الرئيسية / آخر الأخبار / الخطيب: للتجاوب مع مبادرة بري ومساعيه للخروج من النفق المظلم

الخطيب: للتجاوب مع مبادرة بري ومساعيه للخروج من النفق المظلم

مجلة وفاء wafaamagazine

 أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس، والقى خطبة الجمعة التي قال فيها: “قال تعالى في كتابه العزيز أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ان الله نعما يأمركم به ان الله كان سميعا بصيرا)، أيا كانت المدارس الفكرية التي تتناول موضوع الحكم، وايا كانت وجهات نظرها في مسألة تحقيق العدالة الاجتماعية وهي مختلفة ومتنوعة بالطبع، لكنها وفي كل الاحوال تشترك في الشروط العامة التي يجب ان تتوفر في الحاكم الذي يقع على عاتقه تحقيق هذا الهدف وهذه الغاية، ويخرج عن هذه القاعده في الاشتراك بهذه الشروط الحكم الذي يقوم على اساس الملكية الفردية وان الحكم هو حق للعائله أو الفرد، وأضيف اليها مدرسة جديدة وبدعة جديدة في لبنان- ليس لها سابقه في التاريخ على حدَّ معرفتنا واطِّلاعنا – حكم الطائفة قبل اتفاق الطائف، وحكم الطوائف واقتسامه بينهم بعده بإناطته بمجلس الوزراء بالتوافق في القضايا الاساسية وبالتصويت في غيرها”.

أضاف: “وأول هذه الشروط أن يكون الحكم قائما على أسس فكرية وفلسفة اجتماعية، تحدَّد فيها رؤية لتحقيق العدالة ويقوم الحكم بوضع برنامج عمل ينسجم مع هذه الرؤية ويعمل على تحقيقها، وهو ما تتبناه اغلب انظمة الحكم خصوصا تلك التي تتبنى ما يدعى بالنظام الديموقراطي ويستند الى الانتخابات ورأي الشعب. ثانيها أن يكون الحاكم مؤمنا بهذه الرؤية ومتبنيا لها. ثالثها ان يضع الاهداف والخطط والبرامج التي يرى انها ملائمة وقادرة على تحقيقها. رابعها ان يكون لديه المعرفة والقدرة والادارة والارادة اللازمة التي تمكنه من تحقيق هذه الاهداف التي حددها والتزم تحقيقها أمام ناخبيه، واقسم اليمين الدستورية عليها”.

وتابع: “نحن ومن هذه الخلفية، وبناء على ما هو المتعارف من معنى العدالة، نريد ان نتناول الآية المباركة التي افتتحنا بها هذه الكلمة وهي تركز على اهمية تحقيق العدالة كغاية من اهم الغايات من وجهة النظر القرآنية، وبغض النظر عن المقصود بالعدالة وعن الشروط التي ينبغي توفرها في الحاكم من وجهة النظر الدينية الخاصة التي نتبناها كمذهب وطائفة لها تفسيرها الخاص للعدالة، وشروطها الخاصة للحاكم ومدى تعلقها بالعداله كمبدأ وهدف وآلية، بحيث ان الباحث المنصف تحصل لديه القناعة أن العدالة وفق المدرسة التي ننتمي اليها وهي مدرسة اهل البيت تساوي التشيع، فقد اخذت العدالة كشرط في اهلية من يتصدى للشأن العام، وهي هنا بمعنى الاستقامة بالممارسة والسلوك والتزام طريق الصواب وفق ما الزم به نفسه لدى انتسابه اليه. فإمام الجماعة لا بد من توفره على شرط العدالة كيما تصح الصلاة خلفه، وفي القضاء كذلك تنصيبا وممارسة، وفي الشهود سواء في الشهادة لدى القاضي لاثبات حق او نفيه او الشهادة على الطلاق، فلا اعتبار ولا يؤخذ بشهادة الفاسق، فالمؤمن يكون عادلا اذا ما طابق سلوكه ايمانه، وهو ليس امرا خاصا بالايمان بمعناه الديني، بل هو شامل لكل صاحب مبدأ الذي يقتضي التزامه به مطابقة سلوكه له”.

