الأربعاء 18 أيلول 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
ينطلق مجلس الوزراء، بدءاً من اليوم، في جلسات متتالية في مناقشة موازنة 2020 تمهيداً لإحالتها الى مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية، على أن يقرّها المجلس قبل نهاية السنة. وفي الموازاة، تُطلق من باريس يوم الجمعة صافرة البدء بتنفيذ مقررات «سيدر»، بعد لقاء في قصر الاليزيه بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الحكومة سعد الحريري، الذاهب إليه غداً، حاملاً معطيات يفترض أن تشجّعه على تحريك عجلة «سيدر» عملياً بما يُلاقي ما اتخذه لبنان، وإجراءات وإصلاحات اقتصادية ومالية بدأت مع موازنة 2019 ويفترض ان تستكمل في موازنة 2020. وعُلم انّ الحريري سيَستبِق سفره الى العاصمة الفرنسية بإجراء اتصالات ومشاورات حول الوضع الإقتصادي تشمل جميع الافرقاء، ومن ضمنهم «حزب الله»، على أن يستكملها بعد عودته.
على وقع البدء بمناقشة موازنة 2020، يحزم رئيس الحكومة سعد الحريري حقائبه غداً ليغادر الى باريس يرافقه الفريق المكلّف متابعة ملف «سيدر»، وذلك في زيارة رسمية يلتقي خلالها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم الجمعة المقبل.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الزيارة تكتسب أهمية بالغة بالنظر الى انّ موعدها جاء عقب الانتهاء من التحضيرات الأولية لإطلاق مشاريع «سيدر 1» من باريس وبيروت، بعد إنجاز موازنة العام 2020 ضمن المهلة الدستورية، أي قبل نهاية العام الجاري، والتصميم على البحث فيها في الحكومة ابتداء من جلسة اليوم.
وقالت المصادر انّ الحريري سيلتقي، بالإضافة الى ماكرون ونظيره الفرنسي، المكلّف ملف «سيدر» السفير بيار دوكان وأعضاء اللجنة المكلفة معاوَنته في حضور الجهات المانحة وأصحاب المؤسسات والشخصيات المعنية بالإستثمارات المقررة في إطار «سيدر»، إضافة الى فرق المراقبة والتدقيق التي ستتابع تنفيذ المشاريع التي يمكن البَت بها.
مجلس الوزراء
من جهة ثانية، كادت جلسة مجلس الوزراء أمس أن تمرّ رقماً في عداد الجلسات الهادئة تحت سقف المساكنة التي أنتجَتها المصالحة، لولا الجمر الذي اشتعل تحت الرماد وانعكسَ سجالاً بقلوب ملآنة بين وزير «التكتل القوي» غسان عطالله والوزير الاشتراكي وائل ابو فاعور، ما استدعى تَدخّل رئيس الحكومة بقوة طالباً منهما ترك «حساسيتهما» خارج القاعة، و»الابتعاد عن السخافات لأنّ الامور التي تناقش في مجلس الوزراء أساسية».
ومع انّ دفعة التعيينات الجديدة التي أقرّها المجلس لا يُستهان بها في مناصب اهترَأت من الفراغ، الّا أنّ غصّة الاعتراضات بقيت موجودة سواء على الآلية او على الاسماء، فالتعيينات التي شملت «ايدال» ومجلس الخصخصة.
واعترض وزير «المردة» يوسف فنيانوس على اسم فرحات فرحات للأمانة العامة لمجلس الخصخصة، وهو ماروني من زغرتا، «لأنه شارك في إعداد القرار 1559 وقانون محاسبة سوريا»، كما قال. فضحك الحريري وردّ عليه ممازحاً: «إنت لازم تكون مبسوط».
وكذلك اعترض وزراء «القوات» على التعيينات. وقال مصدر قواتي مسؤول لـ«الجمهورية»: «إنّ التعيينات في المراكز الكبيرة يجب ان يتم الاعلان عنها في صحف عالمية وإقليمية ومحلية مُسبقاً. ولكن أرسل كثير من السيَر الذاتية لأشخاص كفوءين جداً وعلى مستوى عالمي، وتشكلت لجنة من 7 أشخاص، أحدهم رئيس مجلس الخدمة المدنية، وكان الآخرون من القطاعين الخاص والاكاديمي، كرئيس كلية الاقتصاد في الجامعة الاميركية، ورئيس جمعية المصارف. ورفعت اللجنة توصياتها الى مجلس الوزراء. هل هذه الاجراءات ستأتينا بأحسن أو أسوأ الاشخاص؟ انّ هذا الامر يعطي ثقة لمَن يريد أن يستثمر في لبنان، والشفافية في العمل بعيداً عن الاستزلام والمحسوبية. ونحن بأمسّ الحاجة لإعطاء صورة عن استقلالية المؤسسات والشفافية».
