مجلة وفاء wafaamagazine
لم يعد دور مشجع كرة القدم يقتصر على دعم وتحفيز فريقه فحسب، بل أصبح محركاً رئيسياً للخطط على الرقعة الخضراء. في العالم الإلكتروني، لا يقل الجمهور قيمةً عن المدراء الإداريين والفنيين. هو يمتلك اليوم قدرة التأثير على الأندية والعائدات عبر «لعبةٍ» إلكترونية شغلت الوسط الرياضي في السنوات القليلة الماضية: «Fantasy Premier League»
الفانتازي عبارة عن منصة لجمع بيانات اللاعبين ومعالجتها، تدوم طوال الموسم الكروي وتسمح للدوري بزيادة قاعدته الجماهيرية في جميع أنحاء العالم. لطالما طُرحت فكرة تعزيز دور المشجّعين في عالم المستديرة من قبل الأندية واتحادات الدوريات، حتى جاءت الفانتازي وأتاحت ذلك، مغيرةً الطريقة التي اعتادها الجمهور أثناء مشاهدته كرة القدم.
«اللعبة» بسيطة ولا تتطلب متابعة حثيثة على مدار الأسبوع، كما أنها متاحة للجماهير من منازلهم الأمر الذي يزيد من شعبيتها. ارتفع عدد المستخدمين منذ العام الماضي بفعل الحجر المنزلي المترتّب عن فيروس كورونا، وكان لافتاً أنّ الحسابات الجديدة قد شهدت مشاركة الأجيال الأكبر سناً رغم اكتفائها لفترةٍ طويلة بالتشجيع «التقليدي».
يسمح أسلوب اللعب للمشجعين بمتابعة إحصائيات فريقهم المفضل، كما يمنحهم إمكانية التفاعل المستمر مع الأشخاص الذين لديهم نفس الشغف بكرة القدم. وبدل أن يقوم معظم المؤيدين بوضع «شاشة مزدوجة» أثناء مشاهدة المباريات للبحث عن محتوى تكوين رأي يسمح لهم بعدم تفويت أي حدث أو معلومات مهمة، لبّت خصائص منصة الفانتازي المتعددة هذه الحاجات عبر عرضها الأحداث المهمة في كلّ المباريات. اللعب الرقمي مثل «Fantasy Premier League» يعطي قيمة لا تُقدر بثمن للدوري والأندية. إنه يجعل المعجبين قريبين منهم باستمرار، ولا يختارون أي فرصة ترفيهية بديلة أخرى.
أسلوب اللعب
نجح مسؤولو الدوري الإنكليزي الممتاز في رفع عدد مشاهدات مباريات المسابقة، عن طريق لعبة الفانتازي التي تشهد تنافساً كبيراً بين المشتركين في كل موسم. تتوفر اللعبة ذاتها في دوريات أخرى مثل دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني والدوري الإيطالي، إلا أن نسخة الدوري الإنكليزي هي الأكثر شهرة نظراً إلى الجوائز التي تُقدم كل أسبوع وفي نهاية كل موسم، إضافةً إلى الحماس الكبير بين روادها.
هي لعبة تجعل من جماهير كرة القدم مدربين حقيقيين، وذلك عبر بناء تشكيلة مكوّنة من 15 لاعباً مع موازنة 100 مليون جنيه استرليني. يجب على كل مشترك أن يختار تشكيلة مكوّنة من خمسة عشر لاعباً يتوزّعون بين حارِسي مرمى و5 مدافعين و5 لاعبي وسط و3 مهاجمين، بشرط أن يختار صاحب الحساب 3 لاعبين كحد أقصى من كل فريق مشارك في البطولة.
أصبح روّاد الفانتازي بمثابة «نقّاد» للاعبي كرة القدم، الأمر الذي أثّر مباشرةً في علاماتهم التجارية
يمكن استخدام حارس مرمى واحد و3 مدافعين على الأقل و2 من لاعبي الوسط على الأقل ومهاجم واحد على الأقل بحسب قوانين اللعبة، على أن يكون الموعد النهائي للاختيار قبل 90 دقيقة من انطلاق أول مباراة في كل جولة.
يستطيع الشخص الحصول على انتقال مجاني واحد كل أسبوع، وهنالك إمكانية لبيع لاعب واحد في الأسبوع التالي، ليصبح في جعبة المشترك انتقالان مجانيان فقط، وفي حال تم استبدال أي لاعب آخر فسيتم خصم 4 نقاط من الرصيد الإجمالي.
