الرئيسية / سياسة / الإستشارات: إحتمال التأجيل وارد.. ولقاء ودّي بين بري والحريري

الإستشارات: إحتمال التأجيل وارد.. ولقاء ودّي بين بري والحريري

مجلة وفاء wafaamagazine

الساعات الماضية عكست أبشع صور الفوضى في الشارع، بارتدائها بعداً طائفياً ومذهبياً خطيراً، كاد يدفع الى انفجار يودي بما تبقّى من بلد مُنهك سياسياً واقتصادياً ومالياً، لو لم يتمّ احتواؤه بشق النفس، ولكن من دون ان يُنفس الاحتقان المتورّم في اكثر من منطقة. فيما المشهد السياسي المقابل قابع في ظلمة التباينات وانقسام المواقف، التي تحجب رؤية ما ستؤول اليه الاستحقاقات الداهمة وفي مقدّمها استحقاق الاستشارات النيابية المُلزمة المحدّدة يوم غد الخميس، والوجهة التي ستسلكها إن في اتجاه إعادة تسمية رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، وبأكثرية أصوات ضعيفة، او في اتجاه تسمية شخصية بديلة منه، تحظى بمقبولية من الاطراف السياسية، وفي مقدّمها تيار «المستقبل».

الساعات الاربع والعشرون الفاصلة عن استشارات الغد، حاسمة لناحية تحديد وجهتها، خصوصاً انّها ما زالت ثابتة في موعدها، وفق الإصرار من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على اجرائها وعدم الذهاب الى تأجيل ثالث، وعلى قاعدة فليسمَّ من يسمّى لرئاسة الحكومة الجديدة.

وبحسب مصادر مطلعة على الاتصالات التي بدأت أمس، وتجلّت في الحركة التي بدأها الحريري، إن من خلال الاتصال الذي اجراه برئيس تيّار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية، في خطوة تبريرية لموقف تيار «المستقبل» حيال ما سُميّت بعدم اكتمال الميثاقية المسيحية جرّاء عدم تسميته من قبل «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»، أو لجهة زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة.

بيان اللقاء

وجاء في بيان حول لقاء عين التينة، الذي دام لاكثر من ساعة ونصف، انّ بري والحريري عرضا لآخر التطورات والمستجدات السياسية، واكّدا في نهاية اللقاء «على وجوب تحلّي اللبنانيين، جميع اللبنانيين، في هذه المرحلة بالوعي واليقظة وعدم الإنجرار نحو الفتنة التي يدأب البعض على العمل جاهداً نحو جرّ البلاد للوقوع في اتونها، والتي لا يمكن ان تُواجه الاّ بالحفاظ على السلم الاهلي والوحدة الوطنية ونبذ التحريض، وأولاً واخيراً افساح المجال امام القوى الأمنية والجيش اللبناني للقيام بأدوارهم وتنفيذ مهماتهم في حفظ الامن والمحافظة على امن الناس وحماية الممتلكات العامة والخاصة.

وفي الشأن الحكومي، شدّد بري والحريري على انّ «الحاجة الوطنية باتت اكثر من ملحّة للاسراع في تشكيل الحكومة وضرورة مقاربة هذا الاستحقاق بأجواء هادئة بعيداً من التشنج السياسي، اجواء تتقدّم فيها مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح».

معلومات

وبحسب المعلومات، فإنّ الحريري سبق له ان طلب قبل موعد الاستشارات النيابية المؤجّلة اللقاء مع بري، ووافق رئيس المجلس على ان يُحدّد موعده في وقت لاحق، الّا انّ تأجيل الاستشارات وما احاطها من ملابسات، حملت بري ليل امس الاول على تحديد موعد لقاء الامس مع الحريري. واشارت الى انّ التطورات الأمنية التي شهدها وسط بيروت ليل الاثنين الثلثاء، فرضت نفسها بنداً رئيسياً على اللقاء بين بري والحريري، اللذين قارباه بإدانة شديدة له، وبتشديد من قِبلهما على معالجة الامور ومنع تجدّد مثل هذه الاعمال التي من شأنها ان تدفع الوضع الى ما لا تُحمد عقباه على السلم الاهلي واستقرار البلد بشكل عام، مع الحرص على منع الفتنة التي تحيكها بعض الغرف السوداء.

وتشير المعلومات، الى انّ بري والحريري استعرضا بشكل مفصّل الاحداث التي توالت منذ 17 تشرين الاول وحتى اليوم، مروراً باستقالة الحريري وما نتج منها، وصولاً الى الاستشارات الملزمة وتأجيلها جرّاء الملابسات التي احاطتها، وخصوصا التطور الذي طرأ على موقف «القوات اللبنانية» وحملها على تبديل موقفها المؤيّد لتسمية الحريري وفق الاجواء الايجابية التي نقلها موفد الحريري الى معراب الوزير السابق غطاس خوري، وثمة سؤال حول هذا التبدّل لم يجد اجابة له بعد.

