
مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الجمهورية”:
فيما مالت قضية الطائرة الإيرانية إلى المعالجة الديبلوماسية، وتوقف الحركة الاحتجاجية على منع الطيران المدني الإيراني من الهبوط في مطار بيروت الدولي، تنصبّ الاهتمامات على إقرار الحكومة بيانها الوزاري اليوم، لتمثل به في وقت لاحق من هذا الاسبوع أمام مجلس النواب لنيل الثقة. اما الاهتمام الأبرز فسيتركّز على تحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل من المنطقة الجنوبية مع انتهاء الهدنة الممددة غداً.
يُنتظر أن يقرّ مجلس الوزراء في جلسة يعقدها اليوم برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف وحضور رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء، البيان الوزاري ورفعه إلى رئاسة مجلس النواب التي ستدعو إلى جلسة نيابية اواخر الاسبوع لمناقشته ومنح الحكومة الثقة.
وعلمت «الجمهورية»، انّ مجلس الوزراء سيقرّ البيان سريعاً، ولن يكون هناك أي نقاش طويل في مسودته النهائية بعدما توافقت اللجنة الوزارية التي صاغته بما تمثل، على كل بنوده، آخذةً في الاعتبار مضمون خطاب القَسَم الرئاسي وما طرحه رئيس الحكومة من أفكار في البيان الذي تلاه إثر تكليفه تشكيل الحكومة، بالإضافة إلى ما ورد في اتفاق الطائف، خصوصاً حول موضوع تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة وحصرية السلاح بيد الدولة واستراتيجية الدفاع الوطني.
وفي المعلومات، انّ البيان ينص في هذا المجال على التزام الحكومة وثيقة الوفاق الوطني وحقها في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحرير الأرض، وتأكيد حق لبنا في الدفاع عن نفسه في مواجهة أي عدوان، كما يشدّد البيان على احتكار السلاح وقرار الحرب والسلم في إطار استراتيجية متكاملة للدفاع الوطني. بحيث يشدّد البيان على انّ الدولة تملك قرار الحرب والسلم في ظل جيش يحمل عقيدة دفاعية قتالية ويحمي الشعب ويخوض أي حرب وفقاً للدستور. كما يشدّد البيان في هذا السياق على تقوية الجيش وزيادة عديده وقدراته لحماية حدود لبنان شمالاً وجنوباً ومنع التهريب ومحاربة الإرهاب ومكافحته. كما يشدّد البيان على مناقشة وإقرار سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني وتأكيد حق الدولة في احتكار السلاح.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر مطلعة على موقف الثنائي الشيعي، انّ مضاعفات أزمة الطائرة الإيرانية لم تؤثر عليه لجهة موقفه من الحكومة، وانّ نوابه سيذهبون إلى جلسة الثقة بالحكومة بموقف موحّد، وذلك بناءً على الاقتناع والرضى بمضمون البيان الوزاري.
الاستحقاق الكبير
تترقّب الأوساط الرسمية والسياسية ما ستؤول اليه الامور غداً الثلاثاء، وهو الموعد المحدّد لاستكمال الانسحاب الإسرائيلي الشامل من الأراضي اللبنانية المحتلة.
وضمن هذا الإطار، أكّدت مصادر رسمية رفيعة المستوى لـ«الجمهورية»، وجوب حصول انسحاب كامل لجيش الاحتلال الاسرائيلي، مشدّدة على عدم قبول بقائه في متر واحد من الأراضي اللبنانية فكيف بالتلال الخمس الاستراتيجية التي قيل إنّه يريد الاحتفاظ بها حتى إشعار آخر.
وأشارت المصادر إلى انّ من واجب الدول الراعية لوقف إطلاق النار ومصلحتها الّا تعرقل انطلاقة العهد والحكومة، وبالتالي عليها ان تضغط على الكيان الإسرائيلي حتى يحترم التزاماته ويخرج كلياً من الأراضي اللبنانية في 18 شباط. ولفتت إلى أنّ الاستحقاق الكبير بعد إتمام الانسحاب هو البدء في ورشة إعادة إعمار ما هدّمه العدوان، وهذا هو الفيصل الحقيقي لنجاح الحكومة أو فشلها.
ونبّهت المصادر إلى أنّ عدم إنجاز الانسحاب الشامل مع حلول غد الثلاثاء سيرتب تداعيات على الواقع اللبناني، في حين انّ المنتظر هو إطلاق مشروع النهوض الوطني بعد انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون وتشكيل حكومة الرئيس نواف سلام تحت شعار «الإنقاذ والإصلاح».
وكشفت المصادر انّ هناك إشارات أولية وصلت حول احتمال ان ينسحب الجيش الإسرائيلي من كل المواقع التي لا يزال يحتلها، بلا استثناء، لكن لا شيء مؤكّداً بعد.
اورتاغوس
وفي هذا السياق، يعلّق أهل الحكم أهمية على العودة المنتظرة للوسيطة الأميركية مورغان أورتاغوس من إسرائيل، لأنّها ستحمل نتائج المحادثات التي جرت هناك بين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وأركان حكومة بنيامين نتنياهو، والرؤية الأميركية إلى استحقاق الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب.
