الرئيسية / سياسة / عون يحدّد مواصفات الحكومة والحريري يتقدّم الخيارات

عون يحدّد مواصفات الحكومة والحريري يتقدّم الخيارات

الجمعة 01 تشرين الثاني 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

بمعزل عما يمكن ان تخلّفه كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من تأثير، سواء على مجريات الازمة الكبيرة التي يجتازها لبنان أو على صعيد انتفاضة 17 تشرين الاول المستمرة في يومها الـ16 وعن “كشف الحساب” و”الجردة” اللذين قدمهما لنصف الولاية الرئاسية، فانها عكست في ملامحها العامة الى حدود بعيدة مدى التأزم الكبير الذي يحاصر الرئاسة والدولة والمؤسسات، خصوصاً في ظل استقالة الحكومة والتهيؤ لانطلاق الاتصالات والاستشارات لتكليف رئيس وزراء جديد في الايام القريبة.

وبدا واضحاً ان الرئيس عون الذي حرص على ابراز اهتمامه بمطالب المنتفضين كانعكاس مباشر لاستقالة الحكومة، حاول بقوة توجيه رسالة دافئة الى المنتفضين بالقول إنه يحتضن مطالبهم، كما رمى كرة المسؤولية في تسهيل عملية التكليف والتاليف المقبلة للحكومة في مرمى القيادات السياسية. وهما عاملان يجري رصد ترجمتهما بدءا من اليوم للتحرك بقوة نحو انجاز الاتصالات لتحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة تمهيداً لتكليف الشخصية التي تنال الاكثرية النيابية لتأليف حكومة، علما أن التأخير في اجراء الاستشارات ترك تداعيات تمثلت في انفجار الاحتجاجات ليل الاربعاء وصباح الخميس، كما ان الوسط المصرفي والاقتصادي كان يأمل في التعجيل في الاستشارات لاعطاء جرعة انعاش وامل في الحل عشية اعادة فتح المصارف اليوم، وان تكن هذه قداتخذت كل الاجراءات اللازمة لتلبية طلبات الزبائن وتبديد وطأة المخاوف لديهم.

وتجدر الاشارة الى ان ردود الفعل الفورية التي رصدت في ساحات الاعتصامات لم تكن ايجابية على كلمة رئيس الجمهورية، الامر الذي لم يفاجئ المراقبين نظراً الى ازمة الثقة التي تتحكم بالمنتفضين حيال رموز الدولة والسلطة، الامر الذي اشار اليه الرئيس عون بنفسه.

وكان رئيس الجمهورية، بعدما عدد في كلمته في الذكرى الثالثة لانتخابه ما اعتبره انجازات، تطرق الى موضوع الحكومة الجديدة، فدعا الكتل النيابية الى تسهيل ولادتها محذراً القيادات والمسؤولين من “ان استغلال الشارع في مقابل آخر هو أخطر ما يمكن ان يهدد الوطن وسلمه الاهلي”، وقال: “ان الاعتبار الوحيد المطلوب هذه المرة هو ان تلبي الحكومة طموحات اللبنانيين وتنال ثقتهم أولاً ثم ثقة ممثليهم في البرلمان، وان تتمكن من تحقيق ما عجزت عنه الحكومة السابقة بأن تعيد للشعب اللبناني ثقته بدولته، ولذلك يجب ان يتم اختيار الوزراء وفق كفاءاتهم وخبراتهم وليس وفق الولاءات السياسية أو استرضاء للزعامات، فلبنان عند مفترق خطير خصوصاً من الناحية الاقتصادية، وهو في أمس الحاجة الى حكومة منسجمة قادرة على الانتاج، لا تعرقلها الصراعات السياسية، ومدعومة من شعبها”.

وخاطب اللبنانيين الذين شاركوا في الاعتصامات ولا سيما منهم الشباب قائلاً: “على رغم كل الضجيج الذي حاول ان يخنق صوتكم الحقيقي ويشوش عليه ويذهب به الى غير مكانه، تمكنتم من ايصال هذا الصوت الذي صدح مطالباً بحكومة تثقون بها، وبمكافحة الفساد الذي نخر الدولة ومؤسساتها لعقود وعقود، وبدولة مدنية حديثة تنتفي فيها الطائفية والمحاصصة”. وأضاف: “أمامنا واياكم عمل دؤوب لاطلاق ورشة مشاورات وطنية حول الدولة المدنية لاقناع من يجب اقناعه بأهميتها وضرورتها”، داعياً اياهم الى عدم السماح لاحلامهم وخياراتهم ان تتهاوى أمام توظيف من هنا واستغلال من هناك. وتعهد مع بدء النصف الثاني من الولاية الرئاسية، “متابعة الحرب على الفساد، والدفع باتجاه اقتصاد منتج، وبذل الجهود لاقامة دولة مدنية عصرية والتخلص من براثن الطائفية”.

