مجلة وفاء wafaamagazine
عقد في مقر وزارة البيئة مؤتمر تحت عنوان “أية استراتيجية للطاقة المستدامة في لبنان” شارك فيه وزير البيئة ناصر ياسين ووزير الطاقة وليد فياض ورئيس هيئة ادارة قطاع النفط وليد نصر ومسؤولون وخبراء في الطاقة وممثلون عن برنامج الامم المتحدة الانمائي.
حبيب
بعد النشيد الوطني، تكلم في الجلسة الافتتاحية الخبير البيئي حبيب معلوف، فقال: “في لبنان، هناك الكثير من الخطط للكهرباء وليست هناك استراتيجية للطاقة المتجددة بعد. كان على هذه الاستراتيجية أن تحدّد المعطيات الطبيعية النظيفة اولاً، اي ما تستطيع الطبيعة اللبنانية أن تؤمنه من طاقة وان تكون هناك افضليات واولوية ومبادئ على أساسها يحصل تقييم التقنيات والخيارات. أهم هذه المبادئ وفي طليعتها مبدأ الاستدامة البيئية. وهذا لا يعني البحث عن طاقة مستدامة فقط، بل عن كونها بيئية أيضاً، أي أن لا تكون المصادر ناضبة مثل الوقود الأحفوري وان تكون نظيفة وآمنة”.
أضاف: “هذه المواصفات لا تنطبق إلا على الطاقات المتجددة المتوفرة في لبنان والتي كان يفترض أن تمنح الاولوية في الاستثمار والتنظيم والتشريع وتوطين تقنياتها. فلماذا ذهبت وزارة الطاقة تاريخياً بالاتجاه الآخر، ان لناحية انشاء المعامل الحرارية او لناحية الاستجرار من الخارج او التنقيب عن النفط والغاز؟ ولماذا غلّبت ولا تزال خطط الطوارئ على تلك الاستراتيجية كمثل اللجوء إلى البواخر!؟ لماذا تأخرنا حتى الأمس لاقرار القوانين المتعلقة بإنتاج الطاقة المتجددة وحفظها وترشيد استهلاكها بالرغم من تأكيد الدراسات بأن إمكانيات الطاقة المتجددة بجميع أشكالها (من ماء وشمس وهواء) متوفرة في لبنان ويمكن أن تشكل البديل الآمن والاقتصادي عن كل خطط الطوارئ!؟”.
وتابع: “لو استجبنا للدعوات القوية التي أطلقت منذ ربع قرن تقريباً لوضع استراتيجية للطاقة المستدامة من ضمن استراتيجية التنمية المستدامة وسياسات مختلفة للطاقة، لما كنا أمام هذه الازمة الحادة في الطاقة التي نعيشها اليوم. من هنا كانت أهمية الحوار والشراكة التي تحصل الآن بين وزارتي الطاقة والبيئة لتبيان مدى الاستدامة في الخطط والخيارات، لاسيما بعد أن أصبحت قضية تغير المناخ عنصرا حاسما في تحديد اتجاهات الطاقة عالمياً”.
ياسين
ثم كانت كلمة لوزير البيئة الذي رحّب بحضور وزير الطاقة، وقال: “لماذا وزارة البيئة تهتم اليوم بالطاقة البديلة؟ هذا سؤال بديهي، إنما السؤال الاساسي لماذا فوّتنا الفرص منذ سنوات وعقود بإعتمادنا الكامل على الوقود الاحفوري المكلف جداً، أولاً على صحة الناس حيث أن تلوث الهواء الموجود في لبنان هو من أكثر القضايا المؤثرة على صحة اللبنانيين واللبنانيات وكلفته السنوية أكثر من مليار دولار على الفاتورة الصحية والبيئة، وهو ثانياً مكلف على البيئة ومكلف على المال العام وأموال اللبنانيين، ونحن ويعرف الدكتور وليد لأننا، ونتكلم بشكل شفاف جداً مع بعضنا، أمام فشل ذريع في تأمين الكهرباء للناس”.
