مجلة وفاء wafaamagazine
زهرة “الفيرونيكا” بلونيها الأبيض والأزرق، زهرة اكتسبت اسمها نسبة للقديسة فيرونيكا التي، وكما تقول الرواية مسحت بمنديلها وجه “السيد المسيح”، وهو يحمل الصليب في طريقه إلى الجلجلة، فانطبع وجهه على المنديل بشكل هذه الزهرة.
هذه الزهرة الفاتنة تتخذ من جبال عكار في شمال لبنان موطنا لها. ليست تلك الزهرة بما تمثله من جمال ورمزية ما يميز بيئة وطبيعة عكار الشمالية، فزهور الجزر البرية أو
(الدنتيل الابيض ) كما يسميها الناشطون البيئيون، لا تبارح تلك البراري، وما إن يذوب الثلج مع بداية الربيع تسارع زهور “الدنتيل” المنتشرة بكثرة هناك الى تغطية الارض حتى لا تترك عارية !!!
قليلون من كان يعرف تلك المنطقة التي تختزل بين وديانها وجبالها وشلالاتها مناظر تخطف الانفاس لروعة جمالها، وبالتالي عدم ايلائها الاهتمام من قبل المعنيين ووضعها على خارطة السياحة الطبيعية كباقي المواقع الجغرافية والسياحية الرائعة في لبنان.
إلا أن بعض الناشطين البيئيين والهواة ومحترفي التصوير أخذوا على عاتقهم إظهار ذلك الجمال الفريد من نوعه في لبنان، فشكلت الصور التي ينشرونها عبر مواقع التواصل الاجتماعي “صدمة إيجابية” لكثير من اللبنانيين وغيرهم، سواء في لبنان أم خارجه، لما يرونه ويقرأونه عن طبيعة المناطق اللبنانية !! وباتت بفضلهم مواقع لبنان الطبيعية من شماله الى جنوبه مقصدا سياحيا بامتياز ستدهش كل من يزورها.
الدكتور أنطوان ضاهر رئيس مجلس البيئة في القبيات وأحد أبرز الناشطين الذين يحرصون بشكل شبه يومي على توثيق المناظر الطبيعة بعدسته من غابات وأشجار ووديان منطقة الشمال بأدق تفاصيلها، يجول بين جبال عكار وشلالاتها ووديانها وغاباتها ونباتاتها الفريدة من نوعها؛ فتعكس صوره أماكن تبدو للوهلة الأولى من وحي الخيال !!
هو يعتبر أن “الطبيعة كنز لبنان الحقيقي، الذي يجب أن نحافظ عليه ونسلط الضوء عليه، اذ أن الطبيعة في لبنان من شماله الى جنوبه تختزن في مناطقها أنواعا من الاشجار والنباتات قد لا توجد ابتداء من شمال لبنان الى القطب الجنوبي، كالشوح الكيليكي الموجود في جبال عكار الى جانب أشجار الارز واللزاب والكوكلان”.
يلتقط ضاهر صورا فيلفت النظر الى أهمية السياحة الداخلية في لبنان، ويعرفنا على أشجار غريبة ومميزة كشجرة “القطب” في القبيات، التي يعتبرها البيئيون من أجمل الاشجار !! كيف لا ومن خشبها تصنع آلات موسيقية كالغيتار والعود، نظرا لصفاوة رنتها ولونها.
يتنقل ضاهر في الطبيعة الشمالية للبنان، ويطلعنا على الجسور الطبيعية في شمال لبنان الضاربة جذورها في التاريخ، وهي كما يقول “للانتقال من رتابة الحياة اليومية الى روعة التكامل ما بين الصخر والشجر والتراب”.
ويشير الى أن “الازمة الاقتصادية والمالية دفعت باللبنانيين للتوجه نحو الطبيعة والتعرف أكثر على لبنان”، والى أن “الكثير من اللبنانيين، سواء المغتربين ام المقيمين، باتوا يقصدون المناطق الجبلية البعيدة عن الصخب لقضاء الوقت في الطبيعة”.
ويعتبر أن “لبنان يمتلك ثروة طبيعية لا تقدر بثمن، وعلى المسؤولين إيلاء السياحة الداخلية كل الدعم والمساعدة بالمحافظة على البيئة والثروات الطبيعية، وعلى السلطات الرسمية تشجيع المغترب للقيام بسياحة بيئية، بخاصة وأن أعداد الوافدين الى لبنان تسجل زيادة يومية رغم كل الظروف”.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن حركة المطار في لبنان حاليا تعتبر من الاكثر نشاطا مقارنة مع مطارات العالم، ومع حلول عيد الأضحى المبارك، تجاوز عدد القادمين إلى لبنان (مئتي ألف وأربعين) 240 الفا، يأتون من مختلف دول العالم لقضاء عطلتهم، ولو كانت قصيرة، بين ربوع لبنان.
وعند سؤال بعضهم لدى وصولهم الى المطار لماذا يأتون، ولبنان يعاني ما يعانيه من أزمات، يقولون “كنا نأتي عندما كانت الأوضاع أفضل طبعا، وسنبقى نزور لبنان بكل حالاته، وواجبنا أن نقف الى جانب أهلنا وأصدقائنا في هذه الظروف”.
أجهزة المطار الامنية والإدارية مستنفرة لمواكبة حركة الوافدين النشيطة، والمديرية العامة للطيران المدني تواكب حركة الوصول الكثيفة باجراءات وتدابير يومية لتسهيل مرور الوافدين.
من جهته، لا يتوقف رببع زهري وهو من محترفي التصوير بواسطة Drone (درون)، عن إظهار جمال لبنان بمناطقه الجبلية والساحلية، يشير إلى أن كثرا من المقيمين خارج لبنان يتصلون به ويسألونه، هل فعلا تلك الصور من لبنان !!
يقول إن “لبنان يملك مقومات جمالية لا تقل جمالا عن أي بلد في العالم، فغاباته وآثاره وطبيعته لوحات فنية طبيعية، بدءا من شمال لبنان الى بحر صور وشاطئه، مرورا بكل مناطق لبنان. فنحن في بلد أعطاه الله الجمال، ولكننا بحاجة الى الاستثمار بالإنسان في لبنان وتوعيته على حب الطبيعة والمحافظة على هذه الثروة التي أنعم الله بها علينا لتطويرها واستمراريتها بدل أن نشوهها بأفعالنا”.
لبنان ليس وحده من أجمل البلدان في العالم، ولكن روعة الخالق موجودة في كل منطقة من مناطقه.
الوكالة الوطنية للاعلام