الرئيسية / آخر الأخبار / الخطيب: لنا الحق كلبنانيين أن نقبل المساعدات من أي جهة أتت

الخطيب: لنا الحق كلبنانيين أن نقبل المساعدات من أي جهة أتت

مجلة وفاء wafaamagazine

 

وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة الجمعة قال فيها: “نحن وما زلنا في شهر محرم الحرام شهر التضحية والفداء والشهادة، التي جسد ملحمتها الامام الحسين عليه السلام مع أهل بيته وانصاره في أعظم صورها واكثرها تعبيرا عن التحدي المتناسب مع الواقع القائم الذي بلغ فيه الفساد والانحراف بكل أشكاله الأخلاقية والاجتماعية والسياسية الغاية وانساقت معها الغالبية العظمى من الجمهور الاغلب من الناس، ولم يقتصر على النخبة او على طبقة خاصة من المجتمع، وهذا أخطر ما وصلت اليه الامور وجعل عملية الإصلاح اشد صعوبة وكلفة وشروطها اكثر تعقيدا، إذ ان أي عملية اصلاح تحتاج إما الى قبول وتأييد شعبي يقف الى جانب من يقود هذه العملية، وإلى قيادة موثوقة قادرة على التوجيه ومخاطبة الجمهور وإقناعه بالأهداف التي يسعى لتحقيقها، ومخاطر الوضع الذي يرزح تحته ويتحكم بمصيره وان تكون الى جانب ذلك لديها من الشجاعة ما يمكنها من الوقوف على قدميها في مواجهة تهديدات النظام وازلامه الذين لن يقفوا مكتوفي الايدي امام التحدي لإرادته وسلطته وسيقاومون محاولة التغيير بكل ما لديهم من اساليب المكر والحيل والدهاء والترغيب والترهيب ولن يستسلموا بسهولة لإرادة الجماهير”.

اضاف: “ان توفر هذه الشروط كاملة الى جانب عوامل اخرى سيسهل من عملية التغيير ويجعل من عملية الإصلاح أمرا ليس مقدورا عليه فحسب، وإنما قليل التكلفة وسريع الحصول، وإلا فمع فقدان أي شرط من هذه الشروط يجعل من عملية الإصلاح والتغيير أمرا شديد الصعوبة ويبعد مسافة الحصول على نتائج سريعة بل يجعلها اكثر كلفة وغير مضمونة النتائج، كما حصل في كثير من الثورات التي سعت الى التغيير والإصلاح، حيث باءت بالفشل وكانت نتائجها اكثر كارثية، ولم يكن واقع الامة الذي عايشه الامام الحسين عليه السلام وخبره بشكل عميق مع بداية عهد أبيه وما انتهت اليه في عهد أخيه الامام الحسن بالواقع المثالي الذي يمكن الاعتماد عليه والاستناد اليه لقيادة عملية التغيير والإصلاح، فلم يكن الفساد أمرا عارضا يقتصر على النظام الحاكم وأركانه كما أسلفنا وإنما تغلغل في بنيان الدولة نظاما وفئات اجتماعية واسعة، فاختل شرط مهم من الشروط التي تجعل من عملية التغيير سهلة قليلة التكاليف سريعة النتائج، ما أدى الى تغيير في الشروط والأهداف”.


واكد ان “من الشروط التي يجب ان تتوافر في القيادة أن تكون على درجة عالية من الوثاقة والكفاءة والقدرة على إثارة الوجدان الشعبي ولو ببطء وعلى نحو زمني تدريجي يراكم هذا الشعور ويوقظ الحس الجماهيري على واقعه السيء ويدفعه الى الخروج بالغا ما بلغت الأثمان التي يستوجب ذلك دفعها، ولم يكن مؤهلا لها سوى الامام الحسين بما يمتلكه من مقام فريد فهو ابن بنت رسول الله لا تخفى قداسته على أحد من الناس، وبما يمتلكه من إخلاص وقدرة على حمل هذه المهمة، وعلى استعداده للتضحية التي لا نظير لها بالنفس والأهل وبكل ما يملك، الذي يعني كل ذلك ان الهدف سيتحقق حتما، فليس له هدف شخصي آني وإنما إصلاح الامة وسلامة الرسالة الذي كان واضحا وضوح الشمس ولا يستطيع أحد أن يشوهه أو يسدل الستار عليه، وبالتالي فإن عملية التغيير والإصلاح قادمة لا محالة وإن النظام مهما ملك من قدرات إعلامية وعسكرية ومالية لن يستطيع أن يصمد في وجهها وسيكون مصيره الزوال، وهو ما استطاع الامام الحسين من تحقيقه في اعظم انجاز في تاريخ الامة حيث وفي وقت قصير سقطت قدسية السلطة التي بناها الأمويون او التي يمكن ان يؤسس لها في المستقبل فكانت كسروية”.

