مجلة وفاء wafaamagazine
أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن معركة بلاده مع “نخب الغرب” وليس الغرب نفسه، في خطاب يبدو أنه يهدف إلى كسب المحافظين السياسيين في الخارج أكثر من مواطنيه، حسبما تقول صحيفة “نيويورك تايمز”.
كان بوتين يتحدث في مؤتمر سنوي للسياسة الخارجية يقام خارج موسكو، حيث كانت العديد من موضوعات الزعيم الروسي مألوفة، لكنها اكتسبت صدى خاصا نظرا للانتخابات النصفية المقبلة في الولايات المتحدة، والاستياء المتزايد في أوروبا بشأن تكاليف الحرب.
وقال بوتين إن الحرب كانت ببساطة جزءًا من “التحولات التكتونية للنظام العالمي بأسره”، وأن “الفترة التاريخية للهيمنة الغربية (..) على الشؤون العالمية تقترب من نهايتها”.
وتابع: “نواجه مستقبلا خطيرا لا يمكن التنبؤ به … العقد (المقبل) الأكثر خطورة منذ الحرب العالمية الثانية”، بحسب ما نقلت “الغارديان”.
وأضاف أن “هناك (عالمين) غربيين على الأقل”. أحدهما كما قال هو غرب “القيم التقليدية والمسيحية بشكل أساسي” التي يشعر الروس بقرابة بينهم.
وقال إن “هناك غرب آخر – عدواني واستعماري جديد، يعمل كسلاح للنخبة النيوليبرالية” ويحاول فرض قيمه “الغريبة جدا” على أي شخص آخر.
وتخلل ملاحظاته إشارات إلى “عشرات من الجنسين” و”مسيرات المثليين”. ونفى بوتين أن تكون موسكو تستعد لاستخدام أسلحة نووية في أوكرانيا.
وقال: “ليس لدينا حاجة للقيام بذلك. ليس هناك مغزى من ذلك، لا سياسي ولا عسكري”. ومع ذلك، فإن بوتين نفسه هو الذي أثار هذا الاحتمال كما فعل كبار المسؤولين الروس.
وثبت أن تأكيدات الكرملين السابقة بشأن نواياه غير موثوقة. ففي الأيام التي سبقت الحرب، على سبيل المثال، أنكرت روسيا أنها تخطط لغزو أوكرانيا.
وقالت المحللة السياسية الروسية، تاتيانا ستانوفايا، “هذه خدعة – لا ينبغي أن تجعل أي شخص يرتاح”، مشيرة إلى أن بوتين ألقى باللوم على الغرب ودعمه لأوكرانيا المستقلة في كل تصعيد في الحرب.
وأضافت أن “هدفه إظهار أن التصعيد (في الحرب) هو نتاج السياسات الغربية”.
وفي خطابه وجلسة الأسئلة والإجابات التي استغرقت ما يقرب من أربع ساعات بنادي فالداي، لم يتطرق الرئيس الروسي للانتخابات النصفية الأميركية التي تقام يوم 8 نوفمبر، لكن انتقاداته ضد “النخب” كانت بمثابة تذكير بأنه لا يزال يأمل في بناء تحالفات مع مؤيدي روسيا في الغرب، بحسب الصحيفة.
وقال بوتين: “في الولايات المتحدة، هناك جزء قوي جدا من الجمهور يحافظ على القيم التقليدية، وهم معنا. نحن نعلم هذا”، على حد قوله.
“ما هي الخطة؟”
وجاءت محاولات بوتين لكسب أرضية سياسية في الغرب بينما يكافح جيشه – غالبا دون نجاح – للاحتفاظ بالأراضي التي احتلها في أوكرانيا منذ غزوها يوم 24 شباط 2022.
في الجلسة النقاشية، ضغط محلل السياسة الخارجية الذي أشرف على الفعالية، فيودور لوكيانوف، على بوتين بشأن تلك الانتكاسات العسكرية في الحرب، وقال إن هناك وجهة نظر واسعة الانتشار مفادها أن روسيا “استهانت بالعدو”.
وسأل لوكيانوف قائلا: “بصراحة، المجتمع لا يفهم – ما هي الخطة؟”.
في المقابل، تجاهل بوتين النقد الضمني بحجة أن المقاومة الشرسة لأوكرانيا أظهرت أنه كان محقا في شن الغزو.
وقال إنه كلما طال انتظار روسيا “كلما كان الوضع أسوأ بالنسبة لنا، وزادت صعوبة الأمر وخطورته”.
كما كرر بوتين مزاعم روسيا بأن أوكرانيا كانت تستعد لتفجير “قنبلة قذرة” لنشر مواد مشعة على أراضيها، ثم إلقاء اللوم على موسكو.
وتقول أوكرانيا والغرب إن المزاعم – التي لم تقدم روسيا أي دليل عليها – بمثابة معلومات مضللة لا أساس لها، يمكن أن يستخدمها الكرملين كذريعة لاستخدام سلاح نووي أو قنبلة قذرة.
وقالت ستانوفايا إن بوتين يبدو أنه يحاول استغلال المشاعر المناهضة للنظام العالمي في جميع أنحاء العالم.
وقال بوتين إنه واثق من أن الغرب سيضطر في النهاية إلى إشراك روسيا والقوى العالمية الأخرى في محادثات بشأن نظام عالمي مستقبلي.
وأردف: “كنت أؤمن دائمًا بقوة الحس السليم، لذلك أنا مقتنع بأنه عاجلا أم آجلاً، سيتعين على المراكز الجديدة للنظام العالمي متعدد الأقطاب والغرب بدء محادثة بين الأنداد”.