مجلة وفاء wafaamagazine
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين بأخبار إنشاء دوري يجمع فرق النخبة في أوروبا تحت مسمّى «Super League»، وذلك قبل يومٍ واحدٍ من إعلان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عن الشكل الجديد لدوري الأبطال. بنظر القيّمين، سوف تعطي البطولة الجديدة للمشاهدين جرعة أكبر من الإثارة، ولكن وراء الأكمة ما وراءها
صُعق الوسط الرياضي العالمي بخبرٍ صادم يوم الأحد، مفاده إنشاء بطولة جديدة (سوبر ليغ) تضم أندية النخبة الأوروبية. لاقت الفكرة معارضة شرسة من القيّمين على اللعبة ومن أغلب المشجّعين والنقاد. الجميع في حالة هلع، بانتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة.
لا تُعد «فكرة» دوري السوبر الأوروبي أو السوبر ليغ جديدة، فقد تمّت مناقشتها منذ التسعينيات دون أن تدخل حيّز التنفيذ، حيث رفض الفيفا وجميع الاتحادات القارية تشكيل دوري منفصل حينها. وقد تحدث تقرير من صحيفة «دير شبيغل» الألمانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 عن محادثات سرية حول إنشاء مسابقة قارية جديدة للأندية، دوري السوبر الأوروبي، لتنطلق في عام 2021.
في عام 1998، سعت شركة «Media Partners» الإيطالية لتحقيق الفكرة، لكنّ محاولتها باءت بالفشل بعد أن تحرك الاتحاد الأوروبي لتوسيع مسابقة دوري أبطال أوروبا وإلغاء كأس الكؤوس الأوروبية لاستيعاب الأندية التي كانت تفكر في الانشقاق والانضمام إلى الدوري المقترح.
لم يتطرق بعدها أحد إلى المقترح إلى أن أعاد الفكرة رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز عام 2009. صرّح بيريز حينها أنه سيدفع باتجاه منافسة منفصلة تضم القوى التقليدية في أوروبا إذا لم يقدّم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم المزيد من «الضمانات»، وهو ما يبدو أنه سيتحقق قريباً خاصةً بعد فشل اليويفا من احتواء تداعيات فيروس كورونا السلبية على الأندية.
في عام 2016، ناقش الاتحاد الأوروبي لكرة القدم مرة أخرى إمكانية إنشاء دوري مغلق يضم أفضل 16 فريقاً في كرة القدم الأوروبية من الدوريات المحلية الكبرى. تمّ تقسيم هذه الفرق الـ 16 إلى مجموعتين، مع 8 فرق في كل مجموعة. يلعب كل فريق ضمن مجموعته حسب نظام الدوري المعتاد وتتأهل الأندية الأربعة الأولى من كل مجموعة إلى الدور ربع النهائي. تمّ رفض هذه الخطة من قبل (ويفا)، وعمل على إجراء تغييرات على هيكل دوري أبطال أوروبا من جديد لتجنّب إنشاء دوري السوبر، على أن يكون لكل من إنكلترا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا 4 مقاعد في دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا دون الحاجة إلى خوض دور التصفيات.
بيريز في الواجهة
كلّ المحاولات السابقة تبدّدت أمام عتبة القيّمين على اللعبة، ولكن اليوم يبدو الأمر مختلفاً. بيريز و«حلفاؤه» لم يقترحوا البطولة الجديدة وحسب هذه المرة، بل أعلنوا إنشاءها بعد أن حصلوا على موافقة العديد من الأندية. وجاء في بيان الإعلان: “اجتمع 12 من أندية كرة القدم الرائدة في أوروبا للإعلان عن موافقتها على إقامة مسابقة منتصف الأسبوع، (السوبر ليغ) التي تديرها الأندية المؤسسة لها”.
وأضاف البيان: “الأندية الـ12 هي مانشستر يونايتد وآرسنال وتشلسي وتوتنهام ومانشستر سيتي وليفربول وريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وإنتر ميلانو وإي سي ميلان ويوفنتوس، على أن تتم دعوة ثلاثة أندية أخرى للانضمام قبل الموسم الافتتاحي، الذي سيبدأ في أقرب وقت ممكن.