بدوره، قال الوزير كميل ابو سليمان لـ«الجمهورية»: «نحن نعود الى الوراء، لماذا لا نعطي فرصاً للناس ونحن لا نعلم عن الاسم الذي تم اختياره شيئاً، ولا نعلم كيف حصلت الطبخة؟ ما علمنا به هو انّ له علاقة بالوزير جبران باسيل».
وسجّل الوزير وائل ابو فاعور ملاحظة على أداء فرحات، ودَعاه، عبر «الجمهورية»، الى «قليل من التواضع»، وقال: «شَعرنا للحظة من خلال سيرته الذاتية العظيمة انه أنقذ الوضع الاقتصادي في العراق واليمن وافغانستان وكرواتيا، والدول التي انبثقت من الاتحاد السوفياتي».
وعلمت «الجمهورية» أنه في بداية الجلسة، وبعد ان أبلغ رئيس الجمهورية الوزراء بسفره أواخر الاسبوع الى نيويورك مُشيداً بالانجاز الذي تحقق في الامم المتحدة، تحدث الحريري فقال: «في الأسبوع المقبل ستتكثّف جلسات العمل لمجلس الوزراء لإنهاء الموازنة وإحالتها الى المجلس النيابي في أوقاتها الدستورية، ونريد من الوزراء جهداً كبيراً في الحضور والمناقشة لإنجازها قبل 15 تشرين الاول».
واضاف: «موازنة الـ 2019 تضمنت إصلاحات ولكنها ليست كافية، وعلينا ان نعمل على موازنة أفضل لـ 2020». وأبلغ الحريري الى الوزراء أنه سيسافر الى باريس للقاء ماكرون وعدد من المسؤولين الفرنسيين، للبحث في مقررات مؤتمر «سيدر».
أصحاب المحطات
وطرحت وزير الطاقة ندى البستاني المشكلة التي يواجهها أصحاب المحطات في صرف الدولار لقاء المواد النفطية، فأكد لها الحريري انه سيبحث في هذا الأمر مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير في الساعات المقبلة.
وأرجأ مجلس الوزراء بند تزويد القرى والبلدات المجاورة لموقع مطمر الناعمة بالطاقة الكهربائية مجاناً، بعدما كانت الكمية التي اقترحتها وزيرة الطاقة ندى البستاني تبلغ 300 كيلو واط. في حين طلب الوزير اكرم شهيّب رفعها الى 500 كيلو واط، فطلبت البستاني التريّث لإعداد دراسة حول الكلفة التي ستتحملها مؤسسة كهرباء لبنان.
وتوقف بعض الوزراء عند النقاش الذي حصل بين «المتصالحين الجدد» وزير «حزب الله» جميل جبق والوزير الاشتراكي ابو فاعور، بسبب الصلاحيات بين الصحة والصناعة. فعند مناقشة البند 23 المتعلق بمذكرة تفاهم بين وزارة الصحة والبيئة العراقية ووزارة الصحة اللبنانية، طلب ابو فاعور استيضاح دور وزارة الصناعة في هذه المذكّرة لأنّ المصانع اللبنانية معنية بها. فأكد جبق له انّ الأمر يتعلق بتسويق الادوية اللبنانية في العراق، لكنّ ابو فاعور لم يرقه هذا التوضيح فأصرّ على دور وزارته في المذكرة.
وأخذ المخطط التوجيهي حيّزاً كبيراً من النقاش داخل الجلسة دامَ نحو ساعتين، ولم يخل هذا النقاش من التوتر، واستهلّه وزير البيئة فادي جريصاتي بشرح مفصّل عن المقالع والكسارات والخرائط التي أرفقها بأقراص مدمجة. وعلمت «الجمهورية» انّ جريصاتي تحدث عن الصعوبات التي تعترض الكسارات في مناطق تتضمن الآثار.
وقدّم فنيانوس ملاحظاته، وكذلك فعل الوزير قماطي الذي تحدث عن مناطق في الشمال والجنوب لا بدّ أن يلحظها المخطّط وتقع بعيدة عن السلسلة الشرقية. وأثار الوزير شهيّب «الضوابط في نقل البحص والرمل عبر شاحنات بحمولة تفوق قدرتها، ما يؤثّر على الطرق». وتم الاتفاق على إعطاء تراخيص بمهلة سنة ونصف السنة حتى الانتهاء من تنفيذ المخطط. ودار نقاش حول دور القوى الأمنية في مراقبة التراخيص وضبط المخالفات.
