مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة النهار
وسط تداعيات التطورات الأخيرة التي شهدها الجنوب وفي ظل العظات التي القيت في عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي اتسم المشهد الداخلي بكثير من الارباك والغموض وسط خشية مبررة من ان تضيف الأجواء المتوترة التي فجرت مواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين وتوسعت دائرتها الى لبنان والأردن والجولان عامل تعقيد إضافيا على التأثيرات الإقليمية على الازمة اللبنانية . بل تداعيات عودة استخدام الأراضي الجنوبية منصة اطلاق للصواريخ وللرسائل الإقليمية اثارت تساؤلات عما اذا كانت ستتسبب بمزيد من التعقيدات الداخلية التي ستراكم طبقة أخرى من الانقسامات اللبنانية اللبنانية حول الاستحقاق الرئاسي بعدما احدث اطلاق الصواريخ أخيرا مناخا شديد التوتر والتأزم .
وتخشى أوساط سياسية مطلعة ان تطل الفترة المقبلة ، أي بعد عيدي الفصح الغربي والشرقي وعيد الفطر المتزامنة هذا الشهر ، على مرحلة جديدة من التعقيدات القائمة والمحدثة لا سيما وان تطورات الوضع الجنوبي أخيرا ستترك حتما اثارها المباشرة والعميقة على المواقف الداخلية والخارجية من الازمة الرئاسية لجهة تسليط الأضواء والاولويات على الانكشاف السياسي والأمني الرسمي في ظل عودة الى ممارسة لعبة التحكم بالواقع اللبناني قسرا ، وهو امر سيزيد الاستقطاب السياسي حدة وسيفاقم حالة التجاذب الحاد حول الخيارات الرئاسية والمرشحين كما سيمدد لحالة انعدام اليقين التي تحكم هذه الازمة .
في أي حال حملت الإشارة التي اطلقها البابا فرنسيس حيال لبنان خلال ترؤسه القداس الاحتفالي في الفاتيكان امس في عيد الفصح دلالات معبرة لجهة الاهتمام الفاتيكاني بتداعيات الازمة اللبنانية .
وقال البابا في رسالة عيد الفصح: “ساعد يا ربّ لبنان الذي لا يزال يبحث عن الإستقرار والوحدة حتّى يتجاوز الانقسامات فيعمل جميع المواطنين معًا من أجل الخير العام للبلد”.
بدوره تناول البطريرك الماروني الكاردينال ما بشاره بطرس الراعي خلال ترؤسه قداس الفصح في بكركي الازمة الداخلية فيما كان يتقدم الحضور السياسي للقداس الرئيس السابق ميشال عون وعدد من النواب ومما قال : “ليست قيامة المسيح للمسيحيين حصرا، بل لجميع الناس. وكونها أساس الإيمان المسيحي لا يعني أنها محصورة بالمسيحيين، فهي لكل البشر. يسوع هو مخلص العالم، وفادي الإنسان. أما المسيحيون فهم شهود القيامة ومعلنوها، وفي الوقت عينه ملتزمون بثمارها، وسيدانون على التفريط بها. كل مسؤول في الكنيسة والدولة والمجتمع والعائلة لا يعيش “قيامة القلب” يغرق في عتيق أنانيته، ومصالحه الصغيرة، وينغلق قلبه عن الحب والعطاء والغفران، ويظل أسير كبريائه ونزواته؛ ويحتفر هوة عميقة بينه وبين من هم في إطار مسؤوليته، ويفقد بالتالي ثقة من هم في دائرة مسؤوليته. معلوم أن الثقة هي مصدر قوته. سئل مرة كونفشيوس الفيلسوف الصيني: أي صفة يطلبها الشعب في الحاكم ليكون مقبولا؟ فأجاب: الأمن؟ يمكنه فرضه بكل الوسائل، فإذا لم ينجح يكون قد سعى. الطعام؟ الجوع لا يميت، وإذا فشل الحاكم في تأمينه لا يحاسبه الناس. الثقة؟ نعم لأن من دون الثقة بالحاكم، لا إستمرارية له في السلطة؛ فالثقة هي مصدر قوة الحاكم. (راجع جريدة النهار 22 شباط 2023، البروفسور أمين صليبا: “وحدها الثقة بالحاكم خشبة الإنقاذ)”. وتابع: “مثل هذا الرئيس يحتاجه اللبنانيون لجمهوريتهم، لكي يستطيع أن يقود مسيرة النهوض من الإنهيار على كل صعيد. والثقة في شخصه لا تأتي بين ليلة وضحاها، ولا يكتسبها بالوعود والشروط المملاة عليه، ولا بالنجاح في الإمتحانات التي يجريها معه أصحاب النفوذ داخليا وخارجيا. أما الشخص المتمتع بالثقة الداخلية والخارجية فهو الذي أكسبته إياها أعماله ومواقفه وإنجازاته بعيدا عن الإستحقاق الرئاسي. فابحثوا أيها النواب وكتلكم عن مثل هذا الشخص وانتخبوه سريعا، واخرجوا من الحيرة وانتظار كلمة السر، وكفوا عن هدم الدولة مؤسساتيا واقتصاديا وماليا، وعن إفقار الشعب وإذلاله، وعن ترك أرض الوطن سائبة لكل طارئ إليها وعابث بأمنها وسيادتها. واخلعوا عنكم “صفة القاصرين والفاشلين”.
في غضون ذلك اعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان انعقاد جلسة لمجلس الوزراء “مرهون بانتهاء البحث موضوع تصحيح رواتب القطاع العام والتقديمات الممكنة”.
وقال أمام زواره : إن “اللجنة الوزارية المكلفة معالجة تداعيات الازمة المالية على سير المرفق العام تواصل اجتماعاتها لدرس الاقتراحات الممكنة بتأن ومواءمتها مع الاقتراحات المرفوعة من وزارة المالية، على قاعدة تأمين التوازن المطلوب وعدم الوقوع مجددا في دوامة التضخم وزيادة العجز لتغطية كلفة الرواتب، وهذا الامر هو ايضا من ضمن بنود التفاهم الاولي مع صندوق النقد الدولي”.
وعن الحملات التي تطاله شخصيا وتطال العمل الحكومي، قال: “بدا واضحا منذ اليوم الاول لتولي الحكومة مسؤولياتها بعد الشغور في سدة رئاسة الجمهورية، أن هناك فريقا سياسيا لا يريد لهذه الحكومة أن تعمل ويتصرف على قاعدة أن المطلوب هو الوصول الى التعطيل التام للحكومة، بعد التعطيل الحاصل في عمل المجلس النيابي، لايصال البلد الى الانهيار التام. وهذا الفريق يتصرف على قاعدة الانتقام المتأخر من اتفاق الطائف ويعمل على نسفه بكل الوسائل، لكن الاكثر غرابة أن هذا الفريق نفسه يقلب الحقائق ويتهم الحكومة بعدم اعطاء الانتباه لملاحظات وتحذيرات صندوق النقد الدولي، فيما الفريق نفسه هو من يساهم في تعطيل المشاريع التي أرسلتها الحكومة الى مجلس النواب”.
وقال :”في كل الاحوال فان الحكومة ستواصل عملها وفق قناعاتها الوطنية والموجبات الدستورية، وليست في وارد الحلول محل أحد او مصادرة صلاحيات أحد، وعلى المعترضين ان يتوقفوا عن تعطيل عملية انتخاب رئيس جديد وان يقوموا بواجباتهم الدستورية اولا.”