الرئيسية / محليات / ورقة الحكومة تنقصها كلمة واحدة والملايين باقية في الشارع… ماذا بعد؟

ورقة الحكومة تنقصها كلمة واحدة والملايين باقية في الشارع… ماذا بعد؟

الثلاثاء تشرين الاول 2019


مجلة وفاء wafaamagazine

لّتنا الكبرى في هذا البلد تكمن في كلمة واحدة هي ” التطبيق”، بالأمس القريب دفعنا المليارات من جيوبنا لخطة ماكينزي وما لبثت الحكومة أن وضعتها في أدراج النسيان، وبالأمس القريب أيضًا تداعت القوى السياسية إلى بعبدا فأعلنت حال الطوارىء الإقتصادية واتخذت إجراءات وقرارات إصلاحية لم تنفذ منها شيئًا، أمّا النصوص القانونية فلم تشكّل عائقًا أمام السلطة السياسية للقيام بأداء إصلاحي، بدليل أنّ قانون “من أين لك هذا” أو قانون الإثراء غير المشروع لم يُلاحق بموجبه أيّ موظّف في الدولة منذ صدوره عام 1952، ومن ثمّ ما لحقه من تعديلات في أواخر التسعينات. اليوم أصدرت الحكومة على وقع غضب الشارع إجراءات غير مسبوقة في تاريخ البلاد فهل تُطبّق وتنقذ البلاد ؟

المحلل المالي والإقتصادي الدكتور بلال علامة قرأ في ورقة الحكومة الإصلاحية نوايا ورغبات وإجراءات، كلها مربوطة بمهل زمنية تتراوح ما بين ثلاثة وستة أشهر، ومعظمها بحاجة إلى إقرار قوانين في مجلس النواب، كقانون الشيخوخة ومكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، في حين أنّه لم تتم الدعوة إلى جلسة نيابية سريعة لإقرار هذه القوانين. كما أنّ هذه القوانين فيما لو أُقرت تحتاج إلى مراسيم تطبيقية تصدر عن الحكومة، وهذا يعني أنّ هناك مسارًا طويلًا لتطبيق بنود الورقة .أضاف علامة في حديث لـ “لبنان 24” أنّ السلطة كانت قد أطلقت مرارًا وعوداً جمّة ولم تنفذ، من هنا رفض الحراك هذه الوعود بسبب انعدام الثقة بالسلطة السياسية.

وعن قانون استعادة الأموال المنهوبة لفت علامة إلى أنّه “لا يمكن تثبيت الجرم بحق أحد من دون مسار قضائي قادر على اصدار إحكام، وفي ورقتهم الإصلاحية لم يتطرقوا إلى القضاء ولم يأتوا على ذكر تشكيل محاكم استثنائية تأخذ على عاتقها القيام بهذه التحقيقات والمسارات”.

الورقة الإقتصادية حقّقت رقمًا لافتًا في تخفيض العجز لامس الصفر % ، ما أثار استغراب المراقبين بنظر علامة “فهذا رقم غير واقعي وغير منطقي، فهل يعقل في العلم الإداري والإقتصادي ألا يكون هناك نفقات حكومية ؟ ماذا لو حصل طارئء في البلاد، لا سيما وأنهم في موازنة 2018 وضعوا سقفًا للعجز 7 %، وتبين أنّه مغاير على أرض الواقع بحيث وصل العجزإلى 11 % . واليوم هناك استحالة بتحقيق عجز بنسبة 0,6% ، وهناك تسرّع بإعلان هذا الرقم، وبالتالي هناك ثغرات في الورقة ولو أنّها تضمنت نوايا وبنودًا غير مسبوقة، شكّلت اعترافًا ضمنيًا بأنّ الحكومات السابقة كانت تكذب على الشعب. كما أنّهم أقروا موازنة 2020 على وجه السرعة وتمّ تحويلها إلى مجلس النواب ليوجهوا للرأي العام رسالة بأنّهم قاموا بواجباتهم ، ومن هنا لم تصدّق مجموعات الحراك هذه الوعود”.

وكشف علامة عن توجه بعض المجموعات في الشارع لإعطاء الحكومة مهلة عشرة أيام لتنفيذ وعودها ولإقرار ما تعهّدت به من قوانين، ولكنه رفض من البعض الآخر .

المخرج الوحيد الذي قد تلجأ إليه السلطة، وفق مقاربة علامة، هو إعلان حال الطوارىء في البلاد، متحدثًا عن فريقين في مجلس الوزراء، فريق الحريري الذي لم يتوقع خروج المتظاهرين من الشارع، وفريق رئيس الجمهورية الذي ضغط باتجاه ما اعتبروه حلّا، وهم يعيشون حالة إنكار للإنتفاضة، بدليل ما قاله الوزير جبران باسيل داخل الجلسة، بأنّ كلّ الذي يحصل هو تأييد للعهد ولمطالب العهد، وأضاف علامة: أنّ منطق الإستفراد الذي مارسه باسيل بمواجهة “الإشتراكي” و”القوات” داخل مجلس الوزراء منذ تشكيل الحكومة تُرجم على الأرض أيضًا نقمة وغضبًا .

حالة إنكار الواقع التي يعيشها باسيل تنطلق من استقوائه بـ”حزب الله” من جهة وبالعهد من جهة أخرى، ويحاول باسيل مع “حزب الله” تحميل الأفرقاء الآخرين كلّ تبعات الفساد. والسؤال هل سيلجأ الحزب إلى تحريك شارعه بوجه الشارع الآخر لإحباط إنتفاضة الشعب ؟

“أستبعد أن يتمكّن الحزب من مواجهة الناس، ومهما بلغ فائض القوة لا يمكنه مواجهة نصف الشعب اللبناني في الشارع، وإلا أثبت للعالم بأنّه يحمي الفساد، كما أنّ المسألة اليوم مسألة حريات عامة ودستور وقانون، ولا يمكن أن يحصل هذا الأمر بتعليق الدستور وإعلان حالة طوارىء والذهاب إلى ما يشبه الإنقلاب”.

إذن ورقة الحكومة لم تشكّل الصدمة الإيجابية المطلوبة لدى الشارع، بالمقابل تفتقد التحركات الشعبية إلى رؤية وقيادات تعمل على صياغة برنامج موحّد متكامل تفاوض السلطة من خلاله، وحالة الشارع هذه فيما لو بقيت على سجّيتها قد تضيّع الفرصة التاريخية للتغيير الحقيقي .

عن H.A