مجلة وفاء wafaamagazine
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي ” كابيلا القيامة”، عاونه فيه المطرانان حنا علوان ومروان تابت، ومشاركة القائم باعمال السفارة البابوية المونسنيور جيوفاني بيتييري ممثلا السفير البابوي المونسينيور باولو بورجيا، وعدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور قنصل جمهورية موريتانيا ايلي نصار، الأمينة العامة للمؤسسة المارونية للانتشار هيام البستاني، رابطة آل الشمالي في لبنان برئاسة المحامي إلياس الشمالي ، حبرية “عمل الله” opus dei برئاسة الاب دومينيك الحلو، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان: “إنّ الحصاد كثير والفعلة قليلون، أطلبوا من ربّ الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده” (متى 9: 37-38)، قال فيها: “كان الربّ يسوع يجول في كلّ القرى والمدن يبشّر بإنجيل الملكوت، ويشفي كلّ مرض ووجع. فأخذته الشفقة عليهم، فقال لتلاميذه: “إنّ الحصاد كثير والفعلة قليلون، أطلبوا من ربّ الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده” (متى 9: 37-38). فاختار الربّ يسوع الرسل الإثني عشر وأرسلهم حصّاد الساعة الأولى، وهم الذّين تعيّد لهم الكنيسة في هذا اليوم. فانطلقوا إلى العالم بهذه الرسالة المزدوجة: “إعلان إنجيل الملكوت والشفاء من كلّ مرض ووجع”، في الأجساد، والنفوس والأرواح. وهم اختاروا من بعدهم أساقفة وكهنة ومعاونين، وشمامسة لخدمة المحبّة، حتى يومنا. وتحتفل الكنيسة اليوم من بينهم بعيد القدّيس خوسيه ماريا إسكريفا، مؤسّس ال Opus Dei-عمل الله، المعروفة اليوم: “بحبريّة الصليب المقدّس وعمل الله”. فيطيب لي أن أرحّب بأعضاء حبريّة Opus Dei، العلمانيّين والكهنة، المتواجدين معنا اليوم، فأعيّدهم بعيد شفيعهم ومؤسّسهم القدّيس خوسيه ماريا إسكريفا، مهنّئًا ومتمنيًّا لهم أطيب التمنيات، وشاكرًا لهم نشاطهم الروحي والراعويّ والإجتماعيّ، والإنمائيّ الذي يقومون به في لبنان. كما أرحّب بجميع الحاضرين الآخرين، مع تحيّة خاصّة لرابطة آل الشمالي الكرام، رئيسًا وعمدةً وأعضاء، مقدّرًا لهم نشاطاتهم المتنوّعة وبخاصّة تأليف وحدتهم وشّد أواصرها، وهم يشكّلون حلقةً متينة في المجتمع اللبنانيّ، الذي يحتاج إلى وحدة في التنوّع”.
وتابع: “إنّنا نصلّي اليوم ،كما في جميع كنائسنا، من أجل إيقاف الحرب في غزّة وجنوبيّ لبنان، وإحلال سلام عادل وشامل فيهما. فإلهنا إله سلام وأخوّة، لا إله حرب. فالحرب تدمّر جنى الأعمار وتقتل المواطنين المسالمين، وتهجّر الآمنين من بيوتهم. في الحرب ليس برابح بل الجميع خاسرون. فلنصلِّ، أيّها الإخوة، في هذا اليوم إلى إله السلام والأخوّة كي يمسّ ضمائر أمراء الحرب، ويحوّلهم إلى فاعلي سلام، فبالحرب الكلّ خاسرون وضعفاء، أمّا البطولة فهي في صنع السلام والحلّ السلميّ ولسان المفاوضات. ولنصلِّ أيضًا أن يرسل الله أساقفة وكهنة وشمامسة دائمين ورهبانًا وراهبات وعلمانيّين مؤمنين بالمسيح، إلى حقل هذا العالم الفسيح لكي يعلنوا إنجيل الملكوت، ويشفوا الأجساد من كلّ مرض ووجع جسديّ وروحيّ ومعنويّ. هؤلاء يبادرون إلى لقاء الإخوة المتألّمين، وسماعهم، وتمييز معاناتهم، وإعطائهم الحلول على ضوء الكتاب المقدّس وإنجيل يسوع المسيح وكلمة الله. ولنصلِّ إلى الله كي يجعلهم في حالة إرسال دائم بشجاعة وغيرة رسوليّة وجهوزيّة دائمة. فالمسيح الذي اختارهم واحدًا واحدًا، هو الذي يرسلهم إلى هذا العالم المحتاج إليهم وإلى شهادتهم وصوتهم، وهو يفعل فيهم وبواسطتهم حتى نهاية العالم (را متى 28: 20). إنّ القدّيس خوسيه ماريا إسكريفا هو من هؤلاء المدعوّين العظام الذّي أسّس حبريّة Opus Dei التي ضمّت أكثر من 60،000 مؤمن ومؤمنة من 80 جنسيّة على حياة المؤسّس سنة 1975”.
