الرئيسية / آخر الأخبار / إسرائيل تكثف استهدافها المدنيين .. قلق فرنـسي من التصعيد.. الخماسية: استعجال الرئيس

إسرائيل تكثف استهدافها المدنيين .. قلق فرنـسي من التصعيد.. الخماسية: استعجال الرئيس

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “الجمهورية”:

ترحيل الملفات الأساسية الى ما بعد الأعياد، فرض تمديداً إضافياً للخواء السياسي الذي يحكم البلد، ولكن دون أن يعني ذلك ألافق المسدود سياسياً ورئاسياً ما قبل الأعياد سيفتح بعدها، ذلك أنّ الانفراجات الموعودة ساقطة سلفاً امام جدار التعقيدات الداخلية الذي يزداد سماكةً على مدار الساعة. وفي موازاة ذلك، تشهد جبهة الحدود الجنوبية تدحرجاً أمنياً متسارعاً، تجلّى في ارتفاع حدّة المواجهات والعمليات العسكرية بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي، الذي واصل استهدافه للمدنيين والمؤسسات الاجتماعية والصحية، حيث نفّذ مجزرة في بلدة الهبارية سقط فيها 7 شهداء. واستهدف بطائرة مسيّرة عدداً من الشبان المدنيين امام مقهى في الناقورة، وأفيد عن سقوط 4 شهداء واصابة 6 اشخاص بجروح، وسقوط 5 شهداء في غارة بالطيران الحربي على بلدة طيرحرفا.
مقاربات متشائمة
سياسياً، شكّل خبر تلقّي رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي دعوة من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة للمشاركة في إجتماع الدورة العادية الـ33 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، وذلك يوم الخميس 16 أيار 2024، وكذلك خبر وصول رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني الى بيروت، فرصةً لخروج موقت من المراوحة السياسية المستحكمة بالبلد. وما خلا ذلك، “نشفان” سياسي كامل، واستسلام للتعقيدات المعطلة كل الملفات الاساسية.
وفي هذا الجو، لا كلام مفيداً حول الملف الرئاسي حتى إشعار آخر، ومكونات الانقسام والتعطيل لا تملك اكثر من التعبير عن نفسها بكلام فارغ مملّ، تجترّ فيه اتهاماتها وهجوماتها على بعضها البعض. وفي الجانب الآخر من المشهد الداخلي، حال من الترقب للحراك المنتظر لسفراء “اللجنة الخماسية”، مترافقة مع مقاربات متشائمة تقلّل من احتمالات نجاح هذا الحراك، وتحقيق الانفراجات والاختراقات الموعودة في جدار الازمة.

اجتماع السفراء
في هذه الأجواء، عقد سفراء دول الخماسية امس، اجتماعاً في السفارة القطرية، وبحسب بيان للسفارة، فقد جرى استعراض للتطورات الراهنة في لبنان، والبحث في الملف اللبناني، وجدّد السفراء تأكيد اولوية انتخاب رئيس للجمهورية، وأبدوا دعمهم المستمر لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في اسرع وقت ممكن.

