الرئيسية / آخر الأخبار / حطيط يلخّص قصّة النّزاع حول الحدود البحرية في لبنان : النقطة (29) هي الصواب

حطيط يلخّص قصّة النّزاع حول الحدود البحرية في لبنان : النقطة (29) هي الصواب

مجلة وفاء wafaamagazine

الخبير العسكري العميد د. أمين حطيط يلخّص قصّة النزاع حول الحدود البحرية في لبنان، وهو الذي خبر هذا الملف قبل سنوات طويلة، فيوضح أنّ مفهوم المنطقة الاقتصادية البحرية هو مفهوم جديد في العلم القانوني. نشأ مع توقيع اتّفاقية البحار في العام 1982 والتي انضمّ إليها لبنان عام 1994. عندما وقّع لبنان هذه الإتفاقية لم يبادر إلى تحديد حدود منطقته الاقتصادية حيث بقي الأمر طي الكتمان حتّى العام 2007، عندما استجاب فؤاد السنيورة لضغوط أوروبية وأرسل وفداً إلى قبرص لتحديد الحدّ الغربي لحدود المنطقة الاقتصادية.

الوفد الذي ذهب إلى قبرص لم يكن وفداً مؤهلاً -يقول حطيط- إذ لم يضم ضابطا من الجيش كما تقتضي الأصول ولا مهندساً طبوغرافياً أو هيدروغرافيا أو شخصاً من المختصّين لتحديد المنطقة الاقتصادية.

لذلك ارتكب الوفد خطيئة كبرى حين اعتمد النقطة (1) النقطة الأساس في البحر، وعندما جاء الوفد بمشروع الإتفاقية لم يعرضها على رئيس الجمهورية آنذاك الرئيس الأسبق العماد إميل لحود وهذه أيضاً مخالفة دستورية، وضعت عقبها الإتفاقية في الأدراج بانتظار انتهاء ولاية العماد لحود.

لكن عندما جاء الرئيس السابق ميشال سليمان لم يوقّع على الإتفاقية قبل عرضها على قيادة الجيش. الأخيرة درست الإتفاقية واستعانت بخبرات محلية وتبيّن لها أنّ النّقطة (1) هي نقطة في موضع خاطئ، مقترحةً نقطة بديلة هي النقطة (23)، ولكي تطمئن قيادة الجيش أكثر استعانت بخبرات المكتب الهيدروغرافي البريطاني الذي أجرى دراسة وأرسلها الى لبنان.

حدود لبنان البحرية..ما أهمية تعديل المرسوم 6433؟

النقطة (29) هي الصواب

وفي الوقت ذاته، كان حينها الرائد ابراهيم بصبوص يجري دراسة مختصّة للوضع وتبيّن له أيضاً أنّ النقطة (1) في موضع خطأ وأنّ الدّراسة البريطانية تتوافق مع دراسته الشخصية التي أعدّها وأنّ النّقطة الصحيحة ليست في النقطة (23) كما كانت الدّراسة الأولى بل في النقطة(29)، وفارق كبير حدث في مساحة المنطقة الاقتصادية إذ إنّ اعتماد النقطة (29) وهي النّقطة الصواب التي يتمسّك بها لبنان في وفده المفاوض يُعطي لبنان مساحة هي 2290 كلم2 إضافةً إلى المساحة التي له وفقاً للنقطة (1).

وعلى هذا الأساس، برز ثلاثة خطوط؛ الخطّ الأوّل يتمثّل بالنقطة (1)، والخط الثاني يتمثّل بالنقطة (23) والمساحة بينهما 860 كلم2، والخط الثالث هو النقطة (29) والمساحة ما بين النقطة (1) و(29) هي 2290 كم. لكن لبنان للأسف الشديد في ظلّ حكومة نجيب ميقاتي -كما يروي حطيط- لم يعتمد الخط الصحيح (29) رغم أنّ هناك دراسة لبنانية صادرة عن قيادة الجيش وأخرى بريطانية تؤكّد على صوابية هذه النقطة، فيما اعتمد لبنان الخط الثاني عند النقطة (23) مصحّحاً خطأ بخطأ ونظم المرسوم 6433 في العام 2011 معتمداً النقطة (23) ما حرم لبنان من مساحة 1430 كلم2.

أرسل بعدها المرسوم إلى الأمم المتحدة في خريف العام 2011. وقد نشأ بين المرسوم الذي يعتمد النقطة (23)، والمشروع الأولي في النقطة (1) مساحة 860 كلم2 هي التي قيل عنها المنطقة المتنازع عليها، بينما المنطقة المتنازع عليها حقيقة هي 2290 كلم2.

وبحسب حطيط، عندما قام الرئيس بري بالتفاوض مع الأميركيين اعتمدوا على ما جاء في المرسوم أي 860 كلم2 ولم يأخذوا في الحدّ الذي طرحه الجيش والمكتب الهيدروغرافي البريطاني.

