مجلة وفاء wafaamagazine
وفاء بيضون
مرة أخرى تتحرك ماكينة أميركا الدبلوماسية بمعية بعض الدول الغربية تحت عنوان الحؤول دون توسيع الجبهة اللبنانية مع فلسطين بين المقاومة وجيش الاحتلال؛ يتزامن ذلك مع عودة تنشيط المبادرة القطرية المصرية على خط غزة – تل أبيب .
المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين حط مجددا في بيروت بعد فرملة موعد زيارته “توقيتا” عقب لقاء قادة الاحتلال في الكيان الإسرائيلي حاملًا شجون وخيبات الكابينيت الحربي المصحوبة بالتوعد، وخواء الإرادة من قيامهم بأية خطوة غير محسوبة، ليلقي على اللبنانيين مزامير داوود تارة بالتهويل وطورا بتهدئة الخواطر .
هوكشتاين لم يقدم أي جديد في زيارته الجديدة سوى التذكير “بتداعيات أية مواجهة مفتوحة” سيما وأن كلام الأمين العام لحزب السيد حسن نصر الله عن رفع الضوابط والسقوف في مواجهة أية مغامرة إسرائيلية، قد سمعها الأمريكيون والإسرائيليون بوضوح، مسارعا إلى الحديث عن تثبيت قواعد الاشتباك، وضرورة تأمين سلامة سكان الجليل الفلسطيني وعودتهم إلى منازلهم الاستيطانية، مُمررًا بذلك رسالة الاحتلال تلميحا بأن سلامة سكان الجنوب من سلامة مستوطنات الشمال.
ومرة أخرى سمع هوكشتاين من رئيس مجلس النواب نبيه بري موقف المقاومة “التداعيات تلغيها الأسباب” في إشارة إلى ضرورة أن تضغط أميركا على إسرائيل لوقف إطلاق النار وقتل المدنيين في غزة، مكررا عبارته الشهيرة (يلي طلع الحمار على الميدنة ينزلو ). هذا التطور السياسي انسحب على تطورات جبهة الجنوب الميدانية مع فلسطين المحتلة من خلال الحديث عن سعي حكومة بنيامين نتانياهو المأزومة لإبرام صفقة تبادل جديدة، بعد أن تيقنت من فشلها في استرجاع الأسرى من خلال الحرب، ولكن بشروط لم تكن حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية لتقبل بها، إذ كانت تحاول من جهتها فرض شروطها لأية عملية تبادل جديدة.
نعم، فقبل اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس الشيخ صالح العاروري في الضاحية الجنوبية في بيروت، كانت المفاوضات التي تجري بوساطة قطرية-مصرية، وتدخل إيراني في بعض الأحيان، تسير على ما يرام، ولكن بعد الاغتيال أصبح التقدم صعبا، وجمدت الحركة كل المفاوضات، وهو ما كان رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قد أبلغه لعائلات ستة محتجزين إسرائيليين وأميركيين نهاية الأسبوع الماضي.
وفي خضم هذا المشهد عاد الزخم إلى هذا الملف من جديد، من خلال زيارة قام بها الثلاثاء الماضي كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط “بريت مكغورك ” لرئيس الوزراء وزير الخارجية القطري في الدوحة، بحث خلالها الطرفان الجهود المبذولة لإعادة إحياء صفقة التبادل، والتي لن تكون هذه المرة مشابهة لسابقاتها بعد كل التطورات في الحرب على غزة .
و وفق مصادر متابعة، كان كيان الاحتلال الإسرائيلي قد تقدم بمقترح جديد للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى ما يشبه وقف إطلاق نار مرحلي. وفي وقت تتولى فيه قطر التواصل مع الأميركيين والإسرائليين، تتولى مصر من خلال رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، التواصل مع حركات المقاومة الفلسطينية في غزّة، وقد جمع معطيات جديدة طرحها على وفد إسرائيلي زار القاهرة الثلاثاء الماضي.
وتكشف بعض المصادر المواكبة أن الولايات المتحدة الأميركية تعطي ملف التبادل أهمية كبيرة، خاصة أن من بين الأسرى المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية أشخاصًا من الجنسية الأميركية، مشيرة إلى أن كل المحاولات الأميركية والإسرائيلية لتحريرهم باءت بالفشل، وانعكست على في بعض الأحيان لقتلهم من الجنود الإسرائيليين أنفسهم، لذلك لا مناص بالنسبة للأميركيين سوى التبادل.
من هنا تنطلق مساعي واشنطن بالاتجاهين: لبنان وفلسطين، كونهما متصلين إلى حد كبير بوحدة الساحات وبحكم التداخل الجغرافي بين البلدين، لنستخلص من كل هذه الجولات السندبادية أن الخوف الأميريكي يرتبط بانزلاق حليفتها إسرائيل نحو هاوية من الصعب الخروج منها، إذا ما انفتحت الجبهة على كل احتمالات التوسع الميداني، لإدراك الأميركيين كما الإسرائيليين من أن الخسائر المتوقعة في الطرف اللبناني لن تقل عنها خسائر الاحتلال على المستويات البشرية والاقتصادية والبنى التحتية كافة.
فهل يبلغ السيل الزبى، وينفرط عقد التسويات ليتحول المشهد إلى عصر حجري توعد به كلا الطرفين للآخر: المقاومة والاحتلال؟