مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “البناء”:
بعد طول انتظار لانطلاق الحملة البرية لجيش الاحتلال مع دخول اليوم الثاني عشر للحرب، نفذ طيران الاحتلال غارات منظمة على المستشفى المعمداني في شمال وسط غزة مستهدفاً تدمير وحرق المستشفى على رؤوس من فيه، لقتل أكبر عدد من النازحين الذين لجأوا إلى المستشفى بالآلاف، إضافة لمرضى المستشفى وطاقمه الطبي والإداري، والعملية المدروسة كفاتحة للانتقال إلى تنفيذ مخطط التهجير عشية استقبال قادة الكيان للرئيس الأميركي جو بايدن، تصحّ تسميتها مجزرة بايدن، الذي منح الضوء الأخضر لقادة الكيان بفعل ما يرونه مناسباً للفوز بالمعركة، وهو يعلم أن لا شيء يستطيعونه إلا القتل المفتوح للآلاف حتى يتحقق التهجير، وقد تهرّبوا من العملية البرية لعشرة أيام.
أراد بايدن المجزرة عشية قدومه لجسّ نبض عناصر التعطيل للمشروع المتفق عليه مع قادة الكيان، ومدى قدرتها على التحرّك، فمن جهة الموقف العربي والإسلامي الرافض لمشروع التهجير والمذبحة المفتوحة بحق غزة، خصوصاً مصر والأردن والسعودية، حيث أمن البلدين على المحك، ومعهما السعودية التي يرتبط استقرارها عضوياً باستقرار مصر والأردن. واليوم ينعقد اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في جدة، وتظهر حدود وسقوف الموقف، وما إذا كانت الأنظمة الحاكمة لا تزال تملك بعض الشجاعة اللازمة لتضرب بيدها على الطاولة وبيدها أوراق قوة كثيرة، فأوروبا تعتاش على نفط الخليج، وأميركا تخشى مزيداً من الانزياحات العربية والإسلامية نحو المحور الروسي الصيني، ويكفي إقفال قناة السويس ووقف بيع النفط حتى يتغير وجه العالم.
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية توجّه الى المؤتمر، لكنه دعا الشارع العربي والإسلامي الى التحرك الفوري، وكانت التظاهرات العفوية قد خرجت فور انتشار خبر المجزرة، فحوصرت السفارة الإسرائيلية في عمان، وغصّت شوارع عواصم عربية وإسلامية بالمتظاهرين، بينما في رام الله تصدّت الشرطة الفلسطينية للمتظاهرين، فيما قرّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الحداد على شهداء المجزرة.
على مستوى محور المقاومة، كان كلام الإمام السيد علي الخامنئي قبل المجزرة واضحاً بأن أحداً لا يستطيع إيقاف محور المقاومة عن التحرك بما يتناسب مع العدوان إذا استمرّ القتل في غزة، بينما كان الوضع على جبهة جنوب لبنان يسجل تصاعداً ملحوظاً يكشف قرار المقاومة بتوسيع نطاق التحرك تمهيداً لما هو أكبر.
ارتكبت «إسرائيل» مجزرة صادمة بالتجرؤ على استهداف ساحة المستشفى الأهلي المعمداني في غزّة والذي كان ملجأ للنازحين من قصف العدو الإسرائيلي العنيف على القطاع، ما أدى الى سقوط أكثر من 800 شهيد ومئات الجرحى، وفيما أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، انسحابه من القمة الرباعيّة المقررة اليوم، مع الرئيس الأميركي جو بايدن والملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، توصلت الإدارات المحليّة لما ترتبه «اسرائيل» من مجازر بحق الشعب الفلسطيني.
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري «إسرائيل» تصفع الإنسانية على وجهها بجريمة إبادة لا تُصدَّق، مئات الشهداء وعداد القتل الإسرائيلي لا يتوقف، فهل يصحو ضمير العالم لكبح جماح آلة الإبادة الإسرائيلية، التي صدّقوني لا تستهدف الشعب الفلسطيني إنما تستهدف البشرية والإنسانية على حد سواء.
وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: مئات الشهداء في مستشفى المعمداني في غزة بفعل الإجرام الإسرائيلي والضمير العالمي الساكت عن الظلم والحق. فإلى متى؟
ودعت وزارة الخارجية والمغتربين الى التدخل الفوري للمجتمع الدولي لوقف المجازر الإسرائيلية وإطلاق النار، بغية إدخال المساعدات الإنسانية والطبية الى قطاع غزة، ومعالجة الجرحى والمصابين.
