
مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الديار”:
وضعت حروب الازقة البلدية اوزارها، ودخلت القوى السياسية في “تقريش” حسابات الربح والخسارة، لاستثمارها في الاستحقاق النيابي بعد عام. حقق “الثنائي الشيعي” مبتغاه، واثبت بالارقام والوقائع ان اي رهان خارجي وداخلي، على ضعف اصابه بين جمهوره بعد الحرب مجرد اوهام، والتعويل على المعارضة الشيعية رهان على سراب.
“الثنائي المسيحي” خاض حرب “داعس والغبراء”، واكتشفت “القوات” والتيار” نقاط الضعف والقوة لدى كل منهما، ولم ينجح احدهما من الغاء الآخر، مع تسجيل تقدم ملحوظ غير حاسم لـ”معراب”، لكن بات لدى الطرفين ما يبنى عليه لبناء تحالفات رابحة في الانتخابات النيابية، خصوصا بعدما خسرت “القوات” وحلفاؤها بالامس معركة اتحاد المتن امام آل المر “والتيار”، في مفاجاة من العيار الثقيل اربكت حسابات الطرفين، الذين بنوا حساباتهما على نحو خاطىء.
اما السنة فلم يكن مفاجئا ان تظهر نتائج الانتخابات تشتت الشارع، في غياب رافعة “تيار المستقبل” ومشاركته في الانتخابات التشريعية، اذا حصلت، ستعيد “خلط الاوراق”.
الحزب “التقدمي الاشتراكي” لا يزال الاكثر تمثيلا عند الدروز، لكن نسب تأييده تراجعت، وهذا يحتاج الى تقييم جدي قبيل الاستحقاق النيابي، خصوصا ان “التغييريين” الذين يمكن الجزم انه كانوا اكبر الخاسرين في هذا الاستحقاق، لم يسجلوا تقدما الا في الساحة الدرزية!
الهوة بين عون وسلام
وفي اول حراك سياسي بعد انقشاع غبار الاستحقاق البلدي، كشفت زيارة نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” الى بعبدا امس، ليس فقط عن الهوة الكبيرة بين حزب الله ورئيس الحكومة نواف سلام، وانما بين مقاربة الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة لملف سلاح المقاومة، حيث يبدو الرجلان على طرفي نقيض، في ظل اصرار سلام على انهاء بقية الود المتبقي مع الحزب. ولا يتوانى عن اطلاق التصريحات الاستفزازية التي ترضي الخارج، دون ان يلتفت الى تداعياتها الداخلية، فيما يتعامل الرئيس عون بحكمة متناهية وود غير مفتعل مع الملف، وهو ما ظهر بالامس خلال الاجتماع في القصر الجمهوري، حيث كان التفاهم المتبادل عند حدوده القصوى، واتسمت الاجواء بالايجابية والصراحة.
لقاء ايجابي وودي
وان لم يكن اللقاء جزءا من الحوار المفترض بين الجانبيين، الا انه يأتي في سياق استكمال تبادل الافكار والمعلومات، التي لم تتوقف على نحو غير مباشر بين الطرفين حول الاوضاع العامة في البلاد، وخصوصا التحدي الذي يفرضه الاحتلال “الاسرائيلي”.
وبحسب مصادر مطلعة، اطلع عون الوفد على طبيعة الضغوط الاقليمية والدولية على لبنان، واطلعهم على الجهد الديبلوماسي الذي يبذله لاجبار “اسرائيل” على تنفيذ القرار 1701. وتم استعراض نتائج الانتخابات الاخيرة، وملف اعادة الاعمار، واثنى الحزب على مواقف الرئيس ومقاربته للامور، وشرح النائب محمد رعد وجهة نظر الحزب، التي تم تظهيرها من خلال كلمة الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي حدد اولويات المقاومة، وتم الاتفاق على تكثيف التواصل للوصول الى المقاربة الامثل لحماية البلاد.
حزب الله – بعبدا
وكان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، اكد أن مساحة التفاهم مع رئيس الجمهورية واسعة ويعوّل عليها. وقال بعد لقائه ووفد من الكتلة، رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، إن اللقاء تطرق إلى مسألة حفظ السيادة الوطنية، وضرورة إنهاء الاحتلال “الإسرائيلي”، ووقف الخروقات المتكررة المدعومة من الدول الضامنة، وإعادة الإعمار وحفظ الاستقرار وتحرير المؤسسات، عبر الالتزام بالاستحقاقات الدستورية، كما حصل مؤخراً في الانتخابات البلدية والاختيارية.
وشدّد على أن مساحة التفاهم مع الرئيس عون “واسعة ويُعوَّل عليها”، مضيفاً: “نحن لا نرى أنفسنا ملزَمين بتوقيت أو مكان أو أسلوب معيّن، طالما أن الرئيس يحرص على تحقيق الأولويات، وفي طليعتها: حفظ السيادة، إنهاء الاحتلال ووقف الخروقات.
ووفق مصادر مطلعة تم الاتفاق بين عون ووفد الحزب على إبقاء التواصل مفتوحا، وشرح رئيس الجمهورية للوفد تصوره لـ”الحفاظ على سيادة الدولة وحماية اللبنانيين”.
لا رد على سلام
في موقف يظهر عمق الخلاف بين حزب الله ورئيس الحكومة، رد رعد على سؤال حول تصريحات سلام التي قال فيها ان ” زمن تصدير الثورة الايرانية انتهى، ولن يسمح بوجود اي سلاح غير شرعي”، انه لن يعلق على كلامه للحفاظ على بقية ود موجودة.. كما غمز رعد من قناة سلام ايضا بالتشديد على ان العيد هو “عيد المقاومة والتحرير” وليس عيد التحرير فقط، لانه دون مقاومة لم يكن للتحرير ان يحصل.