وقال: “لقد مثلت ثورة الإمام الحسين ثروة اختزنتها الأمة وبكل ابعادها الفكرية والسياسية والاجتماعية وشكلت لها على مر التاريخ التجربة الرائدة التي تستعيد دروسها في حياتها بما يمكنها من مواجهة الإنحراف والفساد ومحاربة الطغاة على طول التاريخ، ولم تكن ثورة ظرفية واجهت الواقع الفاسد على نحو محدود في الزمان والمكان حتى تنتهي بانتهائه. ولقد حفظت معاني ومضامين الثورة الحسينية بجهاد وصبر وبصيرة الامام زين العابدين الذي شكل مع السيدة زينب صحوة ثورية حسينية جعلت من كربلاء قضية إنسانية محورية لمواجهة الظلم والفساد تستمد قوتها من مشاركتهم في نهضة الامام الحسين، وفي ذكرى شهادة الامام زين العابدين فاننا نتوجه باسمى ايات العزاء من رسول الله واهل بيته الاطهار، ونخص بالتعزية امامنا المهدي ومراجعنا العظام، ونستعيد المواقف العظيمة والادعية الربانية والمواعظ البليغة للامام زين العابدين التي حفظت رسالة الإسلام نقية واستكملت مسيرة الثورة الحسينية لتظل حية في وجدان البشرية جمعاء”.

اضاف: “ولذلك نحن اذ نستعيدها في كل عام ليكون ارتباطنا بها ارتباطا عقائديا وعاطفيا ولنبني مواقفنا الراهنة والمستقبلية على أساس منها ونستفيد منها ما وسعنا في وضوح الرؤية الموقف مما نعايشه من الاحداث والمشكلات بما يحفظ عقيدتنا وسلامة ديننا وفكرنا ما يمنعنا من الانسياق الاعمى وراء الأحداث التي لا يكون لنا فيها مبتدأ ولا خبر فلا ننعق مع كل ناعق ولا نميل مع كل هوى، وإنما نقف على أرض صلبة راسخة لا تميل بنا عند الزلازل والعواصف، ولا نكون قصيري النظر سرعان ما نؤخذ بالشعارات الزائفة التي يقف خلفها ألف شيطان تستخدم فيها أحدث وسائل التأثير خصوصا بالنسبة لمن لا يملكون القدرة على قراءة ما وراء السطور فيقلبون لهم الأمور ويزورون لهم الوقائع ويظهرون لهم ما ليس بحق فيفسدون جماعتهم ويفرقون شملهم ويحولون نصرهم هزيمة حتى يصبحوا لقمة سائغة لأعدائهم، فقد فعلها معاوية وعمرو بن العاص من قبل حيث خدع الخوارج برفع المصاحف وتحول نصر علي إلى هزيمة بسبب انخداع هؤلاء الذين ما لبثوا أن كفروا عليا لقبوله التحكيم الذي كانوا هم السبب في قبوله له واضطراره إليه”.

وقال الخطيب: “اننا اليوم في لبنان والمنطقة نواجه حربا إعلامية شعواء تخوضها القوى الغربية الظالمة، تشوه الحقائق وتقلب الأمور وتحاول قلب الطاولة والانتصار للعدو الاسرائيلي الذي أوقعت به المقاومة شر هزيمة، وهي تستخدم اليوم أقذر الوسائل لتحقيق هذه الغاية. وليس الحصار والتجويع وطوابير الإذلال إلا محاولة لكي الوعي الجماعي وتعميم الفوضى وإشاعة الفتنة الداخلية بين أبناء الحي الواحد والقرية الواحدة فضلا عن تعميمها إلى أبناء الطوائف وبين القرى المتجاورة، فيما تدعي هذه القوى وبالأخص، وبشكل فاجر وماكر، مسؤولو الولايات المتحدة الأميركية أنهم حريصون على الشعب اللبناني وأمنه ويخصون بالذكر الجيش اللبناني النبيل فيما رأى الشعب اللبناني والجيش اللبناني في الماضي ويرى الآن أن كل ما يهم الولايات المتحدة هو أمن العدو الاسرائيلي. أما الاعتداءات الاسرائيلية وخرق السيادة اللبنانية فهو ما لا يأتي على ذكره هؤلاء بل يمنعون من تطبيق القرارات الدولية التي تشكل الولايات المتحدة جزءا منها”.

