الرئيسية / آخر الأخبار / الحريري : أولوية التأليف قبل الاعتذار

الحريري : أولوية التأليف قبل الاعتذار

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “النهار” : انحسرت أمس حرب الرئاسات وتحديداً بين بعبدا وعين التينة، اقله في هدنة غير معلنة تولى “استكمال” بعض وجوهها نواب من “التيار الوطني الحر” و”امل” بما لا يبدل شيئا في الواقع المسدود والآخذ في التأزم وسط انطباعات تستبعد تماماً أي امل متجدد في احياء الجهود الداخلية لتأليف الحكومة. ومع ذلك لا يبدو ان رئيس مجلس النواب نبيه بري في وارد اعتبار مبادرته قد سقطت كما ان الرئيس المكلف سعد الحريري ليس في وارد الاعتذار بما يعني ان الستاتيكو الحكومي ليس مرشحاً لاي تبديل وشيك الا اذا ادت تحركات فرنسية وأوروبية تنتظرها بيروت في نهاية الأسبوع الى إعادة رسم المشهد المأزوم مجدداً.


وفي هذا السياق بدا الرئيس المكلف سعد الحريري جازماً في الثبات على خيار التأليف حين قال لـ”النهار” امس ان الاولوية هي للتأليف قبل الاعتذار الذي يبقى خياراً مطروحاً وهو ليس هروباً من المسؤولية بقدر ما هو عمل وطني اذا كان يسهل عملية تأليف حكومة جديدة يمكن ان تساهم في انقاذ البلد. ولا يمكن اعتبار الخطوة فيما لوحصلت انتصاراً لفريق على ركام بلد.


واذ يشير قريبون منه الى انه يملك الخطة الانقاذية، والنهوض ليس مستحيلا لكنه يحتاج الى جهد والى بعض الوقت، يأسف هؤلاء لخوض معارك على حكومة لا يتجاوز عمرها العشرة اشهر، مع اجراء الانتخابات النيابية المقبلة، وينقلون عنه رفضه بشكل قطعي احتمال التمديد لمجلس النواب وقوله “اذا طرح الموضوع سنستقيل حتماً”.


ورداً على سؤال عن تحالفه مع الرئيس نبيه بري و”حزب الله”، تقول مصادره انه التقى والرئيس بري في منتصف الطريق الذي يمكن ان يقود الى انقاذ الوضع، في حين انه يعتمد سياسة ربط النزاع مع “حزب الله” درءاً للفتنة، لكنه يعتب عليه لان الحياد في الازمات لا يعدّ موقفاً ايجابياً “لا يمكن له ان يقعد على جنب، هذا موقف غير مسؤول”.


ويؤكد هؤلاء ان خلاف الحريري مع رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل ليس شخصياً على الاطلاق، انما يقوم على تباعد في النظرة الى مجمل الملفات، والى تجاوز الصلاحيات، واحترام الدستور من دون خلق اعراف جديدة.


في غضون ذلك كشفت مصادر ديبلوماسية لـ”النهار” ان الموفد الفرنسي باتريك دوريل يصل اليوم الى بيروت على ان يبدأ اجتماعاته مع المسؤولين وان زيارته تحمل فرصة اخيرة امام المسؤولين اللبنانيين في الملف الحكومي على قاعدة الجزرة والعصا التي تسير بها فرنسا راهناً جنباً الى جنب مع الاتحاد الاوروبي. ولفتت إلى ان موضوع الشراكة بين لبنان وفرنسا على قاعدة الاعداد لمشاريع تنفذ وفق الية بدأ العمل بها مطلع السنة الجارية وتستمر لسبع سنوات يشكل جزءاً مهماً من زيارة دوريل ولكن فرنسا لا تزال تترك الباب مفتوحا في محاولة اخيرة للدفع نحو تشكيل الحكومة في موازاة الاعداد للعقوبات التي ستعرض امام الاتحاد الاوروبي قريباً. ومحاولة دوريل الجديدة ستكون الاخيرة على الارجح في هذا السياق لان فرنسا في صدد الاعداد للوائح عقوبات تتوافق مع اهداف الاتحاد الاوروبي التي نصت عليها معاهدة ماستريتشت والمتصلة باهداف السياسة الخارجية وابعادها بالتعاطي مع الدول على قاعدة نشر الاستقرار والتنمية وحقوق الانسان. فهناك اجراءات بدأتها فرنسا وابلغتها كما بات معروفاً لاصحاب العلاقة الذين طاولتهم هذه الاجراءات ولكن خطورة العقوبات متى اتخذت من دول الاتحاد الاوروبي انه في حال تطبيقها سيكون صعبا العودة عنها.


