الرئيسية / آخر الأخبار / محمد عمرو : الشائعة ضررها أشد من ضرر القتل !

محمد عمرو : الشائعة ضررها أشد من ضرر القتل !

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب الزميل الإعلامي محمد عمرو

لست منتمياً إلى أي فريق أو جهة أو منظمة أو متعصب لمذهب من المذاهب، وإنما أنظر بكل أدب وإحترام وتواضع إلى كل الأفكار و الآراء ، وأبحث في كل نفس عن الحق بكل تجرد ولست ملزماً أحداً برأيي، فالعاقل يفهم ويعي.

نحن نعيش الآن واقعًا مليء بفتن لا يعلم بها إلا الله، فتن قتل وهرج، فتن فضائيات وإعلام مضلل، فتن إنترنت وشائعات وانفتاح على العالم، كلٌ يكتب ما يريد دون وازع من ضمير يردعه إلا من رحم ربي، وغيرها الكثير من الفتن التي نحتاج فيها عون الله تعالى أن يثبتنا ويبصرنا فيها بالحق .
لقد رأيت كثيـراً من الأغبياء الذين يحبون تفريق الناس، وإشاعة الفتن والإشاعات الكريهة بين الناس بأسوأ ما يتصورون من مسخ وتشويه ، فالشائعات خطرها عظيم، ولها آثارها السلبية على الفرد والمجتمع والأمة .

ما هي الشائعة؟
الشائعة مصدر أشاع، وشاع الخبر في الناس شيوعا، أي: انتشر وذاع وظهر. والشائعة هي الأخبار التي لا يُعلم من أذاعها. فلو سألت من ينقل الشائعة عن مصدرها سيقول لك قالوا زعموا .والشائعة نشر الأخبار التي ينبغي سترها، لأن فيها إيذاء للناس .
الشائعات كم دمرت من مجتمعات و هدمت من أسر، وفرقت بين أحبة.
الشائعات كم أهدرت من أموال، و ضيعت من أوقات.
الشائعات كم أحزنت من قلوب، وأولعت من أفئدة، وأورثت من حسرة.
الشائعات كم أقلقت من أبرياء، وكم حطمت من عظماء وأشعلت نار الفتنة بين الأصفياء.
الشائعات كم نالت من علماء وعظماء؟! وكم هدّمت الشائعة من وشائج؟! وتسبّبت في جرائم؟!
الشائعات كم أثارت فتناً وبلايا، وحروباً ورزايا، وأذكت نار حروب عالمية، ، وإن الحرب أوّلها كلام، ورب مقالة شرّ أشعلت فتنا، لأن حاقداً ضخّمها ونفخ فيها.
الشائعات كم هزمت من جيوش، وكم أخّرت في سير أقوام .
الشائعات ألغام معنوية، وقنابل نفسية، ورصاصات طائشة، تصيب أصحابها في مقتل، وتفعل في عرضها ما لا يفعله العدوّ بمخابراته وطابوره الخامس.
الشائعات والأكاذيب تعتبر من أخطر الأسلحة الفتاكة والمدمرة للمجتمعات والأشخاص بل قد تكون مِعْوَل هدم للإنسان من الداخل أو الخارج .

خطر الشائعات
هل أتاكم خبر ذاك الأب الذي قتل ابنته والسبب شائعة ، هل أتاكم خبر ذاك الزوج الذي طلّق زوجته ودمر بيته والسبب شائعة .
الشائعة تُعمي عن الحق وعن الصراط المستقيم.
الشائعة ضررها أشد من ضرر القتل. فالإشاعات من أهم الوسائل المؤدية إلى الفتنة والوقيعة بين الناس ويقول الله تعالى: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ)، (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) وإنما كانت الفتنة أشد من القتل لأن القتل يقع على نفس واحدة لها حرمة مصانة أما بالفتنة فيهدم بنيان الحرمة ليس لفرد وإنما لمجتمع بأسره.
الشائعة يطلقها الجبناء ،ويصدقها الأغبياء الذين لا يستخدمون عقولهم .ويستفيد منها الأذكياء .
إن نشر الإشاعات سلاح خطير يفتك بالأمة ويفرّق أهلها، ويسيء ظن بعضهم ببعض، ويفضي إلى عدم الثقة بينهم، وأسرع الأمم تصديقًا للإشاعات هي الأمم الجاهلة الفاشلة، بسذاجتها تصدّق ما يقال، وتردد الأخبار الكاذبة دون تمحيص ولا تفنيد، وأما الأمم الواعية فلا تلتفت إلى الإشاعات، وتكون مدركة لأحابيل وألاعيب المنافقين ، فلا يؤثر على مسيرتها، ولا يهزّ أعصابها.ولذلك مطلوب منا دائمًا ولا سيما في هذه الظروف الحرجة أن نكون يدًا واحدة، أعوانًا على الخير، وأعوانًا على البر والتقوى، يكمل بعضنا نقص بعض، ويعين بعضنا بعضًا، نسعى في جمع الكلمة، ونسعى في وحدة الصف، ونسعى في لمّ الشمل.

