مجلة وفاء wafaamagazine
وجه العلامة السيد علي فضل الله كلمة في “حديث الجمعة” قال فيها: “عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بقول الله تعالى: {لتسألن يومئذ عن النعيم}. والتي يشير من خلالها الله سبحانه وتعالى، إلى أن الإنسان سيسأل عندما يقف بين يديه عن كل نعمة أنعم بها علينا. وأول ما سيسأل عنه هو كيف تعامل مع صحته، هل وقاها مما قد يضرها، وهل حفظها وقام بواجبه تجاهها؟ فالإنسان في حساب الله ليس حرا أن يفرط في صحته، أو يتعامل مع جسده من دون حدود وضوابط، فيأكل ما يشاء ويشرب ما يشاء، ويتلذذ بما يشاء، أو يتواجد حيث يشاء حتى لو كان ذلك على حساب صحته ولا يعالج نفسه بالعلاج الكافي عندما يتعرض لمرض، فهو يوم القيامة سوف يتحمل المسؤولية عن تفريطه بها، كما يدان عندما يسيء إلى صحة الآخرين ويهدد حياتهم. ومتى وعي الإنسان ذلك، سيكون بالطبع أقوى وأقدر على مواجهة أعباء المرض وتحدياته والقيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه”.
أضاف: “والبداية من جائحة كورونا، حيث يشهد لبنان تفشيا متصاعدا ينذر بكارثة صحية بعد تجاوز أعداد المصابين بهذه الجائحة أرقاما قياسية لامست الخمسة آلاف، بحيث أجمع المعنيون على أن هذا الوباء خرج، أو كاد أن يخرج، عن السيطرة مما استدعى أن تبادر الدولة إلى أخذ إجراءات الإقفال لمدة ثلاثة أسابيع. ونحن أمام هذا الواقع نؤكد أهمية الأخذ بأي إجراءات كفيلة بالحد من هذا الوباء ومنع تداعياته الخطيرة والكارثية على المواطنين وعلى الطاقم الصحي”.
وتابع: “لكننا نخشى أن لا تؤدي هذه الإجراءات الهدف المرجو لكثرة الاستثناءات التي اعتمدها قرار الإقفال، بعد عدم قدرة اللبنانيين على تحمل أعباء فترة طويلة من الإقفال في ظل الواقع الاقتصادي الذي يعاني منه البلد، وعدم تأمين الدولة المساعدات المادية التي تمكن المواطنين من تحمل أعباء هذا الإقفال أسوة ببقية العالم. ومن هنا نعيد التأكيد على معالجة أي ثغرات تؤدي إلى عدم الالتزام بهذا القرار والتشدد في تطبيقه، كما نجدد دعوتنا للمواطنين إلى التقيد التام بإجراءات الوقاية. فمن المؤسف، أن هناك من لا يزال يتعامل بخفة مع هذه الجائحة، من دون أن يأخذ بالاعتبار التجارب المرة للذين أصيبوا والتي قد تصيب أحباءه والمحيطين به والتي تؤدي إلى ندمه حيث لا ينفع الندم”.
وقال: “في هذا الوقت، يستمر الانهيار على الصعيد الاقتصادي والمالي، والتدهور في صرف سعر الليرة اللبنانية في مقابل الدولار في ظل غياب أي إجراءات تؤدي إلى إخراج البلد من تداعيات ذلك على الصعيد المعيشي للمواطنين وقدرتهم الشرائية وتأمين حاجاتهم الأساسية، حيث لا يزال الواقع السياسي على حاله من الإنكار لكل ما يجري على هذا الصعيد، ويتعامل بكل برودة مع الاستحقاق الحكومي والذي يبدو أنه وضع على رف الانتظار، حيث لا نشهد زيارات أو لقاءات أساسية للتوصل إلى حلول لعملية تأليف حكومة قادرة على إنقاذ هذا البلد، حيث لا تزال أسيرة لعبة عض الأصابع التي تمارسها القوى السياسية المعنية بالتأليف، أو انتظار لسراب هو لن يأتي من الخارج لا عاجلا ولا آجلا، بعدما أصبح من الواضح أن لبنان ليس على أجندة هذا الخارج على الأقل في هذه المرحلة، ولن يؤدي الانتظار إلا إلى ازدياد المآزق لهذا البلد، وأن على اللبنانيين أن يقلعوا أشواكهم بأظافرهم”.
ورأى أنه “في هذا الوقت، تطفو على السطح السجالات الداخلية التي لن تؤدي إلى أي نتيجة سوى أنها تساهم في زيادة الشرخ الداخلي وتؤدي إلى إضعاف قوة لبنان في مواجهة التحديات في وقت هو أحوج ما يكون لاستجماع عناصر قوته ومنعته”.
وتوقف “عند التحقيق حول انفجار المرفأ الذي ينتظره اللبنانيون، حيث يبدو أنه بات أسيرا للاشتباك السياسي القضائي والذي ليس جديدا على المشهد اللبناني، فالتداخل بين السياسة والقضاء والمستمر منذ عقود هو أحد الأسباب التي جعلت البلد يصل إلى هذا المستوى من السوء والتردي”.
وتابع: “بالانتقال إلى ما يجري من احتقان في المنطقة ووسط قرع طبول الحرب والذي يتهدد استقرارها، نرى أن الساحة العربية والإسلامية بأمس الحاجة للوحدة الداخلية والتعاون في ما بينها، في ظل التداعيات التي تواجهها وستواجهها. وهنا نرحب بالمصالحة بين هذه الدول كالتي جرت في القمة الخليجية الأخيرة، ولكننا نريدها مصالحة مفتوحة تأخذ في الحسبان مصالح الدول العربية والإسلامية كلها، وأن لا تساهم في زيادة الشرخ بينها، كما قد يبدو ومن خلال إعلانها أن الخطر هو إيران فيما الخطر الأساس هو العدو الصهيوني لا غيره”.
وختم: “أخيرا إننا نرى في ما حصل في أميركا الذي برزت فيه مشاهد الانقسامات بطريقة جديدة، وأظهرت مكامن الضعف في هذا المجتمع، والتي قد نرى تداعياتها على الداخل الأميركي، ويخشى أن تنعكس على خارجه”.