وتفيد المعلومات، انّ اجواء النقاش بين بري والحريري كانت ودّية، وصريحة، وانّ الأخير لم يبدر عنه ما يوحي عزوفه عن الترشح لرئاسة الحكومة، اذ انّه حتى الآن ما زال وحيداً في نادي المرشحين لرئاسة الحكومة. كما لم يتمّ التداول بينهما في اي اسم آخر بديل منه.

وعُلم في هذا السياق، انّ الرئيس بري قد طرح امام الحريري جملة افكار، وينتظر الاجابة عنها لاحقاً. وعندما سُئل بري عن ماهية الأفكار فضّل عدم الدخول في التفاصيل، لأنّ الاجابات عنها ستأتي حتماً في الساعات المقبلة، وبالتأكيد قبل استشارات الخميس التي يُفترض ان تجري في موعدها.

الّا انّ مصادر واسعة الاطلاع ابلغت «الجمهورية» قولها، انّ من بين الافكار المطروحة على الحريري، تتمحور حول مبادرة يقوم بها في اتجاه «التيار الوطني الحر»، وإعادة « تظبيط» العلاقة مع رئيسه الوزير جبران باسيل، على اعتبار انّ امكان «التظبيط» لهذه الناحية، اكثر سهولة من العلاقة مع «القوات»، وفي ضوء ذلك تأتي الاستشارات المقرّرة الخميس، بطريقة مغايرة لما كانت فيه مع الاستشارات المؤجّلة. واشارت المصادر الى «دور اساسي للثنائي الشيعي في عملية التظبيط هذه». وفي هذا السياق لم تستبعد المصادر احتمال ان يقوم الرئيس الحريري بزيارة معلنة او غير معلنة للقصر الجمهوري عشية استشارات الخميس. واللافت في كلام المصادر، انّ تأجيل الاستشارات احتمال وارد لايام قليلة جداً، اذا ما استدعت ذلك ما سمّتها «ضرورات تظبيط العلاقات».

الّا انّ المصادر تحدثت عن بعض العقبات المادية التي تعترض امكان التواصل بين الحريري وباسيل، نظراً لوجود الأخير في جنيف، لكنها المحت الى مخرج محتمل يقول بأن يُترك الامر الى استشارات الخميس، بحيث تجري، ويسمّى الحريري بأكثرية متواضعة، لا تندرج في سياقها اصوات نواب «تكتل لبنان القوي» ولا «الجمهورية القوية»، وهو في هذه الحالة امام امرين: اما ان يقبل التكليف على قاعدة انّ الميثاقية يُركن اليها في التأليف وليس في التكليف، الذي يمكن تجاوزها فيه. اما الخيار الثاني، فيفيد بأنّه عند تكليفه بهذه النسبة المتواضعة عددياً ومسيحياً يبادر الى الاعتذار عن قبول التكليف، على ان يحدّد بعد ذلك رئيس الجمهورية موعداً لاستشارات جديدة، فيما يبقى الحريري اولًا في نادي المرشحين، لتُجرى بعد ذلك جولة الاستشارات هذه وفقاً لنتائج الاتصالات التي ستسبقها وخصوصاً على خطي الحريري- باسيل.

ورداً على سؤال، لفتت المصادر، انّه في موازاة حركة الحريري بدأت بعض الصالونات السياسية تتداول في اسماء بديلة له، مثل العودة الى خيار سمير الخطيب، او العودة الى خيار تمام سلام، او تظهير اسم الوزير السابق خالد قباني. وقالت: «صحيح ان هناك اسماء، وبعضها مقبول، الّا انّ لا شيء محسوماً حتى الآن».

إعادة تموضع

الى ذلك، لاحظ بعض من التقوا الحريري في الساعات الماضية تبدلاً في منطق الرجل، في ما يشبه إعادة تموضع بعد الصدمة التي تلقاها جراء موقف «القوات اللبنانية». واشار هؤلاء الى ما سمّوها مقاربات جديدة للحريري للوضع الراهن، ان على مستوى الحراك او على المستويين السياسي والحكومي، مختلفة عمّا كان عليه الحال في الآونة الأخيرة.

استياء

في هذه الاجواء، لا يزال النَفَس الهجومي هو الطاغي في «التيار الوطني الحر» حيال الحريري وتيار المستقبل. وبحسب مقرّبين من الوزير باسيل، فإنّهم عكسوا استياء بالغاً من اداء ومواقف الحريري. وذهب هؤلاء الى وصف بعض خطواته بـ»غير المسؤولة، ولا تنمّ عن انّها صادرة عن رجل دولة».