يتم منح اللاعبين نقاطاً بحسب المشاركة والأهداف والتمريرات الحاسمة والشباك النظيفة… وتذهب النقاط للاعبين المتواجدين في التشكيلة الأساسية، بينما في حال كان أحدهم خارج تشكيلة المباراة الرسمية، يتم اختيار أول لاعب من بدلاء اللعبة لتعويضه عند احتساب النقاط. بالنسبة إلى العقوبات، فهي تتضمن -2 نقطة في حال تلقى الحارس هدفاً من ركلة جزاء، و-1 لكل بطاقة صفراء و-3 لكل طرد، و-2 للهدف الذاتي. تجدر الإشارة إلى أنه يتم تحديد أسعار كلّ اللاعبين المسجلين في قوائم 20 فريقاً بالدوري الإنكليزي الممتاز، وتزداد قيمة كل لاعب حسب إمكاناته وأدائه.
على المشاركين في اللعبة اختيار قائد ونائب قائد لمضاعفة عدد النقاط، مع وجود نقاط إضافية «بونص» لأفضل لاعبي الجولة. هناك إضافات في اللعبة يستطيع اللاعب استخدامها أيضاً، مثل (Triple Captain) للحصول على 3 أضعاف النقاط، و(Wildcard) لتغيير الفريق كاملاً دون خسارة أي نقطة والمتاحة مرتين في الموسم، و(Free Hit) لتغيير الفريق كاملاً لمدة أسبوع واحد دون خسارة أي نقطة و(Bench Boost) للحصول على نقاط لاعبي الدكة. الهدف الأساسي من لعبة فانتازي الدوري الإنكليزي هو تجميع أكبر عدد من النقاط على مدار موسم كامل، وهو ما يزيد التنافس بين المشاركين.
جوائز وتسويق
لا تخلو اللعبة من جوائز يحصدها الفائزون في آخر الموسم. وبحسب ما ذكره موقع «غول»، سيحصل صاحب المركز الأول في الموسم الجديد على إقامة لمدة أسبوعٍ كامل في المملكة المتحدة، إضافةً إلى حضوره مباراتين خلال نسخة 2022-2023 في البريميرليغ من داخل الملعب. يتم أيضاً منح جوائز أخرى لأصحاب مراكزِ المقدمة، منها ساعات باهظة الثمن ونسخة من لعبة Fifa22 إضافةً إلى جوائز متعددة.
وأصبح روّاد الفانتازي بمثابة «نقّاد» للاعبي كرة القدم، الأمر الذي أثّر مباشرةً في علاماتهم التجارية. إعطاء نقاط متفاوتة للاعبين «خلق» صورة محددة لمدى كفاءتهم في عيون الجمهور، وهو أمر ضروري لأنشطة العلامة التجارية الشخصية التي تميل أخيراً إلى أن تكون أكثر أهمية من تسويق النادي حتى. تتابع فئة الشباب لاعبي كرة القدم وتدعم نمط حياتهم وقصصهم، الأمر الذي يزيد من عائدات اللاعبين على مواقع التواصل الاجتماعي. هكذا، أصبح اللاعبون مطالبين على الثبات في تقديم محتوى جديد بهدف زيادة الطلب عليهم في اللعبة، وإرضاء جمهورهم توالياً.
سلبيتها على نتائج الفرق
جعلت ميزات «FPL» مدرب أستون فيلا، دين سميث، متوتراً غيرَ سعيد في الموسم الماضي. كان نجم الفريق جاك غريليش يقوم بالتدريبات الروتينية حينها إلى أن تعرّض لإصابة قبل مباراة الفريق المرتقبة أمام ليستر سيتي. حاول سميث التحفّظ على سر إصابة نجم الفريق الأول بهدف مفاجأة الخصم بغيابه، لكن ذلك لم يحدث حيث انتشر الخبر بسرعة على موقع «تويتر».
«المتعصبون» في الفانتازي هم المسؤولون عن كل هذا الالتباس، حيث غرّد أحد اللاعبين الناشطين بأنه سمع «معاناة غريليش من إصابةٍ خطيرة في التدريبات، وربما يغيب لفترةٍ طويلة». لم تكن هناك أدلّة كافية على غياب غريليش، لكنّ المشككين واصلوا «الحفر» بحثاً عن الحقيقة. تتيح ميزات الفانتازي للمتابعين التحقق من الفرق التي يديرها اللاعبون والموظفون في الأندية الرياضية داخل المملكة المتحدة. ومن هذه الخاصية، علمت الجماهير أن اختصاصي العلاج الطبيعي لأستون فيلا، روب مارشال إضافةً إلى لاعبَي الفريق نيل تايلور ومات تارغيت قد باعوا غريليش. بدأت الشائعات حينها بالانتشار، حتى تسربت المعلومات إلى مدرب ليستر سيتي، بريندان رودجرز. بهذه الطريقة، كان لمنصة الألعاب الرقمية تأثير ملموس على نتيجة المباراة، حيث فاز ليستر بنتيجة 2-1 على «الفيلانز».
الاخبار