وعبّرت مصادر ديبلوماسية عن اعتقادها أنّ مجرد اتخاذ أورتاغوس قراراً بالعودة اليوم، أي قبل انتهاء المهلة، سيوحي بأنّ الأميركيين جادّون في طمأنة لبنان والضغط على إسرائيل لإنهاء انتشار جيشها داخل الأراضي اللبنانية في أقرب فرصة ممكنة، أي بعد 10 أيام، أو أكثر بقليل. وأما إذا أرجأت زيارتها فهذا سيبعث برسالة إلى اللبنانيين مفادها أنّ واشنطن تفضّل إبقاء إسرائيل طليقة اليدين في هذه المسألة، فتختار الوقت الذي يناسبها للانسحاب.
وقالت هذه المصادر لـ«الجمهورية»، إنّ مؤشرات مقلقة تلقّاها الجانب اللبناني في الأيام الأخيرة، تزامناً مع قرار إسرائيل البقاء في 5 مواقع استراتيجية في الجنوب لفترة إضافية، وأبرزها إعلان روبيو ونتنياهو توافقهما على ضرورة أن تعمل الحكومة اللبنانية على نزع سلاح «حزب الله»، وتعمُّد إسرائيل توجيه ضرباتها الجوية إلى شمال الليطاني باستهداف مسؤول الوحدة الجوية في «حزب الله» في جرجوع وتسديد ضربات في البقاع الشمالي، وتجدّد تهديداتها بتعطيل مطار بيروت، بذريعة أنّ إيران تستخدمه لتزويد «الحزب» بالمال. وهذه مؤشرات لا تبشر بنهايات متفائلة للأزمة.
اتصالات سلام
وإلى ذلك، تواصل رئيس الحكومة نواف سلام أمس مع كل من نظرائه القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني والمصري مصطفى مدبولي والاردني جعفر حسان، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ال سعود ووزير الخارجية الجزائري احمد عطاف بصفته ممثلاً الدول العربية في مجلس الأمن، والامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، وذلك بهدف حشد الدعم للموقف اللبناني الداعي لإتمام الإنسحاب الاسرائيلي في موعده المتفق عليه من دون اي تأخير.
التطورات السياسية
في هذه الاجواء، قال الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في كلمة له لمناسبة «ذكرى الشهداء القادة» التي جاءت قبل ايام من موعد تشييع الامينين العامين السابقين للحزب الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، انّ «مواقف ترامب من القضية الفلسطينية ومن فلسطين، هي مواقف خطيرة جدًا، هي مواقف تريد إنهاء فلسطين والشعب الفلسطيني، هي عملية إبادة سياسية بعد أن عجز نتنياهو وعجزت أميركا من أن تُحقّق الإبادة البشرية المباشرة من خلال العدوان الإسرائيلي الأخير في مواجهة طوفان الأقصى». والذي أدّى إلى 160 ألف شهيد وجريح وشهيدة وجريحة وعدد كبير من الأسرى إضافة إلى الدمار الهائل الذي حصل في قطاع غزة». واضاف: «هذا المشروع الأميركي خطر على الدول العربية والاسلامية. لا تقولوا إنّ عندنا مشكلة اسمها قضية فلسطين، عندنا مشكلة اسمها الاحتلال الإسرائيلي بإدارة أميركية لاقتلاع فلسطين والمنطقة العربية».وقال: «الآن ترامب يواجه كل المنطقة، يريد أن يُهجّر الفلسطينيين إلى مصر والأردن والسعودية وبلدان أخرى. نحن ندين ونرفض بشدة أي تهجير للفلسطينيين إلى أي مكان، ونرفض التهجير إلى مصر والأردن وإلى السعودية ولبنان، كل هذه البلدان يجب أن تكون محمية وحاضرة ومتعاونة وترفض هذا الأمر كرمى لفلسطين أولًا وكرمى لها ولشعوبها». ورأى انّه «يجب أن تكون الدول العربية والإسلامية حاضرة لمنع التهجير. وأنا أقترح عليكم خرج معكم في اجتماعات محدودة أو واسعة للدول العربية والإسلامية أن تكون هناك خطط وبرامج تُوزّع عليكم. أنا أقول لكم باسم حزب الله حاضرين أن نكون جزءًا من خططكم في منع التهجير، إذا مطلوب منا شيء نحن حاضرون أن نُساهم (…)».
ورأى قاسم «اننا اليوم أمام استحقاق، هذا الاستحقاق بوجه الحكومة اللبنانية، في 18 شباط (غداً) يجب أن تنسحب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانيّة التي احتلّتها أثناء عدوانها، والجيش اللبناني بالمقابل انتشر وينتشر وهو حاضر، يجب أن تنسحب إسرائيل في 18 شباط بالكامل، ليس لها ذريعة، لا نقاط خمس ولا تفاصيل أخرى تحت أي ذريعة وتحت أي عنوان، هذا هو الاتفاق».