“أتمنى النجاح.. ولكن”
وإذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري ينظر بإيجابيّة بالغة إلى كلّ الحراكات، التي من شأنها أن تنعش الملف الرئاسي وتغلّب منطق التفاهم والتوافق للتعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية، فإنّ مصادر واسعة الإطلاع اكّدت لـ”الجمهورية” انّ الأجواء المواكبة لحراك “الخماسية” لا تبدو مشجعة على التفاؤل، وخصوصاً بعد الاعتراضات التي أبدتها جهات ومراجع لبنانية على الدعوات الى التلاقي والحوار حول رئاسة الجمهورية”.
وكشفت المصادر عن “نقاش حصل في الغرف الديبلوماسية المغلقة، حول الجدوى من حراك لسفراء الخماسيّة، معروفة نتائجه سلفاً في هذا الجو المقفل”. وقالت: “ما تتوخاه اللجنة الخماسية هو ان تتفاعل الاطراف ايجابياً مع مسعاها، الرامي الى تحقيق مصلحة لبنان والتعجيل في انتخاب رئيس، ولكن لم يثبت للجنة حتى الآن سوى اعتراضات وتحفظات تصعّب، او بمعنى أدقّ تحبط مهمّتها، ومن هنا، فإنّ حراك السفراء قيل انّه سينطلق ما بعد 15 نيسان المقبل، ولكن لا ايجابيات حتى ليُبنى عليها، وبالتالي كل الاحتمالات ما زالت واردة على هذا الصعيد”.
على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق، هو أنّ النقاش الرئاسي بين المستويات السياسيّة والرسميّة ينعى حراك سفراء الخماسيّة، ولا يتوقع انفراجاً رئاسياً حتى في المدى البعيد، وخصوصاً انّ حراك الخماسية، وعلى ما يقول مسؤول كبير لـ”الجمهورية”: “لم يعطَ بعد صفة الإلزام ولا اعرف لماذا. انا اتمنى لهم النجاح، ولكن هذا النجاح لا أعتقد انّه ممكن مع اتباع ذات الأداء الذي اتبع منذ الاعلان عن تشكيل الخماسية قبل أكثر من سنة، ولم ينجح في تحقيق شيء. انا متأكّد من أنّ في مقدورهم، لو شاؤوا، أن يغيّروا، ويضفوا على حراكهم قوة ملزمة لأصدقائهم اولاً، قبل كل الآخرين، تتجاوز الاعتراضات والتحفظات وتدفع بالملف الرئاسي الى حلبة التوافق والانتخاب، واما سياسة التمني المعمول بها، فلن توصل الى اي نتيجة”.

الخطر الأمني
وإذا كان ثمة من يبدي خوفاً بالغاً من أنّ التأخير في انتخاب رئيس للجمهورية، من شأنه أن يفقد الموقع الرئاسي الاول دوره وحضوره ومعناه في الحياة السياسية في لبنان، فإنّ الأجواء المسمومة السائدة منذ اندلاع المواجهات على جبهة الحدود الجنوبية، تنذر انحداراتها الأمنية المتسارعة وكثافتها واتساع رقعتها، بفقدان الأمن والأمان في البلد بالكامل.
وفيما عبّرت مصادر رسمية لبنانية لـ”الجمهورية” عن “مخاوف من أن تهرب اسرائيل من “حشرتها” بعد قرار مجلس الامن حول غزة، وتترجم تهديداتها الاخيرة بحرب على لبنان، وفق ما اعلن وزير الخارجية الاسرائيلية يوآف غالانت على إثر صدور قرار مجلس الامن حول وقف اطلاق النار في غزة، وقالت: “الموقف الاميركي بعدم وضع “فيتو” على القرار، نقطة تحوّل في مسار الحرب، والعلاقة مع نتنياهو، ولكن ما اخشى منه هو أن يغامر نتنياهو إما في اتجاه رفح او في اتجاه لبنان”.

لا حرب
وفي هذا السياق، قال مصدر ديبلوماسي من العاصمة الفرنسية لـ”الجمهورية”: “إنّ باريس تتحرّك في أكثر من اتجاه في المنطقة لاحتواء الوضع القائم، وإضعاف احتمالات الحرب الواسعة انطلاقاً من جبهة جنوب لبنان”.
وإذ اشار المصدر الى “انّ باريس تلقّت تأكيدات من الجانبين اللبناني والاسرائيلي بأنّهما لا يرغبان في التصعيد وتوسيع دائرة المواجهات”، قال: “اكّدنا للجانبين ان لا مصلحة لأي طرف في التصعيد، ومن هنا فإنّ ثمة ضرورة قصوى في وقف العمليات العسكرية بصورة عاجلة، كون الوضع القائم حالياً، هو حالة حرب، مفتوحة على أن تتطوّر في لحظة خطأ في التقدير او في الحساب، الى حرب كبرى يصعب احتواؤها او تقدير عواقبها على جميع الاطراف”.
وفي سياق استبعاد الحرب والتحذير منها، برز ما ورد في تقرير اعدّه الكاتب الاميركي سكوت ريتر( كان ضابطا سابقاً في المارينز)، حيث قال: “من المنظور العسكريّ، من غير الواقعيّ أنّ تشنّ إسرائيل حرباً شاملة على لبنان”. وأضاف “إنّ “حزب الله” يملك أسلحة مختلفة تكفي لتعطيل القدرات والأنظمة الإسرائيلية”. وقال: “على الأرجح إسرائيل ستخسر في أيّ حرب معه”.

