مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت : وفاء بيضون
على وهج السخونة التي تضرب المنطقة لا سيما تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية من جهة، وتطورات المشهد الأمني المترامي من فلسطين ومقاومتها للاحتلال الإسرائيلي إلى “اوران ” واستهداف احد مشاريع الطاقة موخرًا والتي حسب التحقيقات الأولية واستنتاجات الفحص القضائي الإيراني، إن الدولة العبرية غير بعيدة عن تورطها في الهجوم المسير وإن عبر أدواتها في الجوار الإيراني .
يبدو أن لبنان لا يزال خارج ورقة العمل الدولي والعربي بما يكفل استحداث ممرات لاخراجه من أزمته السياسية المعكوسة على مشهده الاقتصادي والمالي .
من هنا يترقب اللبنانيون الذين ينتظرون حلولًا تأتيهم من خارج الحدود؛ الاجتماع الخماسي بشأن لبنان في باريس والذي سيضم الى جانب فرنسا الولايات المتحدة الأميركية ، المملكة العربية السعودية ودولة قطر، ومصر ، ما يرجح أن يضع هذا الاجتماع خريطة طريق على الظن الأبعد باعتبار ان ما يشغل العالم اليوم يتجاوز الالتفات بشكل جدي لمساعدة لبنان أو لفرض ما يسمى بإطار تسوية من شأنها أن تساعد على وضع ملامح مستقبلية لترميم التصدع الحاصل .
في وقت يرى كثيرون أن ما سيحمله هذا الاجتماع لا يتعدى تسجيل المواقف من باب المجاملة المرة التي تدفع بها الدول الخمس بغياب طروحات واضحة تلزم أو تشكل مدخلا لحوار داخلي داخلي يفضي إلى النتائج المرجوة .
وتكشف مصادر ديبلوماسية : ” أن الهدف من هذا الاجتماع الخماسي الأطراف وعلى مستوى موظفين من الدرجة الأولى في خارجية هذه الدول ليس الحسم باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية بعد ما أربعة أشهر على الشغور الرئاسي، وتشرح هذه المصادر الأسباب المرتبطة بالأركان الخمسة للاجتماع ” . حيث بالدرجة الأولى تريد فرنسا توجيه رسالة مفادها أنها ما زالت مهتمة بالملف اللبناني وفي أكثر من تفصيل سياسي وقضائي لاسيما ما يتعلق بمسار التحقيق بملف انفجار مرفأ بيروت وأن إيمانويل ماكرون يسعى لايجاد الحلول، ولكنه لا يضع كل ثقله، إذ يظهر أن فرنسا مسهلة لغاية اليوم لا أكثر، مع العلم إنها حاولت أن تلعب دورًا أكبر في هذا المجال إلا أنها لم تنجح لأن دور باريس مرتبط بالبطاقة الخضراء الأميركية أو التنسيق بين باريس وواشنطن حول العديد من الملفات .
في حين أن الأخيرة لم تتخذ بعد القرار بالدخول مباشرة إلى الملف الرئاسي اللبناني سوى ما يرشح عن بعض التصريحات المتعلقة بضرورة إنجاز هذا الاستحقاق دون الافصاح عن المرشح الذي يحظى بدعم أميركي، هذا من جهة و من جهة اخرى، تلفت المصادر إلى أن فرنسا تتكلم انطلاقًا من مصالحها مع المملكة العربية السعودية، ولا تريد وضع الرياض في مكان ترفضه، أما بالنسبة إلى قطر فإنها تسعى إلى مراعاة المملكة حفاظًا على المصالحة الأخيرة بينهما. وبالتالي يمكن القول إن الكرة اللبنانية في ملعب المملكة التي لم تتقدم قيد أنملة باتجاه تعزيز تواجدها في بيروت، حيث إن حركة السفير السعودي وليد البخاري لا تعكس إلا حضورًا في حده الأدنى، مع الإشارة هنا إلى أن أولوية الرياض داخلية حيث ينصبّ عمل القيادات إلى نقل المملكة من مكان الى مكان آخر على مستوى العالم. وما يدعم هذه القراءة أن الرياض لم تجاهر، أقله حتى اللحظة، بدعم القوى الحليفة لها التي رشحت النائب ميشال معوض لرئاسة الجمهورية، كما إنها لم تؤثر في أي اتجاه على النواب السُنة وتحديدًا في تكتل الاعتدال الذي يدور في فلكها بعد قطيعتها مع الممثل الأقوى للشارع السني أي تيار المستقبل وعلى رأسه سعد الحريري .
أمام هذه المعطيات يمكن القول إن ما سيتم في باريس لن يتعدى الأمنيات الطموحة للمسؤولين اللبنانيين بوجوب التحاور مع تمسك كل طرف بمحوره ليزيد في المشهد سيل الأسئلة المشروعة حول انكفاء التدخل الخارجي على عكس سابقاته في المراحل اللبنانية المتقادمة .
وهل سيبقى هذا الاجتماع ضمن إطار الاستعراض الدولي على قاعدة “غائبون وملائكتنا حاضرة” أم أنه سيحمل عرضًا ممسوخًا لا يقوى على تنفيذه اللبنانيون ؟
إننا ما زلنا في عنق الزجاجة ولم ترشح بعد أية معطيات تبشر بالخروج من هذا النفق .في وقت ما زالت التسويات الكبرى غير ناضجة حتى تتمكن الدول الصغيرة من الاستفادة منها بما يؤمن لها استمرارًا آمنًا يضمن البقاء على خريطة الاهتمام الدولي .