الاستعدادات للاستشارات
في غضون ذلك، لا تزال المشاورات في الكواليس وبين القوى السياسية تدور حول التأليف والاسماء ليتفق على التكليف واسم الرئيس الذي سيكلف. ولا يزال الرئيس سعد الحريري الاسم الذي يتقدم كل الصيغ الحكومية حتى اللحظة. وتجمع المصادر المواكبة لحركة الاتصالات على ان التركيز هو على صيغة الحكومة الرشيقة والمنتجة والتي توحي بالثقة، ولا يزال الطرح حكومة تقوم على فصل الوزارة عن النيابة وبرئاسة الحريري يتقدم اَي طرح آخر، لكنه يحتاج الى اجماع لم يتبلور بعد. وفِي اطار الاتصالات الناشطة بين القوى السياسية للاتفاق على التكليف والتأليف، لقاء وحيد خرج الى العلن هو ألدي ضمّ في “بيت الوسط” الرئيس الحريري ومعاون الرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل على مدى ساعة ونصف ساعة، وسط تكتم شديد على المحادثات التي تخللته. وفهم من المصادر المواكبة ان البحث لا يقتصر على عملية التكليف بل خاض ايصاً في عملية التأليف وحتى في الاسماء. كما فهم ان “حزب الله” لا يقبل بحكومة تكنوقراط في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة إقليمياً وداخلياً، الا ان حكومة مختلطة من تكنوقراط ومن سياسيين من غير النواب قد تشكل حلاً وسطاً تحتاج تفاصيله الى مشاورات في اكثر من اتجاه ولاسيما مع الحليف المسيحي اَي رئيس “تكتل لبنان القوي” الوزير جبران باسيل.

في هذا الوقت، لا يزال رئيس الجمهورية يتريث في تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الوزراء المقبل. ومن وجهة نظر بعبدا، لا تأخير في هذه الاستشارات بمعنى التأخير، ففي الساعات الاخيرة لم تكن ثمة قدرة على تحديد الطرق المقفلة من الطرق المفتوحة.
وتقول المصادر المطلعة على موقف رئيس الجمهورية إن الحكومة العتيدة تأتي في ظروف استثنائية ويجب فسح المجال امام الكتل للاتفاق على اسم شخصية لتكليفها.
ولذلك يمكن القول إن توقيت الاستشارات مرتبط بالظرف الأمني العام الذي كان سائدا وبمشاورات الكتل النيابية.

تكليف وتأليف سريعان ؟
وتوضح المصادر أنه سيستفاد من هذا التوقيت في جولة مشاورات لاستشراف شكل الحكومة، لان الهدف ان يتم التكليف والتأليف سريعاً وان تختصر فترة تصريف الأعمال.
الى ذلك، أشارت مصادر وزارية متابعة لاتصالات قصر بعبدا الى أن رئيس الجمهورية سيدعو إلى الاستشارات النيابية الملزمة عندما يرى أنها لن تؤدي إلى شرذمة وضياع واستمرار الفراغ،إذ أن الرئيس عون يرى في عملية تصريف الأعمال فراغاً في ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية السائدة وقالت إن.

الرئيس يواصل مشاوراته من أجل تكليف شخصية تحظى بالأكثرية النيابية، وأن الرئيس الحريري هو من الشخصيات التي يقدرها الرئيس عون كما يقدر جهات سياسية أخرى أيضاً، وأن لا كلام حتى الأن لا عن شكل الحكومة ولا عن حددها.
وتخوفت المصادر من أجهاض مطالب الناس بعد تسييسها في الشارع،وأن تكون الاستقالة قد أدت إلى انقسام، مبدية ارتياحها الى يقوم به الجيش لفتح الطرق بعدما أزيلت الحواجز من وجهه.
ورجحت معلومات مصادر قريبة من “التيار الوطني الحر” مساء أمس ان تجرى الاستشارات بعد ظهر الاحد أو يوم الاثنين، استناداً الى ثلاثة احتمالات هي: تكليف الحريري مجدداً أو التفاهم معه على صيغة الحكومة والشخصية التي تتولى رئاستها أو من دون الحريري مع استبعاد الاحتمال الاخير.
وعلمت “النهار” ليل أمس ان كلاً من حركة “أمل” و”حزب الله” لا يزال متمسكاً باعادة تكليف الرئيس الحريري الى حد كبير، بينما الرئيس عون منفتح أكثر على التغيير. والى لقائه الوزير علي حسن خليل، علم ان الحريري التقى أمس للمرة الثانية في 48 ساعة نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي. وتحدثت المعلومات عن عمل دؤوب يجري لتدوير الزوايا الحادة التي واكبت الاستقالة ومنها تهدئة الاجواء المتعلقة بما أثير عن توتر بين الحريري والوزير باسيل.

والتقى الحريري مساء في “بيت الوسط” الرئيس نجيب ميقاتي الذي اكتفى بالقول إن “موقفه معروف، وموقف رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة واحد”.
ولليوم الثالث استمر توافد الشخصيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والوفود الشعبية الى “بيت الوسط” من مختلف مناطق بيروت للتعبير عن تأييدهم لمواقف الحريري.

النهار

عن WB