مجلة وفاء wafaamagazine
تعادل خسارة مقعد جوزيف اسحق في بشري فوز حزب القوات اللبنانية بمقاعده الـ18. الحصن المنيع لسمير جعجع وستريدا اخترقه ابن عمّ الأخيرة وليام طوق. القلعة العصية على الاختراق اختُرقت و”تابو” الترشح في وجه القوات انكسر. وزاد من توتر معراب دخول “قوة ثالثة” الى القضاء ممثلة بقوى “التغيير”. لا يعني ذلك أن بشري لم تعد قواتية، فالبشرانيون اقترعوا سياسياً ضد حزب الله والتيار الوطني الحر، ولكن لسمير لا ستريدا، موجّهين رسالة واضحة بأننا لسنا للحشد والتعبئة فقط”.
رلى ابراهيم
ليس تفصيلاً أن يكون لقضاء بشرّي نائب من خارج حزب القوات اللبنانية. كان حزب سمير جعجع يحتفل بالأكثرية النيابية ليلة فرز النتائج عندما نزل خبر خرق وليام طوق لحصن بشري كالصاعقة على معراب. لجمهور القوات في بشري مئة مأخذ على الحزب، لكن البشرانيين لم يريدوا الخروج من منطق المنطقة العصية على غير القوات. حتى الجرد الذي عانى مزارعوه طوال أربع سنوات من كساد تفاحه، موسماً بعد آخر، يفرّقون بين الخسائر المادية والخسارة المعنوية. لا صوت هنا يعلو فوق صوت القوات، ولا تغيّر ناخبو الحزب بالأرقام. لكن فشل القوات في تأمين حاصل رابع في دائرة تضم 4 أقضية أفقدها أحد مقعدي بشري ليعمّ الاحباط، ما اضطر النائب بيار بو عاصي الى تعميم رسالة على المحازبين يدعوهم فيها الى “وقف النحيب والانطلاق الى العمل”.
لكن هل فازت القوات أم خسرت؟ بالورقة والقلم، ارتفع رصيدا ستريدا جعجع (7924) وجوزيف اسحق (6391) من نحو 12 ألف صوت في الدورة الماضية الى 14 الفاً في الدورة الأخيرة، بالتزامن مع ارتفاع طفيف في نسبة الاقتراع من 40% الى ما 41%. عملياً، لم يخسر القواتيون من رصيدهم، مقابل تراجع ملحوظ في أصوات طوق (من 4649 صوتاً الى 3566) يعزوه البعض إلى معارضة الموقف السياسي للائحة، وليس لطوق الذي نشط خدماتياً في المدينة في السنوات الماضية. غير أن تبدّل النتيجة في الكورة وفوز مرشح التيار الوطني الحر جورج عطا الله، مقابل فوز تيار المردة بحاصلين وخسارته لمقعد زغرتا، أفقدا القوات المقعد الثمين. غير أن اللافت، ربما أكثر من فوز طوق، هو عدد الأصوات التفضيلية التي نالها مرشح لائحة “شمالنا” رياض طوق (1406)، رغم عدم انتمائه الى أي حزب ورغم حداثة الماكينة الانتخابية للائحة. فقد اعتادت بشرّي على القوات والأحزاب العائلية التقليدية، ونيل مرشح مستقلّ هذا العدد من الأصوات يؤشّر إلى بداية تبدل مزاج شعبي كان حتى الأمس منغلقاً على نفسه، وأكثر ما تخشاه القوات أن تكبر كرة الثلج مع الأيام لتشكل، مع “حالة وليام”، خطراً جدّياً على معقلها الرئيس.
“تعيش بشرّي من قلة الموت، لكنها رغم ذلك، لا تساوم في موقفها السياسي المؤيد للقوات الذين وحدهم يمكنهم حمايتنا والوقوف في وجه حزب الله. صحيح أن الاعتراضات كثيرة، لكن القواتي لا يصوّت لأعداء القوات”، يقول أحد الشبان. لذلك، عاقب القواتيون نائبتهم لا حزبهم. فأقلام الاقتراع في مدينة بشري وقرى محيطة بها، كبزعون وبرقاشا، حيث عمّمت القوات على مناصريها أن يصبّوا أصواتهم لستريدا حصراً، تضمّنت أصواتاً لإسحق ليس حباً به، وإنما كرسالة تنبيه. و”بعض من انتخبوا إسحق يدركون جيداً ما يتسبّب به ذلك في معراب. أرادوا أن يهزّوا أسوار القصر قليلاً حتى لا يعتبر أصواتهم مضمونة في الجيبة”، وفق أحد البشرّانيين.
أن يشارك وليام جبران طوق الذي يعدّ والده من الزعماء التاريخيين في المنطقة في تمثيل بشري، أمر كفيل بإشغال القوات في معقلها في السنوات الأربع المقبلة.
طوق النشيط، كان قد بدأ بتقديم مساعدات وخدمات اجتماعية. بعد إغلاق الأسواق الخليجية وتعذّر تصريف التفاح وانقطاع المازوت، أمّن لمزارعي التفاح المحروقات بأسعار منخفضة واشترى بعض إنتاجهم وسوّقه في مصر وغيرها. انتخابه يعني، حكماً، أنه سيزيد نشاطه الخدماتي ليكرّس زعامته، ما يصعّب مهمة ابنة عمه ستريدا التي سيكون عليها إجراء مراجعة جدية لأدائها. أما تراجع عدد أصواته، فتعزوه مصادر قريبة منه إلى “حرب الإلغاء المزدوجة” ضده التي خاضتها القوات اللبنانية ولائحة “شمالنا” معاً، بتخوينه واتهامه بالتبعية لحزب الله وجبران باسيل. حتى إن القواتيين تمنّوا على من لا يرغب في انتخاب نواب القوات إعطاء أصواتهم لمرشح “شمالنا” رياض طوق. وهذا ما يفسر احتفاظ القوات بأصواتها، فيما غرف رياض من أصوات وليام.
لكن، لماذا إذاً أعاد البشرانيون الاقتراع للقوات؟ يجيب رياض طوق: “الناس انتخبت بالسياسة ضد حزب الله. والقوات التي تراجعت عام 2018 حافظت على التراجع هذه الدورة ولم تخسر أكثر لأن بشري مرتبطة بموجة طغت على كل لبنان تتعلق بمرحلة اشتباك سياسي وإعلامي مباشر مع الحزب، مترافق مع فشل العهد والتيار الوطني الحر، وفي ظل تراجع الحريري واعتبار جزء كبير من الناخبين أنه لم يبق في الميدان إلا سمير جعجع”. موقف طوق يتماهى مع موقف العديد من فعاليات المدينة التي رأت أن بشري “انتخبت القوات ولم تنتخب ستريدا” بدليل تضمّن صناديق الاقتراع لوائح من دون أصوات تفضيلية وحصول إسحق على عدد أكبر من الأصوات.
الأخبار