أضاف: “وعليه فإنَّ اخطرها على الاطلا،ق هو ما اذا كان الاخلال بالالتزامات التي تكون على مستوى الحكم ويخالف فيها الحاكم مقتضيات النظام وما تعهد به من سير العدالة والنظام والحفاظ على المصالح الوطنية والاستقرار الاجتماعي، والتي قد تصل الى حد التوصيف بالخيانة الوطنية كالتواطؤ مع العدو الذي يستوجب محاكمته، وهذا يقتضي وجود مؤسسات قوية ومستقلة وخصوصا القضائيه منها، فتطبيق العدالة والمحافظة على الاستقرار يحتاج الى نظام مبني على قواعد متينة ومستقلة غير مستتبعة للقوى والاطراف السياسية والطائفية، والا فإن النظام سرعان ما ينهار عند حدوث اي مشكلة حيث يعطل الانقسام السياسي المؤسسات ويمنعها، وخصوصا القضاء عن القيام بواجبها في المحاسبة واصلاح الخلل والمحافظة على النظام العام، وبدلا عن ذلك يدفع نحو الانهيار والاختلال السياسي والاجتماعي والفوضى، بل الى الاحتراب الداخلي. وهو ما نشهده على الساحة اللبنانية الذي تحول طبيعة النظام القائم على اساس طائفي محاصصي ولا تتمتع فيه المؤسسات باستقلالية تمكنها من القيام بدورها الوطني تمنع من انهيار النطام، وخصوصا مؤسسة القضاء والتي يفترض ان تكون على مستوى كبيرا من التمتع بالاستقلالية لتستطيع القيام بواجبها، كما ذكرنا في المحاسبة الذي سرعان ما يذهب بالبلد الى الانقسام الطائفي والحرب الاهلية عندما تتعارض المصالح للقوى السياسية التي تتمترس خلف طوائفها، فتتحول الى انقسامات طائفية وتتعقد المشاكل ويصعب حلها أكثر حينما تتداخل المصالح الطائفية مع المصالح الخارجية، وتقوم القوى الداخلية بدعوة القوى الخارجية للتدخل، ويتحول التعارض في المصالح بين القوى الداخلية الى تعارض المصالح بين القوى الاجنبية، ويخرج الحل تاليا من ايدي اللبنانيين الى يد القوى الخارجية، ويكون الحل وفقا لارادتها الذي تفرضه على اللبنانيين من دون ان يكون لهم اي تأثير، لتتكرر المأساة مرة اخرى بعد فترة قصيرة من الزمن، تكون غالبا انعكاسا لصراعات بين القوى الخارجية نتيجة غياب الاحساس الوطني والشعور بالحاجة الى الحامي لمصالحها الطائفية الناتج عن تسعير الشعور الطائفي وضعف الشعور الوطني، فما هو الحل؟”

ورأى “أننا اليوم ندخل في مأزق جديد ولم تستطع القوى السياسية التي تستولد نفسها وتستولد الازمات نفسها ان تصل الى حل للازمات التي اوقعت البلد فيها، فقد ولدت طبيعة النظام التحاصصي الذي يختبئ وراء الطائفية ويقطف ثماره الاطراف المتحاصصة، ولدت الفساد واودت بأصحاب الودائع وبالنقد الوطني، ولا يريد هؤلاء تحمل نتائج ما ارتكبته ايديهم، وها هم مرة جديدة يقفون خلف طوائفهم ويحولون المشكلة الى مشكلة طائفية وجريمتهم الى طائفتهم التي ذهب ابناؤها ضحية لهم مرتين، مرة عندما نهبوا البلاد واوقعوا المواطنين في الازمات الاجتماعية والمعيشية واصبحوا نهبا للجوع، بينما هم يتمتعون بما نهبوه من اموال وما استولوا عليه بالسرقة والغيلة، ومرة حينما حملوا ابناء طوائفهم مسؤولية هذه الجريمة”.

وأسف لأن “يقوم بعض ممثلي الطوائف بحماية هؤلاء المجرمين ويقوموا باعطاء الغطاء الشرعي، بين مزدوجين، لتتطييف المشكلة وتبرئة اخوة يوسف من الجريمة التي ارتكبوها بحق لبنان واللبنانيين، وبحق العدالة التي يدعونها زورا، ومن الملفت والجدير بالتنويه هو استمرار غفلة اللبنانيين عن حقيقة ما يحدث وعدم اعتبارهم من التجارب التي تكررت وحملت معها اسوأ النتائج على الصعيد المادي والمعنوي، وما زال سحرة فراعنة لبنان وتجار الدماء يسحرون اعين اللبنانيين عن رؤية الحقائق، يقفون وراءهم ويدافعون عن سلاخيهم”.