وأثناء طلب ابو فاعور استيضاح النقاط الملوّنة على الخرائط، مُعتقداً أنّ بعضها يظهر تَوسعة لرقعة الكسّارات، شرح له جريصاتي مفهوم هذه النقاط، فقال له الوزير غسان عطاالله: «ان شاء الله هَلّق». فصرخ ابو فاعور: «إنتَ جايي تِتسلّى وعامِل مهرّج بالجلسِه؟!».
فرَد عليه عطالله طالباً منه «احترام نفسه ومجلس الوزراء»، فتوتّر الجو واستخدمت عبارات غير لائقة، ما استدعى تدخّل الحريري الذي قال: «عَم تِتلهوا بأمور سخيفة وملفّاتنا أساسية، لا تِنِقلوا حساسيتكم الى داخل مجلس الوزراء».
وفي ختام النقاش تقرّر تأجيل البَت بالمخطط التوجيهي لتعديل الالوان والتصديق على الخرائط خلال الجلسة في السراي اليوم، المقررة للبدء بمناقشة الموازنة بالتفصيل.
وشرح وزير المال الخطوط العريضة لمشروع موازنة العام 2020، مؤكداً انها لن تتضمّن «فرسان الموازنة» وترك القرارات التي تحتاج الى مراسيم وقرارات الى خارج الموازنة.
وإذ أثار الحريري موضوع التأخر في إقرار قوانين تؤمّن إيرادات، اكد خليل «انّ الموازنة لا تتضمن ضرائب جديدة حفاظاً على استقرار التشريع، وانّ العجز لن يتجاوز الانفاق».
وعرض خليل للواردات، فقال: «لم نستطع تقدير الواردات نهائيّاً لأن ليس هناك أرقام حول المخالفات البرية والبحرية، ولا «الارقام المميزة» للسيارات». وأشار الى «أن لا نفقات إضافية سوى الضرورية عن 2019»، كاشفاً أنّ خدمة الدين العام سجّلت زيادة في 2020 بقيمة 1232 مليار ليرة عن 2019، وستبقى تحت سقف نسبة العجز في 2019. وكذلك اشتكى من معاشات التقاعد التي ترتفع، وهذا يؤدي الى خلل»، مشيراً الى «انّ نسبة النمو سجلت صفراً».
الشدياق
وأكدت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» انّ ورقتها عن الموازنة هي قيد التحضير وستقدّمها خلال أيام، وقد انتظرت العرض الذي قدّمه وزير المال علي حسن خليل لتبني على الشيء مقتضاه.
وقالت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق لـ«الجمهورية»: «إعترضنا على مبدأ آلية التعيينات، مع احترامنا للاسم الذي طرح لإدارة «ايدال»، وكنّا نتمنى طَرح أكثر من إسم لهذا المنصب لكي يكون الاختيار وفقاً للكفاية وليس في إطار اختيارات جانبية واستنسابية».
وأشارت الى «أنّ «القوات» ستشدّد على أمرين أساسيين في الموازنة، أن تكون «عملية، وبالأرقام واضحة».
وعن الضرائب، أكّدت شدياق أن «لا ضرائب جديدة ستترتّب على المواطنين».
بري
وأبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره، أمس، ارتياحه الى مباشرة مجلس الوزراء مناقشة مشروع قانون موازنة 2020 وتخصيص جلسات متتالية لدرسها. وشدّد على ضرورة إحالة هذا المشروع الى المجلس النيابي قبل 15 تشرين الاول، أي ضمن المهلة الدستورية.
وسُئل بري عمّا تردّد من انّ مشروع الموازنة سيتضمن «إجراءات موجعة»، فأجاب: «لا توجد ضرائب ولا «فرسان موازنة» في الموازنة، هناك مشاريع قوانين مستقلة ستواكِب الموازنة». وكرّر القول: «إذا طَبّقنا البنود الـ 22 التي اتفقنا عليها في الاجتماع الموسّع في بعبدا خلال 6 أشهر، فإننا سنتجاوز الأزمة».
عون الى نيويورك
من جهة ثانية، أنجزت الدوائر المختصة في القصر الجمهوري الترتيبات اللوجستية الخاصة بسفر رئيس الجمهورية الى نيويورك، مُترئساً وفد لبنان الى الاجتماعات السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة المقررة بين 23 و27 من الجاري، حيث سيُلقي كلمة لبنان أمام المنظمة الدولية، على أن تكون له على هامشها مجموعة لقاءات مع نظرائه العرب والاجانب.
ومن المقرر أن ينضَم وزير الخارجية جبران باسيل الى الوفد، بعدما يكون قد سبقه الى الولايات المتحدة الأميركية لترؤس أعمال مؤتمر الطاقة الإغترابية لهذه السنة، ثمّ الانطلاق في جولة تشمل عدداً من الولايات الاميركية بدءاً من 21 الجاري.
المصدر: الجمهورية