الرئيسية / آخر الأخبار / “فتنة التوقيفات”: الكنيسة تتقدم الرد الناري

“فتنة التوقيفات”: الكنيسة تتقدم الرد الناري

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة ” النهار “

خرجت “فتنة” توقيف الناشط وليم نون وما رافقها واعقبها من ملابسات شديدة السلبية، بل مفعمة بالريبة والشبهات، عن اطار مجرد استدعاء لشقيق ضحية من ضحايا انفجار #مرفأ بيروت، لتشعل ما يخشى ان يشكل “ردة مسيحية” بالدلالات الطائفية والسياسية في ظل احتدام ازمة الفراغ الرئاسي وانسدادها. ذلك انه لم يعد ممكنا النظر بتبسيط وتبرئة لما اقدم عليه جهاز امن الدولة والقاضي المعني بتغطية عملية استفزازية بهذا الشكل استهدفت الفئة الأشد وجعا بسبب واقع تمزق العدالة و#القضاء تحت عصف التدخلات السياسية والطائفية الوقحة، التي كان من شأنها شل التحقيق في ملف انفجار المرفأ واصابة القضاء باصابات قاتلة في صميم رسالته ومهمته وعمله. حصل التوقيف واشعل الاحتجاجات في الشارع التي ستتواصل اليوم والخميس المقبل في ما قد ينذر بشيء ما مختلف هذه المرة عن الموجات السابقة من الاحتجاجات، خصوصا ان البلاد تبدو مقبلة على مزيج من الاحتدامات مع بلوغ دولار السوق السوداء حافة الخمسين الف ليرة واستتباعاته في اشعال الأسعار. واذا كان وليم نون قد خرج عصر السبت بعدما اقتربت الاحتجاجات في الشارع من حافة وضع مشتعل لا تحمد عقباه، فان التداعيات المؤسساتية والسياسية وحتى الدينية الأخرى لم تكن اقل خطورة. تخوف كثيرون أولا من ان تكون معالم الانقسام القضائي الذي برز نافرا جدا في ظل اصدار بيان يؤيد الإجراءات التي تولاها احد قضاة النيابة العامة الاستئنافية في تغطية استهداف وليم نون واخرين من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، ورفض المجلس الاعلى للقضاء تبنيه، نذير تطور غير مسبوق في تشظي القضاء على خلفيات سياسية بل وطائفية أيضا. وسيتواصل المناخ المحموم اليوم مع استدعاء ١٢ شخصا من أهالي شهداء انفجار المرفأ للمثول امام التحقيق في ثكنة بربر الخازن فيما صدرت دعوات للتجمع بكثافة امام الثكنة تضامنا مع أهالي الضحايا وللمطالبة باطلاق يد القاضي طارق البيطار في التحقيق.

 

اما التطور الأشد أهمية فيتمثل في ردة الفعل الكنسية أولا من خلال مشاركة رجال دين مسيحيين مباشرة في اعتصامات واحتجاجات تخللها اعتداء مريب على احد الكهنة وهو خال وليم نون في جبيل. وتاليا، وهنا الأهم، اعلان موقف ناري غير مسبوق في حدته في عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس #الراعي، كما في موقف متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس #عودة، وهما موقفان للكنيسة المسيحية يثبتان موقفا ناريا بكل ما يحمله من دلالات. ولم يقف موقف الراعي عند الحادث بنفسه بل ذهب بعيدا الى اطلاق تحذير صارم من افراغ مناصب الموارنة والمسيحيين تباعا من شاغليها واستهدافها. ولذا تراكمت التساؤلات عمن يقف وراء استفزاز المشاعر الطائفية وهل من رابط بين مجريات ما حصل وفرض وقائع توتر وتسخين وافتعالات “لاحراق” مرشحين وتعويم اخرين كما تردد على نطاق واسع؟

 

ولم يعد من شك في ان البلاد التي ستشهد من اليوم انطلاق مهمة الوفود القضائية الأوروبية في التحقيقات المتصلة بالفساد التي دخلت حقبة جديدة من التأزم تحت اعين ورقابة هذه الوفود من جهة ووسط ترقب ما ستؤول اليه المواجهة الحكومية في شأن عقد جلسة لمجلس الوزراء. وأفادت معلومات في هذا الصدد أنّ وزير الاقتصاد أمين سلام زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأكّد له حضوره جلسة مجلس الوزراء منتصف الأسبوع. وأشارت الى أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء وضعت جدول أعمال الجلسة والتزمت ببند الطاقة حتى الآن وفق رغبة “حزب الله”.