وحمّل رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي أسعد حردان مسؤولية المجزرة التي ارتكبتها «إسرائيل» باستهدافها المستشفى المعمداني، وقتل وإصابة المئات من الأطفال والنساء والرجال، للقوى الدولية التي تقدّم جرعات الدعم وكلّ أشكال المؤازرة للكيان الصهيوني الذي يستثمر في هذا الدعم لرفع منسوب غطرسته العدوانية ومجازره الوحشية.
ودعا حردان إلى طوفان شعبي في كلّ الساحات على امتداد أمتنا والعالم العربيّ وفي العالم أجمع، تنديداً بمجازر العدو «الإسرائيلي»، وإلى ممارسة كلّ أشكال الضغط لوقف حرب الإبادة ضدّ أبناء شعبنا في فلسطين، ومحاكمة قادة العدو الصهيوني وعصاباتهم ورعاتهم وداعميهم على ارتكابهم جرائم حرب ضدّ الإنسانيّة.
وشدّدت مصادر مقربة من حزب الله لـ «البناء» على أن استمرار المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني سيؤدي الى نهاية المطاف إلى الرد على «إسرائيل» من جبهات مختلفة خاصة أن ما حصل امس لا يمكن أن يبقى دون رد صاعق، معتبرة أن من شأن ما ترتكبه «إسرائيل» من دون تحرك المجتمع الدولي وإيقاف هذا العدو عن همجيه أن يدفع المحور إلى التدخل في الحرب وعدم الوقوف على الحياد.
وكانت الجبهة الجنوبية شهدت أمس، سخونة منذ ساعات الصباح الأولى. تصاعدت وتيرتها بعد الظهر، فاستهدف حزب الله خيمة لقوات العدو الإسرائيلية في داخلها جنود في مستوطنة راميم مقابل بلدة مركبا في القطاع الشرقي للجنوب اللبناني رداً على الاعتداءات الاسرائيلية. ما أعقبه قصف إسرائيلي على خراج بلدتي رميش ويارون. وأشار جيش العدو الإسرائيلي إلى صاروخ مضاد للدبابات أطلق على أحد مواقعه على الحدود اللبنانية. وقامت المدفعية الاسرائيلية باعتداءات داخل الأراضي اللبنانية. وأفاد إعلام العدو عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي بعد قصف المقاومة دبابة إسرائيلية بصاروخ موجّه، تلاه صاروخ ثان مضاد للدروع، ضد هدف لجيش الاحتلال. ولاحقاً، سمع دوي اطلاق نار ورشقات وقصف في محيط عيتا الشعب وراميا، وطال القصف مارون الراس. ثم استهدفت المقاومة بصاروخ مضاد للدروع هدفاً في مستوطنة يفتاح. كما استهدف حزب الله أجهزة التجسس والتصوير والجمع الحربي في موقع جل الدير في القطاع الأوسط. ولاحقاً تبنى الحزب عملية قصف آلية للجيش الإسرائيلي، معلناً استهداف موقع زرعيت والصدح وجل الدير والمالكي وبركة ريشا بالأسلحة المباشرة.
في السياق، أعلن الصليب الأحمر اللبناني ان ٤ فرق توجهت إلى منطقة علما الشعب لنقل جثث ٤ شهداء جراء القصف الإسرائيلي، وتردّد أنها تعود للمتسللين.
واشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» الى ان حزب الله من خلال توسيعه نطاق عملياته في الجنوب ضد العدو الإسرائيلي تقصد إبلاغ حكومة بنيامين نتنياهو أنه على أتمّ الجهوزية والاستعداد للمواجهة على طول الحدود الجنوبية وليس فقط في القطاع الغربي.
في مقابل هذا التصعيد، استهل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان جولته على المسؤولين اللبنانيين للدفع نحو التهدئة. فزار نظيره عبدالله بوحبيب في الخارجية. وأكّد بوحبيب أنّ الاعتداءات الإسرائيلية على حدود لبنان الجنوبية خرق للقرار 1701. واعتبر، إثر لقائه هاكان أنّها تؤدي إلى توتر الجبهة بشكل يصعب احتواؤه. وأعلن فيدان من جهته أن تركيا تعمل لعدم تمدد الحرب إلى لبنان والبلدان الأخرى وأنّها تتضامن مع الموقف المِصري بشأن ما يجري في غزة. وطالب المجتمع الدولي بأخذ خطوة لتأسيس دولة فلسطينية عاصمتها القدس على حدود 1967. وأشار إلى أنّ وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلاميّ يجتمعون، غدًا (اليوم) في جدة.