وانتقد المقرّبون ما وصفوه تقصير الحريري حيال مقاربة ما يجري في الشارع، وتحديداً في وسط بيروت من افلام اكشن بوليسية ليلية، متسائلة: «الا تستدعي مثل هذه الحوادث الخطيرة وتحديداً تلك التي تحصل في منطقة تعنيه مباشرة مثل سوليدير، دعوة منه لعقد اجتماع لحكومة تصريف الاعمال واتخاذ الخطوات المانعة لهذه الاعمال التخريبية للبلد؟ وكان حري به ان يذهب الى لقاء رئيس المجلس النيابي، وفي الوقت نفسه ان يبادر الى ممارسة واجباته وجمع الحكومة ومقاربة الامور بما تستوجبه».

وحول الاستشارات، اخذ المقرّبون على رئيس حكومة تصريف الاعمال توجيه الاتهام لتكتل «لبنان القوي» ومحاكمة التيار على النيات، وهو امر مستغرب خصوصاً انّ موقف التكتل من التسمية لم يصدر علناً، بل انّ ما صدر كان صريحاً لناحية توجّه التكتل لعدم التسمية وليس لإيداع الاصوات لرئيس الجمهورية، فمن أوحى له بهذا الامر المختلق. والمستغرب اكثر ان يُصدر الحريري بياناً عبر مكتبه الاعلامي ويحاسب التكتل على النيات، هذا امر لم يسبق ان حصل في السياسة.

هيل

على صعيد آخر، علمت «الجمهورية»، انّ مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد هيل سيصل الى بيروت مساء غد الخميس، تزامناً مع انتهاء استشارات الخميس ان بقيت في موعدها. وسيبدأ زيارته الرسمية الى بيروت من قصر بعبدا بلقاء يعقده قبل ظهر الجمعة مع رئيس الجمهورية، قبل ان يجول على كل من رئيس المجلس النيابي وقائد الجيش. ولم تلحظ المعلومات الأولى عن موعده مع كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الخارجية فيها.

موفد ياباني

في سياق آخر، كشفت مصادر دبلوماسية لـ «الجمهورية» عن وصول دبلوماسي ياباني الجمعة الى بيروت، هو مساعد وزير خارجية اليابان اتسوهيكو تاكاهاشي، في مهمة وصفت بأنّها استطلاعية يلتقي خلالها كبار المسؤولين اللبنانيين وعدداً من الوزراء.

رفع رساميل المصارف

يوماً بعد يوم، تتكشّف فصول جديدة في الأزمة المالية الحادة التي تمدّدت هذه المرة الى مسألة رفع رساميل المصارف، طبقاً للتعميم الذي أصدره مصرف لبنان. وقد تبيّن انّ ادارات المصارف تفاوض كبار المودعين لديها لاقناعهم بشراء اسهم، من خلال تحويل قسم من ودائعهم الى حصص في ملكية المصرف. ورغم انّ هذا الامر قانوني، إلّا انّه يعني ان لا أموال جديدة ستدخل الى النظام المصرفي، وهو أحد الاهداف التي استدعت إصدار التعميم.

القطاع الصحي ينازع

الى ذلك، أطلق رواد القطاع الصحي امس صرخة استغاثة لانقاذ القطاع من الانهيار. وقد تبين من خلال مؤتمر تحت عنوان «الكارثة الصحية»، أنّ الاجهزة والمستلزمات الطبية شارفت على النفاد، ومنها بعض القياسات من براغي العظام وصمامات وراسورات القلب، وفلاتر غسيل الكلى واكياس الدم وكواشف المختبر والغازات الطبية ومستلزمات اجهزة التنفس، بالإضافة الى عدد كبير من قطع غيار الاجهزة، وانّ المخزون المتبقي لا يكفي اسابيع معدودة. وإن استحالة استيراد الاجهزة والمستلزمات وقطع الغيار ستؤدي الى عجز المستشفيات عن تشخيص ومعالجة المرضى وعدم التمكّن من اجراء العديد من العمليات الجراحية.

وجرى التحذير خلال المؤتمر، من «الانهيار الشامل في القطاع الصحي الذي يشهد حالياً كارثة بكل ما للكلمة من معنى، بسبب عدم توفر الادوية والمستلزمات الطبية».

كذلك جرى التركيز على انّ اكثر من 600 مختبر ما عدا المستوصفات الطبية، مهدّدة بالتوقف، ما يشير الى أنّ خطراً كارثياً مُحدقاً بالقطاع الصحي.

الجمهورية