وقال: “مؤسّسة “عمل الله- Opus Dei تعمل من أجل تحفيز الوعي العميق للدّعوة العامّة للقداسة. في ضمير الرجال والنساء، على السواء، لأيّ مهنة أو عمل انتموا، بحثّهم على العيش وفق إيمانهم، والمساهمة في تبشير كلّ طبقات المجتمع. وبالعموم، إنّ هدفها هو نشر الرسالة القائلة بأنّ الله يدعو كلّ المسيحيّين إلى السعي نحو القداسة، في عملهم اليوميّ، وعبره، في حياتهم العائليّة وفي علاقاتهم الإجتماعيّة، والتعريف بالإنجيل؛ وهذه هي الرسالة الأساسيّة للمجمع المسكوني الفاتيكاني الثّاني (أنظر دستور الكنيسة العقائديّ Lumen Gentium، رقم 32 و33). إنّ العيش حسب روح “عمل الله” يعني تطبيق الفضائل الإنسانيّة والمسيحيّة، بممارسة العمل اليوميّ، لأنّ كلّ إنسان هو مساعد في الخلق والخلاص، مع الله، على مثال يسوع، العامل. يسمّى أعضاء مؤسّسة Opus Dei “مؤمنو الحبريّة” إسوة بما يدعى به “مؤمنو” أيّة أبرشيّة؛ وهؤلاء الأعضاء ينبثقون من كلّ طبقات المجتمع، إذ حوالي 98% منهم هم علمانيّون، رجالًا ونساءً. معظمهم متزوّجون. أمّا الكهنة منهم، فهم منخرطون في الحبريّة. أن يصبح المرء عضوًا في “عمل الله”، فهذا يفترض دعوةً فائقة الطبيعة، حقيقةً. وهذا يعني نداءً حميمًا، خاصًّا، من قبل الله، يلزم المرء بخدمته تعالى، حياته كلّها. وأن يكون مسيحيًّا صادقًا، ومخلصًا، يسعى للإتحاد بالمسيح، إذ لا أحد يبقى في كنف الحبريّة رغمًا عنه. أمّا الإلتزام الشخصيّ للأعضاء، فهو يترجم بعقد شفهيّ بينهم وبين المؤسّسة، وانطلاقًا من هذا العقد، فإنّهم يتعهّدون بعيش متطلّبات الحياة المسيحيّة، بكلّ قوّتهم، وحسب روح “عمل الله”. أمّا الوضع الشخصيّ لمؤمنيّ “عمل الله”، فهو لا يتغيّر بشيء بسبب إنتمائهم إلى “الحبريّة”. فكلّ علمانيّ، منخرط بالحبريّة، يبقى في الوقت عينه، عضوًا في الرعيّة والأبرشيّة، حيث يقيم، مثله كسائر المعمّدين الآخرين. يتحمّل أعضاء المؤسّسة التزامات تدريبيّة وروحيّة ورسوليّة. الإلتزامات التدريبيّة تتعلّق بالتثقيف العقائديّ والروحيّ، الفلسفيّ واللاهوتيّ، المطابق لتعليم الكنيسة الكاثوليكيّة.
الإلتزامات الروحيّة وفيها:
ممارسة متواترة للأسرار، ترتكز أوّلًا على الذبيحة الإلهيّة، والمناولة اليوميّة، والإعتراف الأسبوعيّ.
القراءة اليوميّة للعهد الجديد، وكتاب روحيّ آخر.
التأمّل العقليّ، وصلاة المسبحة، وممارسات تقويّة أخرى.
أمّا الإلتزامات الرسوليّة فهي تقود أعضاء الحبريّة إلى التطبيق الفعليّ والدائم، لحقّ وواجب كلّ مسيحيّ بالرسالة وهذا البعد الرسوليّ هو عنصر أساس من الدعوة المسيحيّة”.
وختم الراعي: “كم نتمنّى لو أنّ الذين يتعاطون الشأن السياسيّ العام عندنا، يدركون أنّهم مدعوّون ليتقدّسوا في عملهم السياسيّ، لأنّه بالأساس موجّه لخدمة الشخص البشريّ في دعوته وحقوقه الأساسيّة، وإنمائه بكلّ أبعاده الروحيّة والإنسانيّة والثقافيّة والإقتصاديّة؛ وموجّه لتوفير العدالة والسلام والإستقرار الأمنيّ بواسطة مؤسّسات الدولة النظاميّة والأمنيّة؛ كما أنّه موجّه للإعتناء بقضيّة المسنّ والمهمل، والعامل المظلوم، والفقير والجائع. فإذا اعتنوا بجميع هذه الحالات، نالوا أجرًا عند الله، وسارعوا إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة وفقًا للدستور الواضح والصريح، من شأنه أن يعيد ثقة المواطنين بشخص الرئيس وبمؤسّسات الدولة الدستوريّة. فلنصلِّ، الى الله كي يحقّق أمنياتنا ويتمجّد اسمه، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
بعد القداس استقبل البطريرك الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الإلهية.