وسأل ياسين: “كيف سنعمل في وزارة البيئة مع وزارة الطاقة والوزارات الاخرى للولوج والسير في اتجاه استراتيجية للطاقة البديلة في البلد؟ أولاً حوّلنا وزارة البيئة، وهي صغيرة مقارنة مع وزارة الطاقة لكنها غنية ونشيطة، حوّلناها إلى خلية نقاشات حول كثير من القضايا الملحة التي تطال البيئة وصحة الناس، وقد تكون هذه هي الورشة السادسة منذ 5 أو 6 أشهر، وأصدرنا كتابا عن “أحوال البيئة في لبنان” الذي يتضمن قسماً خاصاً من خيرة المتخصصين في لبنان حول الطاقة البديلة والقضايا البيئية، وهذا هو دور الوزارة بإنتاج المعرفة، ولكن نعمل مع وزارة الطاقة على وضع خطط قطاعية ضمن المساهمات المحددة وكذلك للعمل الجدي والمثابر في ظروف في موضوع الاستثمار في الطاقة البديلة والاستفادة من التمويل المتاح عبر صندوق التأقلم أو التمويل المناخي، بهدف التأسيس لمسار جديد ينقل لبنان إلى مستقبل متكيّف مناخياً ولكن مزدهر اقتصادياً، ونعمل مع فريق من الوزارة المكلف بقضايا التغيير المناخي على تشجيع القطاع الخاص كهيئة وطنية معتمدة من قبل الصندوق الدولي للمناخ على الاستفادة من فرص الاستثمار المتعلقة بهذا الموضوع وما يتعلق بالطاقة البديلة”.
وتطرّق وزير البيئة إلى دراسة تسلّمها من مشروع تغيّر المناخ في الوزارة تمّ العمل عليها مع وزارة الطاقة، وتقول “إذا استثمرنا 46 مليون دولار في الطاقة الشمسية ب 300 ميغاوات يمكن أن نخلق فرص بحوالى 97 مليون دولار خلال ال 20 سنة المقبلة وتوفّر علينا 18 في المئة من قيمة العمل في الطاقة البديلة وتخفف 5.2 مليون طن من الانبعاثات خلال السنوات العشرين الماضية وتتيح للقطاع الخاص أن يستثمر بمقدار 279 مليون دولار، وهذا هو العمل الجدي الذي علينا القيام به مع وزارة الطاقة لتشجيع القطاع الخاص على الاستمثار أكثر وأكثر، وأعرف أن وزارة الطاقة والوزير فياض يعملان بكل جهد لوضع قانون جديد موجود في مجلس النواب ونحن إلى جانبهم في هذا الاطار”.
وختم ياسين متحدثاً عن “مشروع مع شركائنا في برنامج الامم المتحدة الانمائي لادارة المخلفات الالكترونية الناتجة عن ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات وكيفية معالجتها بطريقة أكثر استدامة”.
فياض
وكانت الكلمة الاخيرة لوزير الطاقة الذي قال: “يسرني ان أكون معكم هذا الصباح تلبية للدعوة الكريمة من معالي وزير البيئة الصديق الدكتور ناصر ياسين، بهدف ان نتشارك سوياً وبوجود هذه النخبة المميزة من خبراء الطاقة في ايجاد حلول لقطاع الطاقة المستدامة في لبنان. واسمحوا لي بداية ان اتقدم بالشكر الى كل من ساهم بإنجاح هذا المؤتمر اليوم”.
اضاف: “سوف انطلق من عنوان مؤتمرنا “أية استراتيجية للطاقة المستدامة في لبنان” لأقول بأنه منذ وصولي الى وزارة الطاقة والمياه منذ حوالي ثمانية اشهر، وضعت مواضيع الطاقة المستدامة كأولوية على جدول اعمال الوزارة. وقد اصرينا ان تتضمن الخطة التي وضعتها وزارة الطاقة والمياه بالتعاون مع البنك الدولي والتي اقرها مجلس الوزراء، كل الاهداف التي كانت اقترحتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) للعام 2030: وبشكل اوضح، تضمنت الخطة الوطنية تنفيذ كامل المشاريع التي سوف تساهم بأن تكون نسبة الطاقة المتجددة 30٪ من استهلاك الكهرباء بحلول عام 2030، و70 % أو أقل بقليل عبر الغاز، وفي رأيي هذا المزيج يقرّبنا كثيراً نحو طاقة مستدامة. وفي انتظار التقنيات الحديثة التي تمكننا من زيادة هامش الطاقة المتجددة، البديل الاكثر صداقة للبيئة هو الغاز ويعالج التغير المناخي. وبمزيد من التأكيد، نقول إن هدفنا هو تركيب 4,000 ميغاوات من مزارع الطاقة الشمسية بحلول عام 2030، وحوالي 1,000 ميغاوات من مزارع الرياح بالإضافة الى استكمال توسعة قطاع الكهرومائية وتطوير سوق تسخين المياه على الطاقة الشمسية وسوق المضخات الحرارية”.
