مجلة وفاء wafaamagazine
لقبٌ ثامن للعهد في الدوري اللبناني لكرة القدم، يحمل أهميةً بقدر اللقب الأول الذي أحرزه هذا الفريق كونه أعاده الى المكان الذي اعتاد عليه لأعوامٍ طويلة، أي منصّة التتويج. العهد أنهى موسمه بطريقة استعراضية لتستعيد اللعبة مشاهد زمن سيطرته على ألقابها
حدث ما كان متوقّعاً وبأسرع منه قبل بداية الموسم، اذ ان العهد توّج نفسه بلقب دوري الدرجة الأولى قبل 3 أسابيع على اسدال الستار على الموسم.
أمرٌ بدا محسوماً، ولو ان الفريق الاصفر ذهب في رحلةٍ غير سهلة عادةً الى صور، لكن اصراره جعله يخرج فائزاً بأربعة أهداف (سجلها: التونسي احمد العكايشي، حسين منذر، حسن سرور وأحمد زريق) من «ملعب البص»، حيث اجتهدت الفرق كثيراً للخروج بأقل أضرارٍ ممكنة او بانتصاراتٍ نادرة.
بطبيعة الحال، الأنظار كانت معلّقة بين صور وجونية لأن ابتعاد العهد بـ 10 نقاط قبل 3 جولات على النهاية، وبالتالي تتويجه بلقبه الثامن لم يكن ليحصل لولا فوز الأنصار على البرج 2-0 (سجلهما: المالياني إيشاكا دايارا والفلسطيني حمزة الحسين)، على ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية.
استفاقة الأنصار هذه بدت وكأن بطل الموسم الماضي هو من حدّد من سيكون خليفته على عرش الدوري، فكان اسقاطه للبرج مرتين في دورة التصفية النهائية لسداسية الأوائل، ما اعاد مشهداً عمره 14 عاماً.
هنا الحديث عن يوم احتفال العهد بلقبه الأول في موسم 2007-2008، وذلك عقب فوزه في صور تحديداً على «سفير الجنوب» بهدفين نظيفين، ما أطلق احتفالات تاريخية بالنسبة اليه، وذلك بعدما استفاد وقتذاك من تعادل الغريمين النجمة والأنصار (2-2)، الذي بفوزه أمس فتح معركة القبض على المركز الثاني بعدما حسم معركة المركز الثالث عملياً بتغلبه على شباب الساحل في الجولة الماضية، ومن ثم خسارة الأخير في هذه الجولة امام شباب البرج 1-2 (سجلها للفائز حسن القاضي ومحمد السباعي، وللخاسر النيجيري كريستيان أوبيوزور).
إذاً 3 جولات سيكون فيها العهد مرتاحاً، ليبدأ التفكير بـ»التاسعة» بحسب ما رفع سريعاً شعاراً كلاسيكياً عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي. أمرٌ يعكس طموحاً لا حدود له لفريقٍ تمكن من معادلة ارقام نادي النجمة العريق في ما خصّ الفوز بلقب الدوري، محرزاً القابه الثمانية في المواسم الـ 15 الأخيرة، وهي اضافةً الى موسم 2007-2008، مواسم 2009-2010، 2010-2011، 2014-2015، 2016-2017، 2017-2018، 2018-2019، 2021-2022.
كما زيّن هذه الألقاب بكأس الاتحاد الآسيوي في النسخة قبل الماضية للبطولة القارية، وهو الإنجاز الأكبر في تاريخ كرة القدم اللبنانية على كل المستويات.
العهد يعادل عدد ألقاب النجمة الثمانية في ظرف 15 موسماً فقط
هذا الإنجاز بالتحديد كان يمكن من خلاله معرفة ان العهد لو خسر يوماً، فإنه سيعود حتماً. وهذه المسألة حضر الحديث عنها في مجالس اللعبة الشعبية منذ تتويج الأنصار بلقب الموسم الماضي، حيث حكى الكل عن عودةٍ الى زمن سيطرة العهد على البطولة، وهو ما حصل بعدما تُرجم على الأرض بخطواتٍ عملية.
خطواتٌ كانت حاسمة، بدأت من خلال مواصلة ادارة النادي سياسة استقطاب ابرز المواهب في كل المراكز، ومرّت باستقرار المدرب باسم مرمر مجدداً في الادارة الفنية، ووصلت الى تألقٍ غير عادي لنجومٍ محليين، وإلى عودة آخرين من الاحتراف، ومن ثم تعزيز صفوف الفريق بالهداف المرعب العكايشي، الذي بهدفه الثامن أمس بات في وصافة ترتيب الهدافين مع مهاجم النجمة محمود سبليني، وعلى بُعد هدفين من مشاركة مهاجم شباب الساحل فضل عنتر للصدارة.
(طلال سلمان)
كل هذه المؤشرات التي طفت اكثر الى العلن مع انطلاق سداسية الأوائل، أصابت عزيمة العديد من الخصوم، اذ حضرت دائماً في كلام لاعبي الفرق المختلفة عبارة «خَلَص الدوري للعهد».
استحقها العهد بلا شك لأنه لم يستسلم يوماً حتى عندما خرجت الأمور من نطاق الملاعب الى المكاتب والمحاكم، فقاتل من اجل كل نقطة كسبها بجهدٍ وإصرار، ولم يبخل لاعبوه بأي نقطة عرق في سبيل استعادة هيبة الفريق التي اهتزت بشكلٍ كبير في الموسم الماضي. هم أصلاً شعروا بنقصٍ كبير لا لعدم منافستهم على اللقب المحلي، بل لأنهم سيغيبون عن النسخة المقبلة من كأس الاتحاد الآسيوي، الذي لا يزال حلماً يراودهم وكأنهم لم يتذوقوا طعمه أبداً.
هنا تعلم أن العهد لن يتوقف، واندفاعه هذا سينعكس إيجاباً على الوضع العام لأن الأكيد ان من خسر الدوري ومن فاته قطار المنافسة هذا الموسم لسببٍ او لآخر، ومن شعر بأنه بإمكانه تهديد «الأصفر» ولم يستطع في النهاية، سيرمون بثقلهم لتأمين المطلوب مالياً وفنياً من اجل انتزاع الكأس من أيدي من اعتاد القبض عليها من دون إفلاتها بسهولة.