22 شكوى .. وتصعيد
وفيما أُعلن امس عن أنّ لبنان تقدّم بـ22 شكوى الى مجلس الامن الدولي ضدّ اسرائيل منذ تشرين الاول الماضي، “حضّ فيها أعضاء مجلس الامن مجتمعين على ادانة الاعتداءات الاسرائيلية، وطالبهم بلجم انتهاكات إسرائيل للسيادة اللبنانية، والحؤول دون نشوب حرب إقليمية واسعة النطاق”، كانت منطقة الحدود الجنوبية، قد عاشت امس، حالاً من التوتر الشديد، في ظل استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على المناطق اللبنانية، التي ركّزت بالقصف المدفعي والغارات الجوية على العديد من البلدات. واخطرها كان استهداف الطيران الاسرائيلي فجر امس، مركز الطوارئ والإغاثة الاسلامية في بلدة الهبارية، ما ادّى الى استشهاد 7 مواطنين، وهم: براء ابو قيس، محمد رغيد حمود، عبد الله شريف عطوي، التوأمان حسين وأحمد قاسم الشعار، عبد الرحمن عطوي وفاروق جمال عطوي. وافيد بأنّ 17 شخصاً كانوا في المركز، ويجري البحث عن مفقودين.
ومساء، كثف الجيش الاسرائيلي اعتداءاته، فاستهدف بغارة جوية شباناً بالقرب من مقهى في بلدة الناقورة ما ادّى الى سقوط 4 شهداء واصابة 6 اشخاص بجروح، واستهدف بغارة ثانية بلدة طيرحرفا، ما ادّى الى سقوط 5 شهداء.
واعلن قائد المنطقة الشمالية بجيش الاحتلال الإسرائيلي مساء “اننا ننفّذ هجمات نوعية ضدّ “حزب الله” لتكبيده خسائر فادحة”. كما اعلن الجيش الإسرائيلي بـ”اننا عازمون على تغيير الوضع الأمني في المنطقة الشمالية مع لبنان”.