ولفت إلى “أن تنفيذ هذه المشاريع الكبيرة يستلزم تمويلاً ضخماً من مؤسسات التمويل الدولية، خاصة وان معظم هذه المشاريع سوف يتم تنفيذها من القطاع الخاص. وفي هذا الاطار، نعيد التذكير بأن الحكومة اللبنانية قد نجحت في عام 2018 في توقيع الاتفاقيات الثلاث الأولى في تاريخ لبنان لشراء الطاقة من القطاع الخاص وذلك لبناء 228 ميغاواط من مزارع الرياح في منطقة عكار. ونحن مدّدنا في خلال هذه الحكومة لهذه الشركات ليكون لديها الوقت الكافي للحصول على التمويل واستكمال تنفيذ المشاريع حيث أن الجهات المموّلة تطلب ضمانات لتبدأ بالتنفيذ ،وقد تأخر تنفيذ هذه المشاريع وتحويلها الى حقيقة بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية الشديدة التي يعيشها لبنان. لكننا نعلم أن الطاقة المستدامة ستكون أحد الجوانب الرئيسية للخروج من هذه الأزمة”.
وقال: “لا شك أن قطاع الطاقة يشكل عبئاً كبيراً على اقتصادنا الوطني، وهو عبء يستوجب حلّه اصلاحاً جذرياً بنيوياً للقطاع. وقد لحظت خطتنا 90% من الجوانب الاصلاحية للقطاع وأحد الاعمدة الرئيسية هو اصلاح التعرفة وزيادتها بما يسمح بتغطية التكاليف ويسمح بالاستثمار في الطاقة المتجددة التي هي أرخص وأكثر جدوى مالياً واقتصادياً من غيرها”.
اضاف: “يأتي اجتماعنا اليوم في مرحلة صعبة ، فبينما لا تزال البلدان تواجه الآثار السلبية لوباء OVID-19 وما زالت تحاول التعافي من عواقبه الاقتصادية الكبيرة، لا يزال يمثل موضوع تغير المناخ تهديدًا حقيقيًا يتطلب إجراءات فورية من جانبنا. من هنا، نعيد تأكيد استعداد وزارة الطاقة والمياه التعاون الشامل مع وزارة البيئة بشخص معالي الوزير الصديق الدكتور ناصر ياسين في سبيل تخفيف الاثر البيئي السلبي لقطاع الطاقة في لبنان”.
واشار الى ان “الوزارة تعتمد على الإنجازات الماضية في هذا الصدد”. وقال: “في الواقع، خلال السنوات العشر الماضية، زاد السوق اللامركزي للطاقة الشمسية الكهروضوئية من بضعة كيلوواط من المشاريع إلى أكثر من 100 ميغاواط في العام 2020، وصولا” الى 200 ميغاوات في العام 2021. وبحسب تقديرات المركز اللبناني لحفظ الطاقة، سوف يشهد العام 2022 تركيب حوالي 250 ميغاواط اضافية من انظمة انتاج الكهرباء على الطاقة الشمسية، ما معناه ان يصبح اجمالي الطاقة الشمسية بنهاية العام 2022 حوالي 450 ميغاواط”.