وأضافت أن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء سيتضمنُ بنوداً تتعلق بنفاد مخزون القمح وميزانية لوزارة التربية وأخرى لقطاع الصحة مشيرة إلى أن ميقاتي سيُبقي هذه البنود معلقة لاستكمالها في جلسة أخرى إذا لم تُحسم مسألة الكهرباء هذا الأسبوع.

 

اما الملف الرئاسي ووسط الانسداد الكامل الذي يحكمه فمن غير المستبعد ان يثير مواجهات سياسية تصعيدية في الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل على خلفية تصعيد “الغضب المسيحي” الذي عكسه امس البطريرك الراعي.

 

الراعي

 

وقد اتسمت هذه العظة بمواقف لاهبة بدءا بموضوع توقيف وليم نون اذ اعتبر البطريرك ان هذا التوقيف جاء “ليبين أن القضاء أصبح وسيلة للإنتقام والكيدية والحقد. وإن الأجهزة الأمنية تلبس ثوب الممارسة البوليسية: وليبين فلتان القضاء بحيث صار يحلو لأي قاض أن يوقف أي شخص من دون التفكير بردات الفعل وبالعدالة . ألا يخجلون من أنفسهم الذين أمروا باعتقال هذا الشاب المناضل وبدهم منزله وسجنه غير عابئين بمآسيه ومآسي عائلته وكل أهالي ضحايا المرفأ، وغير مبالين بردة الشعب؟ ثم يستدعون مناضلا آخر بيتر بو صعب وهو شقيق شهيد آخر. هل يوجد في العدلية قضاة مفصولون لمحاكمة أشقاء شهداء المرفأ وأهاليهم؟ “.

 

وتناول الملف الرئاسي قائلا “لا شعب لبنان ولا نحن نحتمل تحديا إضافيا على صعيد الرئاسة ولا على غير صعيد. حذار حذار: فجو المجتمع تغير. النفوس تغلي وهي على أهبة الانتفاضة. لم يصل أي شعب في العالم إلى هذا المستوى من الانهيار من دون أن ينتفض ويثور أكان في دولة ديمقراطية أم في دولة ديكتاتورية . إن إطالة الشغور الرئاسي سيتبعه بعد مدة شغور في كبريات المؤسسات الوطنية الدستورية والقضائية والمالية والعسكرية والدبلوماسية. منذ الآن نحذر من مخطط قيد التحضير، لخلق فراغ في المناصب المارونية والمسيحية. وما نطالبه لطوائفنا نطالبه للطوائف الأخرى. لكننا نلاحظ تصويبا على عدد من المناصب المارونية الأساسية لينتزعوها بالأمر الواقع، أو بفبركات قضائية، أو باجتهادات قانونية “غب الطلب”، أو بتشويه سمعة المسؤول”.

 

 

… وعودة

 