لاحقاً، استقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فيدان في السرايا. وأكد «أن الاولوية الراهنة يجب أن تكون وقف الحرب الاسرائيلية الدائرة في غزة والاعتداءات الاسرائيلية على جنوب لبنان». أما وزير خارجية تركيا فأشار «الى التواصل مع الاسرائيليين لحضهم على وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الى قطاع غزة والعمل على إيجاد حل نهائي للصراع انطلاقاً من حل الدولتين».
ومن السراي، أكد النائب السابق وليد جنبلاط اننا نعمل بشكل متواضع على النفس ذاته مع رئيس الحكومة ولكن لا شك أن جهود الأخير جبارة، على أمل أن تثمر وأن ترمم ايضاً الجبهة الداخلية، لان بعض الناس في الجبهة الداخلية وكأنهم في واد ثانٍ. كنا نأمل مثلاً أن يفرج هذا الظرف عن رئيس للجمهورية، وانتخابات لجان دون مقاطعة…الخ. يبدو ان بعض الناس في عالم آخر.
وتابع الوزير عبدالله بوحبيب لقاءاته الديبلوماسية التي كان بدأها يوم أمس، بهدف التشاور ومنع التصعيد في المنطقة، والتقى مع عدد من سفراء الدول المشاركة في قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل). وقال بوحبيب إن «البحث خلال اللقاء تناول الوضع في جنوب لبنان وغزة»، طالباً من جميع السفراء «المساعدة لتهدئة الاوضاع على الحدود الجنوبية وأن تتوقف اسرائيل عن القصف، خصوصا أن الرد من لبنان هو على مزارع شبعا اللبنانية المحتلة». وسيتابع الوزير بوحبيب لقاءاته الديبلوماسية بعد الظهر. وكان ميقاتي اجتمع مع بو حبيب في السراي صباحاً.
وكانت عقدت جلسة لمجلس النواب خصصت لانتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية، لم تغب عنها المستجدات الأمنية. فقد سجلت مطالبة عدد من نواب المعارضة بمناقشة تطورات الوضع في الجنوب، وإصدار توصيات بشأنها، الا ان الرئيس نبيه بري رفض وأعلن جهوزيته لعقد جلسة خاصة بذلك. ولاحقا وأثناء لقائه رؤساء اللجان النيابية والمقررين، سأل بري «أمام ما يجري في المنطقة وتصاعد العدوان الاسرائيلي على فلسطين وغزة ولبنان، نحن أمام فرصة لانتخاب رئيس للجمهورية فهل نتلقفها؟».
يعقد مجلس الوزراء، بهيئة تصريف الأعمال، جلسة في الرابعة من بعد ظهر يوم غد الخميس في السراي الكبير، للبحث، إضافة الى البنود الواردة على جدول الاعمال، في عرض وزارة الاشغال العامة والنقل للتقرير الشامل حول وضعية وطبيعة وآلية ومعوقات سير العمل في مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، وخلاصة الإجراءات والتدابير المطلوبة لمعالجة الثغرات وتأمين حسن انتظام سير العمل والسلامة العامة في المطار. كما والبحث في عرض رئيس مجلس الوزراء لموضوع تشغيل مطاري القليعات ورياق.
على الصعيد الاقتصادي والمالي، وفي وقت استقبل ميقاتي حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، ابلغت مؤسسة «كهرباء لبنان» وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل في كتاب رسمي بتاريخ 09/10/2023، تذكيراً بوجوب تسوية كافة فواتير الكهرباء المستحقة على الإدارات العامة والمؤسسات العامة بما في ذلك مصالح المياه وغيرها، على أن يتم دفع هذه الفواتير نقدًا (Fresh Lebanese Liras)، في حساب مؤسسة كهرباء لبنان لدى مصرف لبنان، تجنّباً لانقطاع التيار الكهربائي عنها، وذلك بدءاً من يوم الثلاثاء الواقع فيه 24/10/2023 وفقاً للأنظمة المرعية الإجراء.