وكان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل التقى امس في دارته، سفيرة فرنسا آن غريو، وذكر انه عرض للملف الحكومي انطلاقا من أولوية التأليف، وفي ضوء العراقيل التي لا تزال تعترض التشكيل.


الحزب والسجالات
في المقابل اعلن “حزب الله” عقب اجتماع “كتلة الوفاء للمقاومة” إن “التنازلات المتبادلة ضرورة حاكمة على الجميع، وليست منقصةً لأحد، في حين أنّ التصلّب سيؤدي إلى تعطيل الحلول وتعقيد المعالجات، وإضاعة الفرص الثمينة على الوطن والمواطنين”، معتبرا “إن اختلاف المقاربات بين المسؤولين ينبغي أن يكون مدعاةً لمراجعة الأفكار والمعطيات وإعادة النظر في تقدير الأوضاع والمواقف، وصولاً إلى تحقيق التفاهم المشترك”.


وعلى رغم استكانة السجالات المباشرة بين بعبدا وعين التينة تواصلت الردود بين نواب من الفريقين فاعتبر عضو “كتلة التنمية والتحرير” النائب علي خريس ان “من يحاول ان يرشق الرئيس بري بسهام الكذب والخداع وتعمية الحقائق والتلطي وراء بيان من هنا وتصريح من هناك، للسير قدماً في عرقلة تشكيل الحكومة التي ستعالج الازمات التي يعيشها البلد لتحقيق مصالح طائفية ومذهبية، لا يخدم المسيحيين ولا المسلمين ولا سائر ابناء الوطن”. واشار الى ان مواقف القيادات السياسية في “التيار الوطني الحر” لن تثمر الا الخراب ولا تبني أوطانا ولا تحمي طوائف او شعوبا”، مؤكدا ان “زعزعة السلم الداخلي خدمة مجانية للكيان الصهيوني الغاصب”.


وفي المقابل، غرد عضو “تكتل لبنان القوي” النائب جورج عطالله قائلا “يبدو أن هناك من اكتشف أن كل من رباهم من أرانب وحمام زاجل فشلوا في المهمة المكلفين بها، الأمر الذي إستدعى تدخله المباشر، فسقط إدعاء العيش المشترك، وسقط إدعاء الحفاظ على الميثاقية، والنبيه من الإشارة يفهم”.


الاضراب
وسط هذه الأجواء بدا الاضراب الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام بمثابة ضربة سيف في المياه اذ جاء باهتاً ومفتقراً الى نبض شعبي حقيقي ناهيك عن البعد “الساخر” الذي قلل وهجه الى حدود بعيدة بعدما ركبت موجة الاضراب معظم القوى والأحزاب فضيعت هويته تماما. مع ذلك شل الاضراب معظم القطاعات، من المصارف الى المطار مرورا بالسائقين وموظفي القطاع العام. ودعا رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، في التجمع المركزي من امام مقر الاتحاد “الساسة بأن يتوقفوا عن التراشق والاتهامات والمحاصصة ويبادروا إلى تأليف حكومة إنقاذ”. وقال “ما يحصل يخرج عن نطاق العقل لذلك توقفوا عن سياسة القتل بحق الشعب اللبناني وبادروا فورا إلى تنازلات”. اضاف: “ما نراه اليوم من انهيار للمنظومات التربوية، الصحية، البيئية والاقتصادية والحد الأدنى بات يساوي 30 دولارا، علينا التصدي لهذا الوضع بالتكافل من أجل الحفاظ على عمال لبنان وكل فئات الشعب اللبناني وهذا لا يتحقق الا بوجود حكومة انقاذ”.