وفي الوقت نفسه كان المطران عودة يعلن بدوره أنّ “مـا حَـصَـلَ بـالأمْـسِ مِـنْ تـوقـيـفِ شـابٍ يَـطــلُـبُ مَـعـرفـةَ حـقـيـقـةِ الـتـّفـجـيـرِ الـذي أودى بـشـقـيـقِـه ورفـاقٍ لـه، واعــتـداء الـقـوى الـعـسـكـريّـةِ عـــلـى الـمُـحـتَـجّــيــنَ عـلـى تـوقـيـفِـه، بِـمَـنْ فـيـهـم كـاهـنٌ، هـو أمـرٌ مَـرفـوضٌ ومُـدان . هـل يَـعـي مَـنْ أزعـجَـه غــضــبُ الـشـابِ الــذي تــلــفَّــظَ بــكــلامٍ صــادرٍ عــن قــلــبٍ مــجــروحٍ وكَــسَــرَ زُجـاجــاً فـي قَــصـرِ الــعَــدْلِ أنَّ جُــزءاً كــبــيـراً مِـنَ الـعـاصِـمـةِ قــد دُمِّــرَ وأنَّ مِـئـاتٍ مِـنْ أبـنـائِـهـا تَــمَــزَّقَــتْ أجـسـادُهُـم أشـلاءً وآلافـاً مِـنَ الـجَـرْحـى والـمُـعَــوَّقـيـن خَـلَّـفَـهُـم الــتــفـجــيــرُ الآثِـم؟ويَـسْـتَـكْــثِــرونَ عـلـى ذوي الـضـحـايـا الإحـتِـجـاجَ والـمُــطـالَــبَـةَ بـالـحـقــيــقـةِ والـعــدالـة؟ أيـنَ كـانَ الـقُـضـاةُ والأمـنـيّــون والـمـسـؤولـون عـنـدمـا حَــصَـلَـتْ الـكـارثَـةُ فـي بـيـروت؟ ولـمـاذا لَـمْ نَــرَ انـدفـاعَـهُـم فـي مُـلاحَـقَـةِ مُـسَـبِّــبــيـهـا وتَـوقـيـفِـهِـم؟ وعـوضَ مُـعـاقَــبَـةِ الـجُــنـاةِ هـا هـم يُـمـارِسـونَ سُـلـطَـــتَـهـم عـلـى ذوي الـضـحايـا ويَــنــتــقِــمــونَ مِـنَ الـمُـعْـــتَـدى عــلـيـهــم. بِــئـسَ سُـلـطــةٍ تَــسْــتَــقْــوي عـلـى الـضـعــيــفِ ولـو كـان صـاحِـبَ حَــقٍ وتُــمـالـئَ الـمُـجـرِمَ والـجـانـي والــفــاسِــدَ إمّـا تــواطُـــؤاً مـعــه أو خَــوفـاً مِـنـه”.

 

 

انقسام القضاء

 

اما انقسام القضاء فرسم معالم شديدة الخطورة بعدما رفض رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود بيانا صدر باسم المجلس ينحاز الى القاضي الذي استباح حقوق اهل ضحايا انفجار المرفأ بالمطالبة بحقوق شهدائهم في كشف المتسببين بقتلهم.

 

وقد اشار رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود في بيان لافت إلى “تناقل بعض وسائل الإعلام ما يُفيد بصدور بيان عن المجلس “، موضحاً أنّ “أيّ بيان لم يصدر عن المجلس وفق الأصول القانونية المعتمدة”، ومشيراً إلى “التداول بشأن إصدار بيانٍ متعلّق بما آلت إليه الأمور في المرحلة الأخيرة، ولم يُصَر إلى التوافق على مضمونه الذي كان ما زال قيد المناقشة”. وأكّد عبود أنّ “ما وصل إلى وسائل الإعلام إنما هو مشروع بيان لم يحظَ بالموافقة المفترضة لإصداره”.

وكان البيان المشار اليه صدر باسم مجلس القضاء الاعلى “مستغربا ومستنكرا التدخل والتهجم على عمل القضاة، ومؤخرا، اجراءات النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، من مرجعيات يفترض بها احترام عمل القاضي الذي يحتكم الى ضميره وعلمه القانوني “ورفض “التعرض والتطاول من اي جهة كانت على القضاء وكرامة القضاة في معرض ممارسة واجباتهم كسلطة دستورية مستقلة”. وذكّر “انه طالما كان حاضراً وحريصاً على تلقي اي مراجعة لمتابعتها ضمن الاصول القانونية وليس في الشارع او في الاعلام “ورأى “أن الغاية التي يسعى اليها احد المواطنين مهما كانت شريفة ومحقة لا تبرر الوسيلة غير المشروعة والمعاقب عليها قانوناً، مشددا على أن القضاء لم يكن يوما، ولن يكون مكسر عصا لأحد”.

وأفاد مصدر قضائي ان القاضي زاهر حمادة اشترط صدور بيان عن مجلس القضاء الاعلى يغطيه ليقبل بإطلاق سراح وليم نون ووُزِّع البيان بدون إقراره أصولًا وهذا ما دفع رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود لإصدار البيان التوضيحي.

على الصعيد المالي والمصرفي وفيما الدولار في السوق السوداء عاد يحلّق بلا سقوف في ارتفاعات يومية لامست سقف الخمسين الف ليرة يعقد إجتماع إستثنائي للمجلس المركزي في مصرف لبنان اليوم ، للبحث بالارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار في السوق السوداء والإجراءات العاجلة الممكن اتخاذها للسيطرة على الوضع