات رئيس الجمهورية هي ليست للبحث بالشأن الحكومي، بل هي لايجاد حلول للأزمة الوطنية الراهنة.
أمام هذا الواقع، فقد بات واضحا أن ″لقاء رؤساء الحكومات″ المتناغم مع دار الفتوى يشكل المظلة السياسية والشعبية السنية لأي رئيس حكومة سواء نجح مصطفى أديب بالتأليف، أو إعتذر وتم تكليف شخصية أخرى، ما يعني أن التنوع السياسي الذي تقدمه ″وسطية″ الرئيس نجيب ميقاتي الى “اللقاء” يجعله المعبر الشرعي نحو الكرسي الثالثة”.
سفير الشمال