واكد “ان علينا كلبنانيين أن نقف صفا واحدا وأن يكون خطابنا واحدا بالتوجه إلى حكومة الولايات المتحدة وممثليها في لبنان أن يطبقوا القرار الدولي 1701، الذي أنتم شركاء في إقراره، ومنع العدو الاسرائيلي من استخدام السلاح الاميركي في العدوان على لبنان وسيادته وشعبه واعطاء الموافقة لمجلس الأمن بالمساعدة على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وحل قضيتهم بشكل عادل والمساعدة على عودة النازحين السوريين الى بلادهم. وبدل تقديم المساعدات لهم في لبنان ان يجري تقديمها لهم في سوريا والا فلا يستمروا في خداعنا وهم يفرضون حصارهم على لبنان”.

وقال: “إن لنا الحق كلبنانيين أن نقبل المساعدات من أي جهة أتت، فكيف إذا أتت من الجمهورية الاسلامية الايرانية خصوصا في هذه الظروف التي تمارسون علينا فيها الحصار وتضعون اللبنانيين بين الحصار والموت”.

اضاف: “لقد حاولتم وما تزالون منع الشعب اللبناني من مقاومة العدو الاسرائيلي المحتل لارضنا فيما قدمتم المساعدات العسكرية والاعلامية والدبلوماسية وفي مجلس الامن للعدو الاسرائيلي وكل انواع الحماية، فيما قدمت الجمهورية الاسلامية للشعب اللبناني كل انواع المساعدات بما فيها العسكرية ومكنت لبنان من تحرير أرضه وطرد العدو الاسرائيلي ومواجهة العدو التكفيري. وها أنتم تحاصرون اليوم الشعب اللبناني وتريدون ان يموت جوعا وبردا فيما تأتي مساعدات الجمهورية الاسلامية مرة أخرى لتمنع ما سعيتم إليه من أن يكون دون حراك”.

وتابع: “وبدل ان يقدم بعض الخائفين من العقوبات الاميركية، الراضين بأن يموتوا جوعا ولا ان يغضبوها، بالعمل على المساعدة في حل المشاكل الداخلية وأهمها تأليف الحكومة بالمشاركة فيها، فيسهمون في حل تسعين بالمئة من المشكلة القائمة. وبدلا عن ذلك يسيرون مع الخطة القاتلة ويسهمون بالوصول الى الفوضى الذين سيكونون أول ضحاياه اذا استمروا بهذه السياسة، وعليهم أن يعيدوا حساباتهم ويعتبروا مما يرون من ان كل المؤامرات تذهب أدراج الرياح بفعل الجهد الذي يبذله حلف المقاومة داخليا وخارجيا كما يحصل الان باستيراد النفط من الجمهورية الاسلامية الايرانية”.

وقال: “كما ندعو أهلنا ومواطنينا في كل لبنان بالعمل على تنظيم وصول البنزين والمازوت عبر البلديات ومساندة القوى الامنية وعدم السماح باستمرار ما يحصل على محطات البنزين وتحصين الوحدة الداخلية في القرى والوحدة الوطنية”.

وشدد على أن “المقاومة ليست إرهابا وهي محط فخر واعتزاز لكل الدول والشعوب التي تنشد الحرية والاستقلال، وهذه المقاومة أعطت لبنان مجدا وعزة وفخرا يستدعي ان يتباهى به جميع اللبنانيين، وكان حريا بضيف لبنان ان يكون اديبا مع شعب لبنان ولا يسيء الى مشاعر أبنائه ودماء شهدائه وتضحيات شعبه، ونحن اذ نستنكر بشدة هذه التصريحات الحاقدة والمشينة من شخصية رسمية أميركية افتقدت اللياقة وحسن الادب وأساءت لنفسها قبل اللبنانيين المطالبين بالرد العملي من خلال تمسكهم بوحدتهم الوطنية والتمسك بالمعادلة الماسية التي شكلت ضمانة لحفظ لبنان وسيادته، وهي اثبتت اليوم انها قوة لبنان لردع العدوان وحفظ عيشه المشترك واستقراره الأمني والاجتماعي”.