الرئيسية / آخر الأخبار / وساطة الكاظمي الإقليمية: نافذةُ حلحلةٍ في العراق؟

وساطة الكاظمي الإقليمية: نافذةُ حلحلةٍ في العراق؟

مجلة وفاء wafaamagazine

لطالما راهن مصطفى الكاظمي على أن يشكّل بشخصه نقطة تقاطُع للقوى المحلّية والإقليمية، حتى يقدّم نفسه كـ«رجل المرحلة» في العراق، في زمن الانقسام الكبير الذي يشهده البلد. الرجل الذي جاء بهذه الصفة من الأساس لدى تولّيه رئاسة الوزراء خلَفاً لعادل عبد المهدي إثر تظاهرات تشرين الأول 2019، يعود اليوم إلى الواجهة من بوّابة وساطته بين بغداد وطهران، والتي يؤمَل أن تُشكّل كوّة لحلحلة الأزمة السياسية العراقية، لا سيّما بعد التغيّرات الأخيرة في مجلس النواب


بغداد | مرّة أخرى، يسعى رئيس وزراء العراق، مصطفى الكاظمي، لتوفير ظروف مؤاتية لحلحلة الأزمة السياسية، وذلك من بوّابة محاولة التوفيق بين القوى الإقليمية التي يتأثّر البلد بشكل كبير بالصراعات في ما بينها، ولا سيما بعدما لاحت فرصة الخروج من الانسداد الحاصل إثر استقالة نواب «التيار الصدري» من البرلمان، وتحوُّل «الإطار التنسيقي» إلى الكتلة الأكبر داخله، ما يعطيه حقّ اختيار رئيس الحكومة المقبل. وعلى رغم أن «التنسيقي» شنّ هجمات متعدّدة على الكاظمي شخصياً في المرحلة الماضية، مُحمِّلاً إيّاه مسؤولية ما وصفه بالتلاعب بالانتخابات لمصلحة القوى المناوئة للأوّل، ولا سيّما «التيار الصدري»، إلّا أن رئيس الوزراء كان يراهن دائماً على العلاقات الجيّدة التي أقامها مع المسؤولين الإيرانيين، وأظهر استعداده غير مرّة لأخذ مصالح طهران في الاعتبار، وهو ما مثّل جزءاً من توسّطه بين إيران والسعودية واستِضافته سلسلة اجتماعات بينهما في بغداد، الأمر الذي يخطّط لتتويجه باستضافة اجتماع لوزيرَي خارجية البلدين، بعد أن زار كلَيهما، ناقلاً مقترحات لاستئناف العلاقات.

 

 

لكنّ حظوظ الكاظمي في البقاء رئيساً للحكومة مرتبطة بمواقف القوى التي تمثّل «المكوّنات» الأخرى، مثل «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، و«تحالف السيادة» بقيادة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، والنوّاب المستقلّين، بمعنى أن يشكّل مرّة جديدة مرشّح تسوية، باعتبار أن «التنسيقي» لا يستطيع بمفرده تشكيل حكومة. ويَفترض ذلك أيضاً أن لا يبتعد الكاظمي، وهو يراعي مصالح طهران، عن الرهانات الخارجية لتلك القوى، الأمر الذي ستَظهر مفاعيله في منتصف الشهر المقبل، في حال مشاركته في الاجتماع المُقرَّر بين الرئيس الأميركي جو بايدن، وقادة دول «مجلس التعاون الخليجي» ومصر والعراق والأردن، والذي سيَجري خلاله وضع الأساس لتحالف عسكري ترعاه أميركا في إطار مساعيها لتطويق روسيا بعد حرب أوكرانيا، ولكنه يتناغم مع تحالف موازٍ يشمل عدداً من الدول المشارِكة في هذا الاجتماع، وتتصدّره إسرائيل بصفتها حاميةً لعدد من أنظمة الخليج. والظاهر أن جهود الكاظمي تحظى بتشجيع من طهران، التي تسعى إلى تفكيك الأزمات مع الرياض، على اعتبار أن مواجهتها الأساسية هي مع الغرب الذي يحاول أن يستخدم العراق ساحة ضدّها، ومع إسرائيل. كما أن هذه الجهود تترك ارتياحاً بين العراقيين الذين لا يحتاجون إلى تعقيدات إضافية للوضع في بلادهم، الذي يعاني بالفعل سلسلة أزمات سياسية واقتصادية، وظروفاً معيشية قاسية.


