
مجلة وفاء wafaamagazine
إلياس فرحات
بات موضوع إعادة فتح مطار رينيه معوض في القليعات في محافظة عكار (شمال لبنان) قيد التداول السياسي الجدي، في ضوء ما ورد في البيان الوزاري لحكومة الرئيس نوّاف سلام، وهو الآتي: “تشغيل مطار رينيه معوض في القليعات”. هذه الفقرة أعطت جرعة أمل إنمائية لعكار والشمال إذا تم وضع هذه القضية موضع التنفيذ.
ذهب البعض من المنادين بإعادة فتح مطار القليعات نحو القول بأنه سيكون منافساً لمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وذهب آخرون في التأويل نحو وجوب اعتماد مطار رينيه معوض والتخلي عن مطار رفيق الحريري، مُتذرعين بـ”الوضع الأمني” في محيط الأخير. كما انتشرت أخبار عن تمويل سعودي لاعادة تأهيل مطار القليعات وأن وفداً سعودياً سيُجري كشفاً ميدانياً، لكن سرعان ما تم نفي الأنباء المتعلقة بأي دور سعودي في هذا المضمار.
قاعدة القليعات الجوية
يقع مطار رينيه معوض في قاعدة القليعات الجوية التي أُنشئت في العام ١٩٦٨ بعد أن تلقى لبنان مساعدة عسكرية من القيادة العربية المتحدة التابعة لجامعة الدول العربية (تغير اسمها إلى الأمانة العامة العسكرية ثم قطاع الأمن القومي العربي) وضمت سرباً من طائرات “ميراج ٣ س” كانت جاهزة وعملانية حتى العام ١٩٨٠ وتوقفت عن العمل بسبب عدم قدرة موازنة الجيش على توفير تكاليف الصيانة وبقيت حتى عام ٢٠٠٠ حيث تم بيعها إلى باكستان.
حالياً؛ قاعدة القليعات عبارة عن منشأة عسكرية تابعة للجيش اللبناني، وتضم قيادة الموقع وتتمركز بداخلها مفرزة من القوات الجوية وأحياناً وحدات مشاة تنفذ مهمات في المنطقة.
وتبلغ مساحة القاعدة نحو ٥،٥ مليون متر مربع منها ٣،٢٥ للجزء الجنوبي، أي المطار و٢،٢٥ للجزء الشمالي، أي المنطقة الاستثمارية.
مطار رينيه معوض
يقع مطار رينيه معوض في قاعدة القليعات الجوية في محافظة عكار ويبعد عن مدينة حلبا مركز المحافظة نحو ١٢ كلم وتبلغ أقرب نقطة إليه من ناحية الحدود السورية في الشمال الشرقي قرب تل البيرة نحو ٣ كلم. ويبلغ طول مدرج المطار نحو ٣ كلم وهو صالح لهبوط طائرات الركاب من نوع تلك التي تهبط في مطار رفيق الحريري. اتجاه المدرج شرقاً على الزاوية 60 من الشمال.. والاتجاه المعاكس 240 جنوب غربي. ويتصل المدرج بطريق (Taxi way)، أي ممر يصل إلى طرف المدرج. ويحتمل في حالات عديدة أن تضطر الطائرات في أثناء الإقلاع أو الهبوط إلى استعمال المجال الجوي السوري. ويمكن تدارك أية مشكلة بعقد اتفاقية مع الحكومة السورية تسمح باستعمال الأجواء الإقليمية المحاذية للمطار وتسوية حقوق العبور.
استعمالات المطار أولاً؛ تنظيم رحلات داخلية: يمكن تشغيل المطار لمثل هذه الرحلات بين مطاري بيروت والقليعات إذا تأكدت الشركة المشغلة، وهي شركة طيران الشرق الأوسط، من وجود جدوى اقتصادية، أو ينبغي عليها الالتزام بالقرار السياسي لا بالجدوى الاقتصادية، بحيث تتصرف الشركة على قاعدة الخسارة المعروفة مسبقاً، لكنها تساهم بذلك في حل إحدى مشكلات النقل في لبنان. والجدير ذكره أنه في العامين ١٩٨٩ و١٩٩٠ سيّرت شركة طيران الشرق الأوسط (الميدل إيست) رحلات من مطار الحريري إلى مطار رينيه معوض وبالعكس ثم توقفت بسبب عدم اقبال الركاب وانتفاء الجدوى
الاقتصادية. مع التنويه بوجوب استعمال الطائرات المروحية للنقل بين المناطق اللبنانية لكن هذا موضوع آخر ومختلف.
ثانياً؛ تنظيم رحلات دولية:
يتطلب تنظيم رحلات دولية إلى مطار القليعات موافقة الشركة الوطنية والمديرية العامة للطيران المدني وتأهيل المطار من مبانٍ ومدرجات وأبراج مراقبة ورادارات وسائر التجهيزات، فضلاً عن الالتزام بمعايير الحماية والسلامة والأمن في المطار ومحيطه، وفق معايير تحدّدها منظمة الطيران المدني الدولي International Civil Aviation Organization (إيكاو) بعد موافقتها أولاً. يُضاف إليها تركيز مفارز جمارك وأمن عام تعني بضبط دخول وخروج الأشخاص والبضائع. كما تتطلب الرحلات الدولية موافقة شركات الطيران الأجنبية ودولها على استقبال الطائرات المغادرة من مطار رينيه معوض أو ارسال طائرات للهبوط فيه. تشغيل مطار القليعات وردت في البيان الوزاري لحكومة الرئيس نوّاف سلام فقرة تتعلق بتشغيل مطار رينيه معوض، لكن البيان لم يتحدث أو يُلمّح إلى انشاء مطار جديد ينافس مطار الحريري ولم يلمح أيضاً إلى ما يعتبره البعض تخلصاً من محيط المطار الذي يعتبرونه خارجاً عن سلطة الدولة برغم أن شركات طيران دولية تستعمل هذا المطار. وفقاً لهذه الطروحات، لو تسرّعت السلطة السياسية في قرارها فإنها قد تخسر مطاراً من دون أن يكون لديها مطار بديل.
يُمكن تحسين وتطوير مطار رينيه معوض واستغلال المساحات الشاسعة لإنشاء مناطق حرة تتضمن مصانع مختلفة مثل منطقة جبل علي في دبي -الإمارات وربطه بمرفأ طرابلس وانشاء خط سكة حديد يصل إلى تركيا وعندها تتوافر وظائف كثيرة ومداخيل للمستثمرين وللحكومة تنعش اقتصاد منطقة الشمال. يمكن استعمال المطار لهبوط طائرات نقل تخدم المنطقة الحرة.
اما استعمال المطار لطائرات (charter) فإنه غير عملي بسبب ما ذكرنا آنفاً وكذلك عدم جدوى استعماله للنقل الداخلي. يُمكن للحكومة أن تُحقّق انجازاً إنمائياً بتشغيل مطار رينيه معوض وخصوصاً المنطقة الحرة الشاسعة التي تتسع لمصانع وهي تجذب المستثمرين.
إذا طرحت المنطقة الحرة بالتلزيم بطريقة BOT فانها تشهد منافسة من الشركات العالمية. كما أنه يجب عدم الدخول في مغامرة استبدال مطار الحريري لأسباب سياسية أو نكايات محلية لأن من شأن ذلك تبديد فرصة النهوض الحالي لمطار الحريري الذي يشهد حركة قوية وبدوره يحتاج إلى صيانة وتطوير أبرزها بناء (Terminal2) لاستيعاب المزيد من المسافرين والبضائع.!