الرئيسية / آخر الأخبار / لبنان رهينة التسويات الكبرى.. غياب عن قمة جدة والترسيم بانتظار “النووي”

لبنان رهينة التسويات الكبرى.. غياب عن قمة جدة والترسيم بانتظار “النووي”

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية

 اتّجهت الأنظار يوم أمس إلى جدة، حيث عُقدت القمة الأميركية – العربية الموسّعة، بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن، وقد حضرت فيها مختلف الملفات الطارئة إقليمياً ودولياً، وطبعاً اقتصادياً على مستوى الطاقة.

لبنان غاب حضورياً عن القمة وإن حضر في البيان المشترك السعودي – الأميركي، الذي أشار إلى دعم الجانبين السعودي والأميركي المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره وللقوات المسلحة التي تحمي حدوده، مشدّداً على أهمية تشكيل حكومة لبنانية صنع في لبنان، وتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية وهيكلية شاملة تضمن تغلّب لبنان على أزماته السياسية، وعدم تحوّله إلى نقطة انطلاق للإرهابيين أو تهريب المخدرات، أو الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدّد أمن واستقرار المنطقة، مع التشديد على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية بما في ذلك تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة، فلا تكون هناك أسلحة إلّا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها.

هذا البيان وصفته مصادر سياسية بأنّه جيّد من حيث الشكل، لكنّه يبقى في إطار التمنيات، حتى ولو كانت نوايا الطرفين صادقة حيال لبنان لأنّ المسؤولين السعوديين والأميركيين يعرفون جيداً أنّ لبنان الرسمي منقوص السيادة، وهو بشكلٍ أو بآخر مخطوف من قبل إيران، وما زال يخضع لمحور الممانعة، وأنّ الانتخابات النيابية غيّرت فيه بالشكل ولم تغيّر بالجوهر، وهذا الأمر لن يتم من دون ضغط خارجي يقلب المعادلة القائمة من أساسها.

المصادر السياسية لفتت عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ البيان تحدّث عن سياسات معيّنة، لكن لم يدخل في صلبها وفي طريقة حلّها. واعتبرت أنّ لبنان ما زال في حالة تحلّل وتفكّك، لكن بالمقابل لمست المصادر أنّ هناك تفاهماً على أن يوظّف العرب إعادة تأسيس وبناء لبنان بخلال ستة أشهر أو أكثر ربما لإعادة استنباط طائف جديد بناءً على معطيات استبقت وصول بايدن إلى جدة وترافقت مع التحضير للزيارة، وكان من بينهم أصدقاء كبار للبنان، وستظهر نتائجها بوقت ليس ببعيد.

أمّا في موضوع ترسيم الحدود مع إسرائيل، وما أُعلن عن تقدّم في هذا الملف، رأت المصادر أنّ موضوع الترسيم مرتبط بمفاوضات الملف النووي الإيراني، فإذا شهدت هذه المفاوضات تطورات إيجابية فقد ينعكس ذلك على ملف الترسيم، وإلّا لن يكون هناك أي تقدم. ولاحظت المصادر أنّ الملفّين النووي والعسكري الإيرانيين غير منفصلَين عن بعضهما بالنسبة للإدارة الأميركية، فإمّا أن تكون إيران قادرة على تقديم نتيجة إيجابية في هذين الملفّين، أو أنّ الأمور ذاهبة باتّجاه المزيد من التوتر الذي سيقود طبعاً إلى نشوب حرب في المنطقة، وأنّ تصميم بايدن على عدم ترك أي فراغ في المنطقة لأنّ إيران قد تستغله لتعزيز نفوذها العسكري واضح جداً.

المصادر السياسية استبعدت في ضوء كل ما تقدم تشكيل حكومة في الأشهر التي تسبق الاستحقاق الرئاسي، كما استبعدت أيضاً انتخاب رئيس جمهورية، وتوقّعت دخول لبنان بأزمةٍ أصعب بكثير من الأزمة الحالية.

من جهته، النائب السابق مصطفى علوش، اعتبر أنّ مضمون البيان السعودي – الأميركي لا شيء فيه غير منطقي، سائلاً في حديثٍ مع “الأنباء” الإلكترونية: “هل يعني ذلك أنّ الموقف هو نفسه الذي اتّخذ سابقاً من الميليشيات ومن الانتخابات؟ هم يقولون إنّهم ملتزمون بمساعدة لبنان، فكيف؟”، فما قيل، برأيه، “غير واضح ولا يغيّر شيئاً، فالأمر مرتبط بشكل المواجهة مع إيران التي عمدت في الفترة الأخيرة إلى شدّ العصب، وهذا ما عكسه تعلية سقف خطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله، بما يؤشّر إلى وجود تعقيدات في الملف النووي القادر وحده على تحديد الأمور مستقبلاً، أكان بالنسبة للمنطقة أو لبنان”.

بالمقابل، رأى علوش أنّ “الردود على خطاب نصرالله كانت هامشية، وطالما الحزب مرتاح للردود عليه فهذا يعني أنّه غير متخوّف من المواجهة، وهو غير منزعج من موضوع الاستحقاق الانتخابي لأنّه قادرٌ على أن يؤمن حضور ثلثي عدد النواب”.

وفي الملف الرئاسي، اعتبر علوش أنّ “انتخاب رئيس الجمهورية مرتبط بالملف الإقليمي”. وحول الأسماء رأى أنّ الأمور حتى اللحظة ما تزال غير واضحة، فاسم الرئيس يعكس التسوية أمّا في حال المواجهة سيكون الأمر مختلفاً، مستبعداً بالمقابل تشكيل حكومة، كما استبعد اعتذار الرئيس نجيب ميقاتي عن التشكيل.

فمرةً جديدة تثبت التطورات أنّ لبنان بات خارج الخط العربي الطبيعي، وهو بحكم المخطوف والرهينة لمحور إيران، وكل استحقاقاته ستكون مرتهنة، بطبيعة الحال، إلى حين نضوج التسويات الكبرى.