مجلة وفاء wafaamagazine
في مشهدية مهيبة تعكس تاريخ مدينتهم، قضى شبيبة مطرانية حلب للسريان الأرثوذكس، ليلة القدر وهم يحضرون وجبات السحور لآلاف المتهجدين في مساجدها، إحياء لليلة “القدر” العظيمة عند المسلمين.
مع دخول الساعة العاشرة، مساء أمس الجمعة، تنادى عشرات الشبان والشابات إلى باحة كنيسة القديس مارجرجس للسريان الأرثوذكس، وسط مدينة حلب، لتجهيز وجبات السحور للمصلين الذي يتفرغون في هذا اليوم، لإقامة صلوات التهجد في مساجد المدينة بدءا من منتصف الليل، وحتى شروق الشمس.
كخلية نحل، تشابكت الأيدي منهمكة في تجهيز الوجبات التي حوت بعض أصناف الطعام، والكثير الكثير من الحب والإخاء الذي لطالما كان جزءا حميميا من تاريخ هذه المدينة العريقة.
خلال مشاركته في إعداد وجبات السحور، قال نيافة المطران بطرس مقديس، مطران السريان الأرثوذكس في حلب، لـ”سبوتنيك”: “من خلال مبادرة “سوا للخير”، وددنا أن نقول لأخوتنا المعتكفين للصلاة في مساجد حلب لإحياء لهذه الليلة المباركة، بأننا نحبكم، وبأننا أولاد أرض واحدة مباركة طاهرة بدماء شهدائها التي بذلت من أجل حرية وسلامة هذا البلد”.
وأضاف نيافة المطران مقديس: “يشارك في المبادرة شبيبة الكنيسة من أخويات وكورالات وكشافات، إلى جانب الآباء الكهنة”، مختتما بقوله: “نعمل كيد واحدة على هذه المبادرة البسيطة في شكلها، لكنها العميقة في معانيها”.
من جهته، قال سماحة الشيخ أحمد صافي حلبي، إمام وخطيب جامع سيف الدولة الحمداني الشهير في حلب، لـ”سبوتنيك”: “في هذه الليلة المباركة، ليلة “مظنّة” ليلة القدر، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا بكل ألوان شعبه المبارك”.
وأضاف الإمام صافي حلبي: “نشكر رعايا المطرانية الأرثوذكسية، الذين بادروا إلى هذه اللفتة الطيبة التي تدل على المحبة والإخاء بين أطياف هذا الشعب السوري، ونسأل الله دوام هذه المحبة والأخوة، وأن يديم هذا البلد آمنا مطمئنا إلى يوم القيامة”.
حلب مدينة الحب الهادئ، هكذا قضت سنواتها الطويلة كحاضرة الشرق مكللة بالود، وعلى هذا المنوال صنعت نواميسها الخاصة لتتناقلها أجيالها عبر العصور.
وقال الشاب جورج مقديس، المسؤول الإعلامي في مطرانية حلب: “أكثر من 150 شابا وشابة من رعية الكنيسة السريانية، بدأوا بتحضير آلاف وجبات السحور للأخوة المعتكفين للصلاة في مختلف مساجد المدينة”.
وأضاف الشاب مقديس: “هذا النشاط ليس غريبا عن سوريا، من قلب كنيسة حلب تنظلق وجبات السحور إلى مساجدها بمبادرة أطلقنا عليها اسم “سوا للخير”، وإن شاء الله ستبقى سوريا بألف خير وسلام”.
بطبيعة الحال، لا تنفصم شخصية حلب، عن المشهدية التي بدا عليها المؤمنون في ساحة كنيستها السريانية الأرثوذكسية، ومصليها المؤمنين في مسجد سيف الدولة، فهذه اللمحة من لمحات الانصهار، تستمد نسغها من معرفة عميقة لكل منهما بالآخر.
الطبيب الصيدلي مجد لحدو، مدير الإغاثة في مطرانية السريان في حلب، قال لـ”سبوتنيك”: “نعمل على تحضير آلاف وجبات السحور تمهيدا لتقديمها إلى أخوتنا المعتكفين للصلاة في جميع مساجد حلب، سنبقى حتى الفجر لإتمام العمل”
.
وأضاف لحدو: “نتشارك مع شبيبة الكنيسة في هذه الليلة العظيمة التي تعني الكثير لأخوتنا المسلمين ولنا كمسيحيين أيضا، ليلة القدر التي لها فضل أكثر من ألف شهر، وفي هذه الليلة المباركة يشق الله السماء لاستقبال دعوات المبتهلين إليه”.
أما جوليا مقديس، وهي إحدى الناشطات المشاركات في مباردة “سوا للخير”، فقد قالت لـ”سبوتنيك”: “أتينا إلى كنيستنا السريانية الأرثوذكسية لنتشارك نحن وأخوتنا في شهر رمضان الفضيل، ونسهم ولو بجزء بسيط لنشر الفرح والتعاون بين جميع الشعب السوري بشكل عام”.