مجلة وفاء wafaamagazine
نجح الحزب «التقدمي الاشتراكي» و«حزب الله» في «التعايش» مع خلافاتهما خلال المرحلة السابقة، الى ان اهتزت هذه التجربة بقوة تحت تأثير العصف الخليجي.. انما من دون أن تقع حتى الآن.
عماد مرمل
بقي التوتر المستجد بين «الاشتراكي» و«حزب الله» تحت السيطرة، بعدما نجحت التوضيحات المتبادلة في لجم تداعيات الموقف المرتفع السقف الذي اتخذه النائب السابق وليد جنبلاط حيال الحزب، على وقع انفجار الأزمة الديبلوماسية مع السعودية ودول خليجية عدة.
وعلى رغم انّ موقف جنبلاط كان شديد اللهجة في حينه، وانّ احد المسؤولين السابقين في «حزب الله» غالب ابو زينب ردّ عليه لاحقاً بنبرة لا تقلّ حدّة، الّا انّ جنبلاط والحزب بادرا الى احتواء التصعيد، قبل أن يرتفع منسوبه أكثر وتجرف سيوله مظلة «ربط النزاع» التي يلتقيان تحتها منذ سنوات، لاتقاء حرارة الملفات الخلافية الممتدة من الداخل حتى الإقليم.
وبينما استدرك رئيس «الاشتراكي» تصريحه الناري بمواقف توضيحية لاحقة خففت نسبياً من وطأته ووضعته في سياق «الصرخة العفوية»، حرص الحزب بدوره على إيصال رسالة مباشرة إلى كليمنصو، فحواها انّ ما صدر عن ابو زينب لا يعكس الرأي الرسمي للقيادة، وعُلم انّ جنبلاط تلقف بإيجابية هذه الرسالة وطلب في حينه من قيادات حزبه عدم التعليق على تصريحات ابو زينب.
غير أنّ الاهتزاز الاخير الذي تعرّضت له العلاقة الهشة بين الجانبين، يؤشر إلى انّها ستظل مرشحة لاختبارات اضافية لا يمكن ضمان نتائجها في كل مرة، وسط استمرار غياب التفاهم على الخيارات الاستراتيجية، فكيف اذا أُضيفت اليها حماوة الاستحقاق الانتخايي النيابي المقبل الذي قد يضفي بدوره مزيداً من الهشاشة على الضوابط الناظمة لمعادلة ربط النزاع.
وضمن سياق السعي الى ضبط إيقاع أوتار الواقع المعقّد الذي يضع الجبل والضاحية الجنوبية كتفاً على كتف في الجغرافيا، ووجهاً لوجه في السياسة، يؤكّد جنبلاط لـ»الجمهورية» انّ مبدأ «تنظيم الخلاف او ربط النزاع بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«حزب الله» لم يسقط، وهو لا يزال ساري المفعول».
وحين يُقال له انّ تصريحه الحاد قبل فترة قصيرة (حول نفاد صبره على الحزب) هدّد بانهيار هذا المبدأ، يجيب جنبلاط: «لا.. ليس على علمي، وتصريحي لم يكن يرمي الى ضرب قاعدة تنظيم الخلاف، ولكن يحق للمرء ان يرفع صوته أحياناً لإيصال موقف او صرخة ما.. اليس كذلك؟».
وامتداداً لهذا الطرح، تؤكّد اوساط قيادية في «الاشتراكي»، انّ جنبلاط ليس في وارد «فتح مشكل» مع «حزب الله» ولا الانخراط في اي مشروع ضدّه، «ولكنه وجد في الوقت نفسه انّ من واجبه ومسؤوليته ان يحذّر من مخاطر الأزمة المندلعة مع الخليج، وان يدفع في اتجاه معالجتها وحصر مفاعيلها السلبية على المصالح الوطنية اللبنانية، وضمن هذا الإطار تحديداً أتى ردّ فعله».
وتشدّد الاوساط على انّه «لم يعد ممكناً ولا جائزاً الاستمرار في المقاربة السابقة لملف العلاقة بالخليج»، معتبرة انّ «حزب الله» معني بإجراء مراجعة لتلك المقاربة، وبأن يأخذ في الحسبان الأهمية الفائقة للملف اللبناني – الخليجي، وان يستمع الى الأصوات الأخرى في البلد على قاعدة الشراكة المفترضة.
وتلفت الاوساط الاشتراكية، الى انّ «موقفنا لا يندرج بتاتاً في سياق مؤامرة على «حزب الله»، بل انّ وليد جنبلاط أعلن صراحة عن رفض تشكيل جبهة ضدّه، لأنّ ليس مطلوباً ان يتحقق الحل مع الخليج عبر إيجاد مشكلة في الداخل، وبالتالي يجب ان لا يفترض الحزب اننا نكون متآمرين عليه اذا طلبنا منه أن يتعامل مع الأمور بطريقة أخرى».
وتعتبر الاوساط القيادية في «الاشتراكي»، انّ المطلوب بإلحاح من الدولة اللبنانية اتخاذ خطوة جدّية نحو معالجة الأزمة التي تفاقمت بينها وبين بعض الدول الخليجية، «ونأمل في أن يساعد الحزب جدّياً في هذا الاتجاه وان يبدي المرونة اللازمة التي تقتضيها المصلحة العليا».
الجمهورية