الرئيسية / آخر الأخبار / السودان | الشارع مسرحاً لمواجهة جديدة: المعارضة لا تفقد الأمل

السودان | الشارع مسرحاً لمواجهة جديدة: المعارضة لا تفقد الأمل

مجلة وفاء wafaamagazine

تستعدّ «القوى الثورية» والسياسية المُعارضة في السودان لحراك جديد في الشارع، لا يبدو أن نتيجته ستكون مُغايرة لِما سبقه، في ظلّ استمرار تمسُّك العسكر بالسلطة، ورفضه الانخراط في أيّ تسوية تستبعده منها. ومع ذلك، لا تزال هذه القوى على قناعة بإمكانية وصولها إلى هدفها، بل هي تعكف على التحضير لِما بَعده، متّكلة على مجموعة مؤشّرات تعتقد أنها تلعب لصالحها، ومن بينها ابتعاد الضلع الثالث في اللجنة العسكرية المُناطة بإدارة الحوار، عن المشهد

الخرطوم | على بُعد يومين من موعد الـ30 من حزيران، تُواصل «القوى الثورية» السودانية تحشيدها لـ«مليونية» جديدة في وجه العسكر، تأمل أن يكون لها تأثير أفعل في مسار ما تُسمّيه «إسقاط الانقلاب». ولعلّ ما يحفّز تلك القوى على تجديد تحرّكاتها، هو الوضع المتأزّم الذي تشهده البلاد عموماً تحت سلطة العسكر، سواءً لناحية انعدام الأمن، أو تدهور الوضع المعيشي في ظلّ الارتفاع الكبير في أسعار السلع الرئيسة، فضلاً عن حالة العزلة التي تعيشها الخرطوم في ظلّ انقطاع المساعدات الخارجية عنها، على رغم استمرار التزكية الإقليمية والانفتاح الدولي على الحُكم الجديد. في المقابل، لا يجد العسكر بدّاً من الاستمرار في الحوار الذي تديره الآلية الثُلاثية بقيادة رئيس بعثة الأمم المتحدة، باتريس فولكر، وبمشاركة الاتحاد الأفريقي ومنظّمة «إيغاد»، بل إنه بدأ يستحثّ القوى السياسية على مواصلة المفاوضات للخروج باتفاق سياسي.

 

 

وفي هذا الإطار، أعلن المتحدّث باسم الجيش، العميد نبيل عبدالله، عقب لقاء الآلية الثلاثية واللجنة العسكرية المُناطة بها إدارة الحوار، أن الأخيرة «شدّدت على أهمية عامل الوقت نظراً للظروف والتعقيدات التي تمرّ بها البلاد، والتي تتطلّب الإسراع في إنجاز ما تبقّى من مشاورات»، وأضاف أن «اللجنة أكدت أن الحوار سيشمل القوى السياسية كافة، ما عدا حزب المؤتمر الوطني»، فيما بدا لافتاً غياب قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، الضلع الثالث في اللجنة العسكرية، عن اللقاء، بدعوى تواجده منذ أكثر من أسبوع في إقليم دارفور، حيث يقود مهمّة نزع فتيل الفتن القبلية وإجراء صُلح بين القبائل المتحاربة. غير أن مراقبين يرون في توقيت زيارة «حميدتي» إلى الإقليم، والتي ستمتدّ وفق تصريحات منسوبة إليه لثلاثة أشهر، مؤشّراً إلى محاولة الرجل النأْي بنفسه عن المشهد، حتى لا يقع الانفجار بوجهه في حال وقوع أيّ تطوّرات دراماتيكية. أمّا شركاء دقلو من الحركات المسلّحة، فقد عادوا إلى لغة التهديد والوعيد، في حال جرى إلغاء «اتّفاق جوبا» الذي احتفظوا بموجبه بمناصب سيادية ووزارية منذ حكومة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك، وحتى الآن. ووفق مصدر عسكري تحدّث إلى «الأخبار»، فإن الجيش والقوى النظامية الأخرى كافة وُضعت في حالة استعداد قصوى تَحسُّباً لِما سيحدث في 30 حزيران. وأكد المصدر أن «العسكر متمسّك بالسلطة، ولن يقبل بأيّ تسوية لا تضمن مشاركته فيها».


مصدر عسكري لـ«الأخبار»: الجيش وُضع في حالة استعداد قصوى تَحسُّباً لِما سيحدث في 30 حزيران

ومع ذلك، لا تَعدم «لجان المقاومة» و«القوى الثورية» والسياسية الأمل في تحقيق اختراق لصالحها، بل إنها بدأت التحضير للفترة الانتقالية التي ستَعقب بحسبها «إسقاط انقلاب». وفي هذا الإطار، يؤكد عضو «لجان المقاومة» في مدينة الخرطوم، بحري عقيل أحمد، أن «اللجان متمسّكة بميثاق سلطة الشعب كوثيقة قانونية لإدارة الفترة الانتقالية، على الرغم من عدم توافق كلّ القوى الثورية عليه». ويشدّد أحمد، في تصريح إلى «الأخبار»، على أن «تحدّي إدارة الفترة الانتقالية هو التحدّي الحقيقي الذي ينبغي الاستعداد إليه منذ الآن، وذلك لن يكتمل ما لم تتوحّد قوى الثورة». كاشفاً أن «هناك حراكاً تقوم به بعض الشخصيات الثورية المقبولة لتوحيد المواثيق المطروحة من قِبَل قوى الثورة، مع تمسّك لجان المقاومة بالمادة التي تنص على أن تكون السلطة للشعب».
هنا، قد يُطرح سؤال حول ماهيّة الدور الذي يُفترض أن تلعبه الأحزاب السياسية في الفترة الانتقالية؛ إذ ترى بعض «القوى الثورية» أن هذا الدور ينبغي أن ينحصر في الاستعداد للانتخابات والمشاركة فيها بعد انتهاء تلك الفترة، فيما إدارة هذه الأخيرة يجب أن تتمّ بواسطة كفاءات مهنية. لكن أحمد يَعتبر أن من الطبيعي أن تكون «قوى الثورة والأحزاب التي شاركت في إسقاط الانقلاب هي المسؤولة عن إدارة الفترة الانتقالية»، مستدركاً بأن «تشكيل المجلس الثوري سيجيب على الكثير من التساؤلات حول هذه الإشكالية»، مشدّداً مع ذلك على الحاجة إلى «خبرات سياسية متراكمة تستطيع إدارة التعقيدات والتناقضات في الساحة السياسية والمجتمع السوداني، وتستطيع التعامل مع توازن القوى المحلّية والإقليمية».