وتوجه إلى اللبنانيين بالقول: “أفيقوا من غفلتكم، كيف وبعد كل ما مررتم به ومرارة ما تعانون الآن منه كيف تنتظرون ان يأتي الحل على يدي من كانوا السبب في حصولها؟ فهؤلاء يعملون وفق مصالحهم فإذا اتفقوا فلأن مصالحهم اقتضت ذلك، واذا تخاصموا فلأن مصالحهم اقتضت ذلك ولم يكن شيء من ذلك من اجلكم، لذلك فمحال ان يكون الحل الا على ايديكم انتم وشرطه الاول ان تتحرروا من قيودكم الطائفية، وحتى اذا تظاهرتم فليكن من اجل تحقيق مطالبكم لبناء وطن القانون والمواطنة، واخلعوا عنكم الشعارات والانتماءات الطائفية التي ألبستموها، ولم تنتج سوى الحروب والخراب لكم ومزيد الارباح والغنى للصوص الهيكل الدجالين والمشعوذين، ليكن تظاهركم من اجل تأليف حكومة تنهي الانقسام وتلغي الطائفية السياسية وتعمل على تشريع قانون انتخابي خال من القيد الطائفي، وتعمل على انتخابات على هذا الاساس ومن ثم تأليف مجلس الشيوخ، وبعبارة اخرى ان كل موقف او ضغط لا يصب في هذا الاتجاه هو موقف خاطئ يصب في مصلحة مفتعلي الازمات الفاسدين ويغطي على جرائمهم، ويسهم في اعطاء مزيد من الفرص للخراب ومزيد من الفساد والمعاناة لكم وللوطن”.

وقال: “نحن اذ نستنكر الجريمة الموصوفة بسرقة السلع المدعومة وبيعها خارج لبنان، فإننا نطالب كل اللبنانيين بالتشهير بمن يتاجر ويحتكر لقمة عيشهم ودوائهم، وما يؤسف له ان نشاهد اطنان من الحليب المجفف المنتهية الصلاحية في مكب النفايات فيما يجوع أطفال لبنان لاحتكار بعض التجار لاصناف الحليب المدعوم”.

وشدد على أن “التنازل بين القوى المعنية لتأليف الحكومة ضرورة وطنية لإنقاذ البلد مما يتخبط فيه من ازمات، نخشى ان يستغلها اعداء لبنان لزعزعة الأمن وتعريض اللبنانيين لمخاطر هم بالغنى عنها، و لاسيما ان لبنان ما يزال مستهدفا من العدوين الصهيوني والتكفيري، وما نشهده من حوادث أمنية متفرقة يبعث على القلق ويفسح المجال امام تسلل الجهات المتربصة بلبنان واللبنانيين شرا، من هنا فإن الإسراع في تأليف حكومة إنقاذية إصلاحية اكثر من حاجة وضرورة لحفظ الأمن والاستقرار المعيشي والاجتماعي لكل اللبنانيين. وندعو الجميع الى التجاوب مع مبادرة ومساعي الرئيس نبيه بري للخروج من النفق المظلم الذي اوصلتتا اليه سياسة المحاصصة والكيدية السياسية، ونأمل ان يسمع المعنيون صرخة عمال لبنان وهيئاته النقابية التي عبرت بالامس عن وجعها في الشارع، فيتفقوا على تأليف حكومة في العاجل تحول دون الانفجار الاجتماعي”.

وبارك “للجمهورية الإسلامية الايرانية إنجازها لاستحقاق الانتخابات الرئاسية التي تثبت من جديد ان ايران دولة متجددة تتمتع بسيادة كاملة، وتنعم بحرية مسؤولة في اختيار رئيسها وتستطيع انجاز استحقاقاتها الدستورية بوعي ومسؤولية شعبها وحرص قيادتها على توفير الأمن والحرية بما يدحض كل الافتراءات ضدها، وعلى الرغم من الحصار والعقوبات والضغوط فإن ايران استطاعت ان تفشل كل هذه الاساليب لاسقاطها وتجبر القوى العظمى وبالاخص الولايات المتحدة الاميركية للعودة الى المفاوضات النووية وتفرض شروطها، وتبرهن على استقلاليتها ومنعتها في اجراء انتخابات رئاسية بكل حرية وشفافية”.