وتابع: “استكمالا” لجهود تطوير هذا القطاع، عملنا جاهدين على إقرار قانون الطاقة المتجددة الموزعة في مجلس الوزراء حيث وقع فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء والوزراء المعنيون على مرسوم احالته رقم 9000 تاريخ 6 نيسان 2022. ونحن نقوم بما يلزم لمتابعة الموضوع في سبيل اقراره في مجلس النواب في اقرب فرصة ممكنة. ويلعب مشروع القانون دوراً أساسياً في تأمين الأمن الطاقوي الذاتي كما يسهل تبادل الطاقة بين منتجين ومستهلكين من القطاع الخاص مما سيساهم في تحقيق أهداف لبنان من الطاقة المتجددة كما مكافحة التغير المناخي من خلال إعتماد مصادر الطاقة المتجددة. ويتضمن مشروع القانون آليات اعتماد وتطبيق التعداد الصافي بكل اشكاله كما اتفاقيات شراء الطاقة داخل وخارج الموقع مما سيشكل رافعة اساسية للطاقة المتجددة لتركيب قدرة تفوق 800 ميغاوات من انظمة الطاقة الشمسية اللامركزية في لبنان”.
اضاف:”بالحديث عن الجانب التشريعي ايضا”، من المهم أن نلاحظ أن بلدنا قد شرع في رحلة طموحة لتنفيذ تدابير كفاءة الطاقة في مختلف قطاعات الاقتصاد منذ العام 2005. ومع الارتفاع الكبير في كلفة الكهرباء، اصبح موضوع كفاءة الطاقة من الاولويات ذات المردود المالي الافضل. وفي هذا الاطار، تم العمل على انجاز مشروع قانون حفظ الطاقة الذي يتضمن الأسس الضرورية لتحسين كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات، مع املنا ان يقره مجلس الوزراء في اقرب فرصة ممكنة”.
وختم: “ان التخطيط لحلول مستدامة يجب ان يقترن ببناء جسور للتواصل مع كل القطاعات الانتاجية من قطاع عام وقطاع خاص، ولا سيما من خلال اللقاءات التي تجمعنا مع الخبراء في شؤون هذا القطاع كمؤتمرنا اليوم. ونحن في وزارة الطاقة والمياه حرصاء على مواصلة الجهود الوطنية نحو تطوير الطاقة المستدامة في لبنان، وتحديداً وفقاً لتقييم جاهزية مصادر الطاقة المتجددة ورسم خرائط الطاقة المتجددة (REmap) الذي تم تطويره بدعم من الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، كل ذلك مع املنا الكبير ان يحمل الغد اشراقة ايجابية في تطوير هذا القطاع “.
جلسات نقاش
وتلا الجلسة الافتتاحية جلسات حوارية على الشكل الآتي:
الجلسة الاولى حملت عنوان “المبادئ الاستراتيجية المقترحة للطاقة المستدامة” مع حبيب معلوف.
الجلسة الثانية تحت عنوان “الإستدامة في الخطط المقترحة لقطاع الطاقة” أدار الحوار فيها المدير التنفيذي في المركز اللبناني لحفظ الطاقة المهندس راني الاشقر وتخللها مداخلة لكل من رئيس هيئة ادارة قطاع النفط في لبنان وليد نصر ومدير مشروع “سيدرو” في برنامج الامم المتحدة الانمائي.
الجلسة الثالثة حملت عنوان “توقعات الطلب على الطاقة وضبط الاستهلاك”، وقد أدار الحوار فيها المديرة السابقة لشعبة التنمية المستدامة في الاسكوا رولا مجدلاني، وتخللها مداخلات لكل من رئيس مصلحة شبكات التوتر العالي ورئيس لجنة المخطط التوجيهي العام لقطاع النقل في مؤسسة كهرباء لبنان رمزي دبيسي والمستشارة التقينة في المركز اللبناني لحفظ الطاقة سورينا مرتضى.
الجلسة الرابعة حملت عنوان “مستقبل مزيج الطاقة في لبنان” أدارتها المستشارة في برنامج الامم المتحدة الانمائي منال مسلم وتخللها مداخلات لكل من المدير السابق في كهرباء لبنان ورئيس قسم الطاقة السابق في الاسكوا وليد دغيلي ومسؤول الشؤون الاقتصادية في قسم الطاقة في الاسكوا جيل أمين والخبير القانوني في شؤون الطاقة المتجددة علي برو.
الجلسة الخامسة حملت عنوان “التمويل البيئي” وأدارتها الخبيرة المالية كارول عياط، وتكلم فيها ممثل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إيرينا زهير حامدي ومدير مكتب لبنان في البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية خليل دينغزلي.
أما الجلسة الاخيرة فمخصصة لتلاوة التوصيات.