وفي عام 2014 اقترح وكيل وزارة الخارجية الأميركية ومبعوثه إلى الشرق الأوسط فريدريك هوف حلاً وسطاً باقتسام المنطقة 860 كلم2 على أساس أن يأخذ الجانب اللبناني 55 بالمئة منها. بعد أن وافق الرئيس بري على الطرح، وعُرض اقتراح هوف على حكومة تمام سلام فرفض وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر هذا الأمر لأنّ هذا الخط يهمل مساحة الـ2290 كلم2، ويعطي “اسرائيل” مساحة من داخل المنطقة الاقتصادية اللبنانية. الجدال الذي حصل في مجلس الوزراء آنذاك دفع تمام سلام إلى سحب المشروع عن الطاولة وعدم اتّخاذ القرار لا قبولاً ولا رفضاً.

الرئيس عون كلّف وفداً من أفضل الضباط والقانونيين في لبنان

ووفق حطيط، نام الملف في العام 2014، وبعدها تغيّر الموفد هوف، وأتى في العام 2016 الموفد ديفيد ساترفيلد ليحرّك الملف، لكنّه أتى بمصيبة جديدة هذه المرة إذ لم يأت من باب طرح حلول بل تنظيم مفاوضات مباشرة بين لبنان و”إسرائيل” بوساطة أميركية.

عمل ساترفيلد على حلّ التفاوض ما بين الدولتين لمدّة ثلاث سنوات ثمّ تخلّى عن المهمة وأسندها إلى ديفيد شينكر الذي توصّل في نهاية المطاف في تموز 2020 إلى اتّفاق إطار أعلنه الرئيس بري لإجراء مفاوضات غير مباشرة، ولكن يبدو أنّ الأميركيين تمسّكوا بمبدأ أن يكون التفاوض على مساحة 860 كلم2.

رئيس الجمهورية المخوّل دستورياً بالتّفاوض مع الخارج وجد ثلاث ثغرات في اتّفاق الإطار. أولاً أنّ اتّفاق الإطار لم يلحظ المرجعيات القانونية التي تعتبر قوة للبنان كاتّفاقية قانون البحّار واتفاقية الهدنة. ثانياً، يوحي اتفاق الإطار ضمناً أنّ النّزاع هو على الـ860 كلم2. ثالثاً؛ ينصّ على أن يكون التّفاوض برعاية أميركية وليس برعاية الأمم المتحدة.

وفق حطيط، كلّف الرئيس عون وفداً من أفضل الضباط والقانونيين في لبنان وأدخل في الوفد الضابط الذي أعد الدراسة، وخبيراً بالشؤون القانونية نجيب مسيحي المحامي في القانون الدولي، وذهب الوفد بعد أن حضّر ملفّه جيداً ووجد أنّ الخط الأول ساقط وفيه عيوب، الخط الثاني عند النقطة (23) ساقط أيضاً لأن فيه عيوب، بينما الخط الصحيح يكمن في النقطة (29).

وبحسب حطيط، عندما طرح الوفد اللبناني رؤيته التي تظهر حقّ لبنان في مساحة الـ2290 كلم2، قال الوفد “الإسرائيلي” أنّ للبنان مرسوماً آخر مودعاً في الأمم المتّحدة يعبّر عنه في المرسوم 6433. حينها عاد الوفد اللبناني إلى مرجعيته أي رئيس الجمهورية وطلب منه تعديل المرسوم حتى لا يبقى نقطة ضعف في الموقف اللبناني، فانقسم الداخل اللبناني بين تيارين، أول يتمسّك بالتفاوض على أساس الـ 860 كلم2 ويرفض تعديل المرسوم على اعتبار أنّ هذه الخطوة “ستطيّر” المفاوضات، وثاني فريق يمثّله الرئيس عون ومعه كامل الوفد اللبناني وكامل الخبراء اللبنانيين والعسكريين والإستراتيجيين الذين يواكبون الملف ويرون أنّ موقف الوفد اللبناني هو الصحيح، وأنّ على لبنان التّمسك بالخط الثالث عند النقطة (29) لأنّه الخط الوحيد الذي يدافع عن لبنان.

وفي الختام، يسأل حطيط:” هل نلتزم بمساحة الـ860 كلم2 وهي منطقة سيتمّ تقاسمها مع كيان العدو، ونخسر 1890 كلم2؟، برأي حطيط:” إذا بقي المرسوم من غير تعديل سنخسر ما يعادل خمس مساحة لبنان الكلية، لذلك نؤيد موقف الرئيس عون والوفد اللبناني ونعتبر كلّ معارضة لتعديل المرسوم هي تفريط بالحقوق اللبنانية تصل إلى درجة الخيانة العظمى، يختم حطيط.

 

 

 

 

 

 

 

 

وكالات