مجلة وفاء wafaamagazine
رأى الوزير السابق يوسف سلامه في تصريح، أن “اللبنانيين دفعوا ويدفعون منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي ثمن إيمانهم بثقافة الحياة معا وتمسكهم بدولة لبنان الكبير، بشير الجميل وصل إلى رئاسة الجمهورية بمعمودية الدم مدعوما من إسرائيل، وعندما نجح بعقد مصالحة وطنية مع القطب السني المعارض آنذاك صائب سلام، ورفع شعار لبنان الـ10452 كيلومترا مربعا، استشهد في مقر حزبه وبدأت جلجلة المسيحيين السياسية”.
وقال: “سبقه على درب الشهادة زعيم وطني وثائر إقليمي آخر، عابر لطائفته ومنطقته وبلده، رفع شعار الدفاع عن فلسطين وقضايا الأمة فاستشهد بجوار منزله في منطقة الشوف، ومع استشهاد كمال جنبلاط سقط حلم ومشروع الدولة العلمانية الراقية والواعدة”.
أضاف: “تلاه مؤسس المجلس الشيعي الأعلى الذي اعتصم في كنيسة الكبوشية في بيروت رفضا للخطف على الهوية، فخطف في ليبيا وغاب أثر الامام المغيب موسى الصدر إلى غير رجعة”.
وتابع: “بعدهم، استشهد رئيس الحكومة رشيد كرامي وكان في طريقه لإعلان صيغة تفاهم وطني توصل إليها مع الرئيس كميل شمعون واستشهدت معه إمكانية الحل لأزمة الدولة في لبنان. تلاه استشهاد المفتي حسن خالد الذي ارتبط بتفاهم مع البطريرك صفير على تسهيل انتخابات رئاسة الجمهورية يوم كان يمنع على لبنان انتخاب رئيس له، فاستشهد أيضا في عقر داره في 16 أيار من سنة 1989”.
واعتبر أن “هذا التراكم من استشهاد كل من سعى لاستعادة وحدة الوطن انتهى بموت جمهورية الاستقلال وقيام جمهورية الطائف وإقرار دستور جديد لها، دستور استدعى تطبيقه وصاية سورية مباشرة على كامل مسار الحياة الوطنية والأمنية في لبنان، ولكنه ما لبث أن استشهد مع استشهاد أول رئيس وازن ومتزن للجمهورية الثانية رينيه معوض شهيد ذكرى الاستقلال”.
وقال: “لم ترغب الوصاية السورية على لبنان من ضرب وحدة الوطن أو لم تتمكن من ذلك، فلمع نجم رفيق الحريري عراب اتفاق الطائف لبنانيا، والزعيم السني الذي أسس حوله حالا وطنية، نجح بإعمار أسواق بيروت القديمة التي دمرتها الحرب الاهلية في سبعينيات القرن الماضي وتمكن من إعادة توحيد الوطن أكان ذلك بالرشوة أو بالإقناع، لا فرق، فالنتيجة واحدة، فشلت قوى الوصاية من محاصرة طموحه فاستشهد بدوره في عقر داره، في قلب المدينة التي أحب، ليحرر استشهاده لبنان من الوجود السوري ويدخله تحت وصاية إيرانية مباشرة وضعت يدها على مفاصل البلد، ونجحت للمرة الأولى منذ قيام دولة لبنان الكبير بضرب الدولة العميقة فيه، وبتمزيق الوحدة الداخلية”.
وسأل: “هل اقتربنا من ساعة الحسم ودخلنا زمن الحلول النهائية وبلورتها في شرق ملتهب بصراعات وجودية، الثابت الوحيد فيه، تنوعه الطائفي، وضياعه القومي، وحالات ثقافية واجتماعية متلونة بألوان المذاهب والطوائف والقوميات؟”.
وقال: “نأمل ذلك، ولكننا نخاف منها ومنه، فانطلاقا من ثقافة سياسية متراكمة وخبرة متعمقة في قراءة التاريخ، نستنتج أنه مع بداية بلورة الحلول النهائية لأكثرية المشاكل المزمنة، لن يسمح ببقاء فائض من القوة لأي محور محلي، أو إقليمي، أفارسي كان، أم تركي، أو ما شابه، إن كل الذين تغذوا ويتغذون من روافد المؤامرة الخبيثة، إنما تغذوا على حساب الوطن ليذبحوا بعد أن ينتهي دورهم في تنفيذ كل ما أوكل إليهم، على مذبح المصالح الدولية والإقليمية الكبرى، مقدمة لتفكيك المنطقة وجمعها من جديد، بما يتناسب مع مصالح الدول الوازنة والمقررة، تفتيت طال انتظاره داخل الدوائر الظلامية التي بدأت ترسم ملامح ومستقبل هذا الشرق منذ قرن وأكثر”.
أضاف: “أيها اللبنانيون، اللحظات المصيرية لا تحتمل التردد والأنانية وجوع الغرائز وأنصاف الحلول، لا مكان فيها لجاهل، أو جائع إلى سلطة أو تسلط، بل تتطلب حكمة وعقلا متنورا وقرارات سريعة، الوطن على مفترق مصيري، ترتسم فيه ملامح مستقبله لأجيال قادمة، جوعكم المزمن قد يتسبب بضياعه. حذار التخاذل”.