وفي الشأن الداخلي قال قاسم: «نحن حاضرون للتعاون مع الجميع ونُقرّ الإصلاحات الضروريّة ونعمل على ردّ أموال المودعين ونحارب الفساد ويعمل الجسم القضائي من أجل العدالة في البلد وتُحسم القضايا العالقة وتجرى تعيينات إداريّة».
وتطرّق قاسم إلى موضوع منع هبوط الطيران الإيراني في مطار بيروت، ودعا «الحكومة اللبنانية الى إعادة النظر بهذا القرار وأن تعبّر عن موقفها السيادي، هي حُرّة أن تقبل أي طيران في العالم، ولكن لا علاقة لإسرائيل أن تتحكّم، وبالتالي هناك مصالح بين إيران ولبنان وهي كثيرة سواء من الشعب اللبناني أو الشعب الإيراني. والآن عندنا تشييع سماحة السيدين رضوان الله تعالى عليهما، يعني هذا كلّه يجب أن يؤخذ في الاعتبار».
الجيش يوضح
وكان صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه بيان قالت فيه:
«توضيحًا لما يُتداول عبر وسائل الإعلام من تدخّل الجيش خلال الاعتصام على طريق مطار رفيق الحريري الدولي، تؤكّد قيادة الجيش أنّه تمّ التنسيق مسبقًا مع منظّمي الاعتصام لناحية الالتزام بالتعبير السلمي عن الرأي، وعدم قطع الطريق المؤدية إلى المطار، غير أنّ عددًا من المحتجين عمد لاحقًا إلى قطع الطريق والتعرض لعناصر الوحدات العسكرية المولجة حفظ الأمن، والتعدّي على آلياتها، ما أدّى إلى إصابة 23 عسكريًّا، بينهم 3 ضباط، بجروح مختلفة، ما اضطر هذه الوحدات إلى التدخّل لمنع التعدي على عناصرها وفتح الطريق. لقد جاء تدخّل الجيش تطبيقًا لقرار السلطة السياسية بهدف منع إقفال الطرقات والتعديات على الأملاك العامة والخاصة، ولضمان سير المرافق العامة والحفاظ على أمن المسافرين وسلامتهم، حفظًا على الأمن والاستقرار».
وفي سياق متصل، أعربت السعودية عن «دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذتها الجمهورية اللبنانية لمواجهة محاولات العبث بأمن المواطنين اللبنانيين، والتعامل بحزم مع الاعتداء على قوة الأمم المتحدة «اليونيفيل». وجدّدت المملكة في بيان اوردته وكالة الأنباء السعودية «واس»، «الدعم والثقة في ما يتخذه فخامة الرئيس جوزاف عون، ودولة رئيس الوزراء نواف سلام في هذا الصدد، وما يقوم به الجيش اللبناني من مهام وطنية تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار».
إيران توقف الرحلات
واعلن رئيس منظمة الطيران المدني الايرانية حسين بور فرزانه، انّه في ضوء القضايا الامنية التي تسود مطار بيروت حالياً، فقد تمّ إلغاء كل الرحلات إلى لبنان، حتى يوم غد كحدّ أدنى. واكّد انّ هذا الاجراء تمّ بناء على طلب السلطات اللبنانية.
استعداد لانسحاب كامل؟
وقبل يومين على موعد انتهاء الهدنة في الجنوب أغار الطيران الحربي على بلدتي حربتا وحلبتا ووادي الزين في جرود بلدة بوداي في منطقة البقاع تزامناً مع خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي في منشور على «إكس»: «أغارت طائرات حربية لسلاح الجو قبل قليل بشكل موجّه بدقة وبتوجيه استخباري على عدة مواقع عسكرية احتوت على قذائف صاروخية ووسائل قتالية داخل لبنان والتي تمّ رصد أنشطة لحزب الله داخلها». وأضاف: «تعتبر أنشطة حزب الله داخل هذه المواقع بمثابة خرق للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان»، وتابع: «يواصل جيش الدفاع العمل لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل».
وكان أهالي حولا قد تقدّموا أمس إلى داخل بلدتهم بعد تخطّي حاجز الجيش اللبناني والسواتر الترابية التي وضعها الجيش الإسرائيلي وسط الطريق. وبعد دخول الأهالي اطلقت القوات الإسرائيلية النار في اتجاههم فاستشهدت المواطنة خديجة عطوي وإصيب آخرون، وتقدّم تجاههم وخطف 3 ثلاثة منهم ثم أفرج لاحقاً عن اثنين منهم وهما هايل قطيش وحسن حمود.
وافادت صحيفة «يسرائيل هيوم»، أنّ «الجيش الإسرائيلي يستعد لانسحاب كامل من لبنان خلال يومين». ونقلت عن مصادر أمنية قولها «إننا ننتظر توجيهات القيادة السياسية بشأن الانسحاب من لبنان أو تمديد البقاء حال طلب ذلك»، لافتة الى أنّ «قوات الجيش ستنتشر قرب الحدود مع لبنان بثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب». واضافت «إننا لم نتلق تعليمات من القيادة السياسية في شأن البقاء في أي نقطة بجنوب لبنان».