مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة ” نداء الوطن “
على وقع قرقعة التراشق الحكومي الهابط بين الرئيس المكلف ورئيس “التيار الوطني الحر”، وما تخلله من تقريع وشتائم وقدح وذم بحق بعضهما البعض، وضع البطريرك الماروني بشارة الراعي الإصبع على مكمن العطل في الأزمة الحكومية، فأكد بالاستناد إلى انعدام “النيات الصادقة” لمعالجة الخلاف السياسي “بالحوار الأخلاقي بعيداً من التجريح والإساءات الشخصية” أنّ هذه الأزمة إنما هي ناتجة عن “وجود إرادة بعدم تشكيل حكومة قبل انتهاء ولاية العهد”، معيباً على السلطة بذلها الجهود للاتفاق مع إسرائيل على الحدود البحرية بينما هي تنكفئ في المقابل عن التشكيل وسأل مستغرباً: “هل صار أسهل عليها الاتفاق مع إسرائيل من الاتفاق على حكومة بين اللبنانيين؟”.
وفي معرض تشخيصه مسبّبات “الانحلال السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي والمعيشي” في البلد، صوّب الراعي في قداس الأحد على سلوك المسؤولين باعتباره أصبح سلوكاً “يهدد كيان لبنان بكل مقوماته الوجودية”، مجدداً التأكيد على أنّ بكركي ستواصل المواجهة والتصدي لأجندة الفراغ الهدّامة للدولة والهادفة إلى “تناسل سلطات الأمر الواقع”، فلفت الانتباه في ظل عدم تجاوب المسؤولين مع نداءاته المتكررة منذ عشرين يوماً بشأن قضية المطران موسى الحاج إلى أنّ الجهات المعنية بهذه القضية تتصرف وكأن لديها “ثأراً على البطريركية المارونية لأنّ هذا الصرح يقول كلمة الحق ولا يتدجّن ولا يساوم”.
وفي الملف الحكومي، حمّل الراعي الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مسؤولية “إطفاء محركات التشكيل وترك البلاد أمام المجهول”، مشدداً على عدم جواز “التذرع بالصعوبات لكي توضع ورقة التكليف في خزانة المحفوظات”، ومعرباً عن توجسه من انعكاس الأجواء المتوترة حكومياً على الاستحقاق الرئاسي، وقال: “فليعلم المسؤولون أن الشعب يرفض تسليم مصيره إلى حكومة تصريف أعمال، كما يرفض عرقلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.
وكما عبّر الراعي عن هواجس الكنيسة حيال النوازع التعطيلية التي تتملك أهل الحكم ونواياهم غير السليمة حكومياً ورئاسياً، كذلك برزت على الساحة المسيحية جملة مواقف سياسية وروحية متقاطعة في إعلاء صوت التضرّع لزوال “غمامة” العهد العوني عن سدة الرئاسة الأولى، فكان اتفاق في الرأي بين البطريرك الماروني ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على أنّ “باب الخلاص الوحيد للبنان هو إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن وضمن المواعيد الدستورية”، حسبما عبّر جعجع من الديمان “باعتبار أنه لم يعد هناك من امل بالسلطة الحاكمة”، وأضاف بعد لقاء الراعي: “جلنا وصلنا في هذا الموضوع وكنا على توافق في الرأي وأترك الذي دار بيننا بهذا الخصوص للأيام المقبلة”.
وفي السياق الرئاسي نفسه، برز على مستوى المواقف الكنسية تشديد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة على ضرورة الانصراف بجدية إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية “يعيد جمع ما تبعثر وإصلاح ما فسد”، مؤكداً في عظة الأمس في كاتدرائية مار جاورجيوس في بيروت أنّ “مشكلة بلدنا هي الأنا القاتلة”، ودعا في المقابل المسؤولين إلى “أن يوقفوا حروب الحقد والتعطيل والإلغاء” ويبادروا إلى “إنقاذ ما تبقى من هذه الدولة… ومن ماء الوجه