عمليات
وفي المقابل، اعلن “حزب الله” انّ المقاومة الاسلامية استهدفت، التجهيزات التجسسية في موقع مسكاف عام، وموقع رويسات العلم في تلال كفر شوبا، وانتشاراً للجنود الاسرائيليين في محيط مستعمرة شتولا. كما اعلن انّه ردًا على ‏المجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني في بلدة الهبارية، قصف ‏مجاهدو المقاومة الإسلامية عند ‏الساعة 08:00 من صباح الأربعاء مستعمرة كريات شمونة وقيادة اللواء ‏769 في ثكنة كريات شمونة بعشرات الصواريخ.
ودوّت صافرات الإنذار، منذ ساعات الصباح، مرات عدة في بلدات في الجليل الأعلى وفي بلدة كريات شمونة ومحيطها بإصبع الجليل، لتنذر عن إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه بلدات إسرائيلية. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنّه تمّ إطلاق أكثر من 30 صاروخاً من الأراضي اللبنانية باتجاه بلدة كريات شمونة ومحيطها في الجليل الأعلى، وألحق عدد منها أضراراً وتمّ اعتراض بعضها، فيما سقطت بعضها بمناطق مفتوحة.
وأفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن “سقوط قتيل في القصف الصاروخي الذي استهدف كريات شمونة”. فيما ذكرت وسائل اعلام اسرائيلية “انّ صواريخ “حزب الله” على “كريات شمونة” دمّرت مصنعاً للورق بالكامل وعشرات المنازل تضرّرت بشدة، ووصل الى مستشفى زيف في صفد 6 جرحى من كريات شمونة جراء صواريخ “حزب الله”، فيما ذكرت وسائل اخرى انّ المصنع الذي تدمّر في كريات شمونة كان ينتج مواد عائدة للجيش الاسرائيلي. وجرى الإبلاغ عن إصابة منزل بشكل مباشر وورشة للنجارة في كريات شمونة، بحسب ما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية. وأشار مراسل “القناة 12” غاي فارون إلى إطلاق صواريخ ثقيلة الوزن مع الكثير من المواد المتفجرة، وتسببت بأضرار فادحة، لافتاً إلى أنّها “ليست الصواريخ التي اعتدنا رؤيتها في الجولات خلال الأشهر الأخيرة”. مشيراً إلى أنّ هناك أضراراً لأكثر من 20 شقة في حي استيطاني واحد من جراء صاروخ واحد”.

تهديد
في هذا الوقت، نقلت “هآرتس” عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله، إنّ “عمق لبنان يتحوّل إلى منطقة حرب، و”حزب الله” بدأ يخاطر”. وأشار إلى أنّه “حتى الآن لم تتوفر الشروط للتوصل لاتفاق مع حزب الله”، لافتاً إلى أنّه “ربما تسهم صفقة تبادل الأسرى في غزة في التوصل لاتفاق أيضاً مع لبنان”. وأضاف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنّه خلال اليومين الماضيين “رصدنا إطلاق 110 صواريخ من لبنان على إسرائيل”.
ونقل الاعلام الاسرائيلي عن المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي “انّ الجيش اقرّ برنامج تدريب هذا العام، يركّز على رفع جاهزية سلاح الجو لحرب على جبهة الشمال”.

لا أفق للمستوطنين
الى ذلك، عرضت القناة 12 الاسرائيلية تقريراً اشارت فيه الى أنّ مستوطني الشمال ليس لديهم أي أفق مستقبلي، ويائسون من وعود بالكاد تصلهم، ولا يعلمون متى يعودون إلى منازلهم.
وبحسب التقرير فإنّ 65 ألف مستوطن تمّ إجلاؤهم من الشمال، مشيراً إلى أنّ من تبقّى يعيش في ظل روتين الصواريخ وصفارات الإنذار. واحصى التقرير إطلاق أكثر من 3000 قذيفة صاروخية وما يُقارب 1000 صاروخ دقيق مضاد للدبابات، باتجاه الجليل، إضافة إلى عشرات الطائرات التي تحمل مواد متفجّرة. مضيفاً “هذا الواقع، إلى جانب حقيقة أنّه ليس واضحاً إلى متى ستستمرّ الحرب، يدفعان كلّ يوم بالعائلات كي تُقرّر الانتقال إلى شقّة ثابتة في مكان أكثر أمناً”. ونقل عن احد المستوطنين قوله: “ليس لدينا أيّ أفق مستقبليّ، ولا أيّ أمن اقتصادي حيال مستقبلنا. الحكومة اهتمّت بنا ووضعتنا في مسكن وبعد ذلك نستنا. لن نعود إلى بيوتنا ولو حصلت تسوية سياسية”.
وقالت المذيعة في القناة هيلا كوراح “إنّ إسرائيل تخسر الشمال في عملية بطيئة وطويلة وهادئة وشفافة، مع انتقال الشركات الناشئة والمجموعات السكانية القوية إلى الوسط والشك في احتمال عودتهم، بالإضافة إلى الأعمال التي تنهار ولا تجد مساعدة، وغياب الحكومة عن الحدث”.