«الفتح»: الكاظمي سيشارك في مؤتمر الرياض ضمن «خطوط حمراء»

وفي هذا الإطار، يقول الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية، زياد العرار، المقرّب من الحكومة، لـ«الأخبار»، إن «العراق لعب دوراً أساسياً وكبيراً في عملية التفاوض ما بين الرياض وطهران، وهو استطاع أن يقوم بهذه الوساطة فيما عجزت عنها دول أخرى كانت مهيّأة ومعروفة بعلاقاتها مع السعودية وإيران، مثل سلطنة عمان ودولة الكويت ودول أخرى»، مضيفاً أن «الكاظمي استطاع أن يحوّل العراق من منطقة صراع بين الدولتين إلى منطقة تفاوض، وهذه نقلة كبيرة في المشهد العراقي، حيث أصبح العراق صاحب قرار وصاحب كلمة في هذا المجال». ويَعتبر أن رئيس الوزراء «يريد أن ينهي هذه المفاوضات بشيء جميل، وهناك تَوجّه إقليمي ودولي لمباركة جهوده في هذا المجال»، لافتاً إلى أن «الكاظمي قام بزيارات مكّوكية بين البلدين، وحالياً أعتقد أنه وصل إلى وضع النقاط على الحروف». وعن حظوظ الرجل في ترؤّس الحكومة المقبلة، يرى العرار أن «هذا يعتمد على المشهد العراقي، لكنه حتى هذه اللحظة الأقرب والأوفر حظاً، لأنه يتّصف بالهدوء وباستخدام السياسة السهلة مع كلّ الأطراف المتناقضة، سواءً داخلياً أو خارجياً». ويؤكد أن «العراق سيحضر القمّة العربية – الأميركية المُقرَّرة في السعودية، وهناك وعود حقيقية بأن يتمّ دعمه اقتصادياً وسياسياً في هذه القمّة»، التي يصفها بأنها «مهمّة جدّاً للعراق، وقد تفضي إلى نتائج جيدة يتمنّاها البلد منذ سنوات». ويَخلص إلى أن «سياسة الكاظمي الخارجية ناجحة، حيث استطاع أن يوفّق بين الداخل والخارج على رغم الاعتراضات الداخلية، ومخرجات الأمور سوف تقنع الجميع».


وعلى رغم اعتراض «الإطار التنسيقي» المبدئي على مشاركة العراق في قمّة الرياض، إلّا أنه أجرى نقاشاً مع رئيس الوزراء بشأنها، خلُص إلى الاتفاق على المشاركة ضمن شروط، وفق تأكيد القيادي في «تحالف الفتح»، علي الفتلاوي. ويقول الفتلاوي، لـ«الأخبار»، إنه «تمّ الاجتماع مع الكاظمي، والتداول بخصوص الذهاب إلى السعودية، وجرى الاتفاق على أنه لا ضير في المشاركة في مؤتمر الرياض، إذا كان أوّلاً يصبّ في مصلحة العراق والعراقيين، وثانياً إذا لم يكن منطلَقاً للعدوان ضدّ دول الجوار ولا سيّما إيران، وثالثاً أن لا يكون مناسبة للتداول في موضوع التطبيع مع إسرائيل، كون التطبيع لدينا خطّاً أحمر». ويضيف الفتلاوي أن «هناك أيضاً بعض الأمور التي تمّت مناقشتها مع الكاظمي، ومنها أنه لا يمكن التنازل عن ثروات العراق. وإذا كان دخول العراق مُصلحاً ما بين الجمهورية الإسلامية والسعودية واليمن، فهذا من دواعي السرور».

 

 

 

 

الأخبار

 

عن Z H