سيتمّ تشكيل المسابقة الجديدة وفقاً لمعايير الاستدامة المالية
من المقرر أن يشارك 20 نادياً في البطولة، بينها 15 من المؤسسين، وخمسة فرق أخرى، ليتم تقسيمها سنوياً بناءً على نتائج الموسم، وستقام جميع المباريات منتصف الأسبوع، وستواصل جميع الأندية المنافسة في الدوريات الوطنية الخاصة بها. يبدأ الموسم في أغسطس/ آب بمشاركة الأندية في مجموعتين من 10 أندية ستلعب مباريات (ذهاب وإياب)، على أن تتأهل الفرق الثلاثة الأولى من كلّ مجموعة تلقائياً، إلى ربع النهائي، فيما سيلعب الفريقان صاحبا المركزين الرابع والخامس مباراة فاصلة.
وستُلعب بعدها مباريات ربع النهائي ذهاباً وإياباً وصولاً إلى النهائي، الذي سيكون من مباراة واحدة في نهاية مايو/ أيار، في مكان محايد.
أشار بيان الأندية المؤسّسة أيضاً إلى أن رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز سيكون هو أول رئيس في دوري السوبر الأوروبي الذي صرّح برغبته في مساعدة كرة القدم “على جميع المستويات لتحتل مكانتها المناسبة في العالم”.
كما سيكون كلّ من جويل جليزر وأندريا أنيلي نائبي رئيس بطولة دوري السوبر الأوروبي الجديدة، وتتطلّع الأندية المؤسسة إلى عقد العديد من المحادثات مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) والاتحاد الدولي للعبة (فيفا).
تهديدات بالإيقاف
على ضوء ذلك، كانت ردة فعل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قوية، إذ نشر على صفحته في تويتر بياناً مشتركاً مع اتحادات كرة القدم والدوريات الإنكليزي والإسباني والإيطالي تضمّن نقداً شديد اللهجة لخطة دوري السوبر الأوروبي وتصريحاً بنية عرقلة هذه الخطة سواء بوسائل رياضية أو قضائية وحرمان الأندية المعنية ولاعبيها من المشاركة في أي بطولة قارية أو عالمية على مستوى الأندية أو المنتخبات.
ولم تقتصر ردود الأفعال السلبية على الجهات المسؤولة الكبرى وحسب، بل شملت مشجعي كرة القدم والعديد من اللاعبين والمدربين الحاليين والسابقين وحتى رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، مشيرين إلى تأثير البطولة الجديدة المدمر على البطولات المحلية ودوري أبطال أوروبا والأندية الصغرى.
ستسمح بطولة السوبر ليغ بإدخال عائدات كبرى على الأندية المشاركة خاصةً بعد الخسائر «الفلكية» جراء فيروس كورونا،
فقد كشفت الجائحة أن الرؤية الاستراتيجية والربح التجاري ضروريان لزيادة القيمة والمساعدات لمصلحة هرم كرة القدم ككل.
من ناحية أخرى، سيتم تشكيل المسابقة الجديدة وفقاً لمعايير الاستدامة المالية، حيث تلتزم جميع الأندية المؤسسة بتبني إطار للإنفاق. لقاء التزامها، ستتلقّى الأندية المؤسسة، بشكل جماعي، دفعة لمرة واحدة بقيمة 3,5 مليارات يورو مخصّصة لتنفيذ خطط الاستثمار في البنى التحتية والتصدي لآثار جائحة كورونا.
لا تزال الأمور مبهمة، لا اتفاق بين الأطراف المعارضة حتى الآن. بيريز يدعم المشروع الجديد بقوله إنّ “كرة القدم هي الرياضة العالمية الوحيدة في العالم التي تحظى بأكثر من 4 مليارات مشجع، ومسؤوليتنا كأندية كبيرة هي الاستجابة لرغبات الجماهير”، مقابل ذلك، يظهر جلياً رفض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم اقتراح البطولة الجديدة خاصةً بعد إقراره الإثنين اعتماده صيغةً جديدةً لدوري أبطال أوروبا، على أن تشهد مشاركة 36 نادياً بداية من عام 2024.
الآراء منقسمة في الوسط الرياضي، المعارضون ينظرون إلى السوبر ليغ على أنه مجرد «وسيلة» من قبل الأندية الكبرى لكسب المزيد من المال والسيطرة على كرة القدم، في حين يدافع الأنصار عن مشروعهم تحت راية تطوير قطاع كرة القدم وزيادة الرفاهية. لا شيء واضحاً حتى اللحظة، الأكيد أنّ البطولة الجديدة سوف تشكّل القضية الأبرز طرحاً على الرقعة الخضراء في الأشهر المقبلة.
الاخبار