مروج الشائعة
مروّج الشائعة عضو مسموم، يسري سريان النار في الهشيم، يتلوّن كالحرباء، وينفث سمومه كالحية الرقطاء، ديدنه الإفساد والهمز، وسلوكه الشر واللمز، وعادته الخبث والغمز .
مروّج الشائعة لئيم الطبع، دنيء الهمة، مريض النفس، منحرف التفكير، صفيق الوجه، عديم المروءة، ضعيف الديانة، يتقاطر خسَّة ودناءة، قد ترسّب الغلّ في أحشائه، فلا يستريح حتى يزبد ويُرغي، ويفسد ويؤذي، فتانٌ فتاكٌ، ساع في الأرض بالفساد، للبلاد والعباد.
الشائعات جريمة ضد أمن المجتمع، وصاحبها مجرم في حق دينه ومجتمعه وأمته، مثيرٌ للاضطراب والفوضى في الأمة، وقد يكون شراً من مروّج المخدرات، فكلاهما يستهدف الإنسان، لكن الاستهداف المعنوي أخطر وأعتى.وإنك لتأسف أشد الأسف ممن يتلقى الشائعات المغرضة، وكأنها حقائق مسلّمة فيلطّخ سمعه وبصره من الشائعات الباطلة.

أنواع الشائعات
الشائعة الزاحفة : والتي تنتشر ببطء وبسرية .
الشائعة الإندفاعية : تنتشر بسرعة فائقة مستندة إلى مشاعر انفعالية عنيفة .
الشائعة الغاطسة : تنتشر في ظروف معينة ثم تختفي ( تغطس ) لتعاود الظهور في ظروف مماثلة
الشائعة الأمل : وتنتشر في الأوساط التي تتمنى صحة هذه الشائعة .
شائعة الخوف : وتنتشر في أجواء التهديد المولدة للمخاوف ، وذلك لدفع الخائفين إلى التسليم .
شائعة الخيانة : وتنتشر بصفة خاصة في أوقات الحروب والأزمات المصيرية , وتتركز عادة على الفئات المسؤولة عن المواجهة مثل القادة السياسيون والعسكريون.
شائعة البعبع : وهى شائعة خوف مبالغة .
الشائعة العنصرية ( التمييزية ) : التي تحمل موقفا ما من جماعة عرقية أو طائفية.

أخيراً وبعد هذا الشرح احذر أن تكون أنت الانطلاقة لكل شائعة، واحذر أن تكون مروجاً لهذه الشائعات، فإذا ما سمعت بخبر ما سواءً سمعته في مجلس عام أو خاص، أو قرأته في مجلة أو جريدة،أو أنترنت أو شاهدته في قناة فضائية أو سمعته في إذاعة، وكان ما سمعته يتعلق بجهة سواء كانت طائفة أو مجتمع أو شخص، وكان الذي سمعته لا يسُرّ، أو فيه اساءة أو تهمة، فلا تستعجل في تقبل الإشاعة دون استفهام أو اعتراض .واحذر ترديد الإشاعة لأن في ترديدها زيادة انتشار لها مع إضفاء بعض بل كثير من الكذب عليها وكما قيل في المثل الروسي :(الكذبة كرة ثلجية تكبر كلما دحرجتها)، واحتفظ بالخبر لنفسك لا تنقله لغيرك، مع أن الذي ينبغي أن يبقى في نفسك هو عدم تصديق الخبر ، لأن الأصل إحسان الظن حتى يثبت بالبرهان والدليل والأدلة صدق هذا الاتهام ، لأن القضية قضية مبدأ والمسألة مسألة حسنات وسيئات.
فليحافظ كل منا على أمته ومجتمعه ، وليحافظ كل منا على حسناته، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.