وكان وفد حزب الله قد التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث تناول اللقاء التطورات الاوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية، ونتائج الانتخابات البلدية والاختيارية وشؤون تشريعية.
تشكيك “اسرائيلي”
في هذا الوقت، بدأت الشكوك الجدية لدى مراكز القرار لدى العدو، بامكانية نجاح الولايات المتحدة في نزع سلاح حزب الله، عبر ما اسمته تطبيق النموذج السوري في لبنان. وفي تقرير نشرته صحيفة “هارتس الاسرائيلية”، اشارت الى الأصل في نموذج سوريا، الذي خلقه ترامب برفعه العقوبات، استناداً إلى تعهد مستقبلي للرئيس احمد الشرع، يكمن في نقل المسؤولية عن سلوك الرئيس السوري إلى رعاية السعودية وقطر وتركيا. هكذا حرر ترامب نفسه ظاهرياً، من الانشغال بدولة بعيدة أخرى، التي لا تهدد حدود الولايات المتحدة. ولأن سوريا ما زالت دولة “مشبوهة”، وبؤرة احتكاك خطيرة مع “إسرائيل”، فربما تتطور فيها مواجهة عنيفة تجر الولايات المتحدة وتعيدها إلى الساحة.
لبنان لا يشبه سوريا!
ولفتت الصحيفة الى ان ترامب يطمح إلى التوصل إلى تسوية مشابهة مع لبنان أيضاً، لكن الوضع اكثر تعقيدا ومن المشكوك النجاح هناك، “فالنظام في لبنان في معضلة تشبه معضلة نظام الشرع: كيف ينزع السلاح “غير القانوني”، بدون الوصول إلى مواجهة عنيفة قد تتدهور إلى حرب أهلية”. واشارت الى ان “الولايات المتحدة تضغط على الرئيس عون للبدء على الفور بنزع السلاح من شمال الليطاني، وليس من جنوبه فقط. ولكن عون يخشى من أن إجراء عنيف سيجعل الدولة ساحة قتال داخلية. هو يفضل حواراً يثمر اتفاقات، في حين أن الولايات المتحدة تعتقد أن عون لا يمكنه ضمان نجاح هذا الحوار في إنهاء قضية حزب الله كتنظيم عسكري”؟!. وهنا أيضاً عدة فروقات جوهرية بين الوضع في سوريا والوضع في لبنان. وخلافاً لسوريا، فإن أي دولة عربية لم تعرض على ترامب ضمان سلوك الحكومة اللبنانية أمام حزب الله، أو أنها ستنفذ الإصلاحات الاقتصادية العميقة التي يجب عليها تنفيذها كشرط لتقديم المساعدات.
ما هي خيارات ترامب؟
ولفتت “هارتس” الى ان ترامب يستطيع التحرر من عبء لبنان، كما انفصل عن سوريا، بصورة تضمن عدم حدوث مواجهة عنيفة تهدد “إسرائيل” أو تورط الولايات المتحدة، لكن عليه أن يقرر إذا كان سيطبق نموذج سوريا في لبنان، وإعطاء حكومتها الاعتماد الذي منحه للشرع، أي السماح لها بإدارة الحوار مع حزب الله كلما احتاجت لذلك، أو استخدام ثقل المكبس والمخاطرة بفقدان السيطرة. وثمة احتمال ثالث، وهي إدارة الظهر وترك لبنان يدير شؤونه مع “إسرائيل” كساحة محلية لا تتعلق بالولايات المتحدة، اي منح حكومة نتانياهو “الضوء الاخضر” لتفعل ما تريده؟!
الخطر من الشرق؟
وفي سياق متصل، كشف تقرير اميركي عن بدء الادارة الاميركية بالاشراف على إعادة دمج وتأهيل وتوحيد القوى الأمنية السورية المسلحة، التي كانت ضمن جبهات من التيارات الإسلامية، لكن من الواضح أن الجانب السعودي مهتم بتمويل وتأهيل وتدريب وتمويل برامج، لتمكين قوات الجيش السوري الجديدة، عنوانها العريض هذه المرة امكانية تجهيز مقاولة عسكرية خاصة، تتولى فيها مجموعات سورية منظمة ومدربة ومؤهلة التصدي، لما تبقى من قوات حزب الله شمالي الليطاني في لبنان إن دعت الحاجة وفي أي وقت. يعني ذلك أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها العرب مهتمون ضمنا بالتجهيز لمواجهة ليس بين سوريا الجديدة و”إسرائيل”، ولكن بينها وبين حزب الله وما تبقّى من قواته.
الاعتداءات “الاسرائيلية”
في هذا الوقت، وسعت قوات الاحتلال من دائرة اعتداءاتها امس، وشنت غارات جوية على جرود بلدة بريتال في البقاع، واصابت احدى الغارات مدرسة البلدة، حيث سقط شهيد وعدد من الجرحى. وكان احد ابناء بلدة بيت ليف نجا باعجوبة بعد استهدافه، وهو على متن دراجته النارية، من مسيّرة “اسرائيلية”، أطلقت في اتجاهه صاروخين.
واعلنت وزارة الصحة عن إصابة مواطنين إثنين في العدوان “الإسرائيلي” ليل امس الاول على بلدتي بيت ليف ومجدل زون. كما حلقت مسيّرة “إسرائيلية” امس على علو منخفض في أجواء بيروت والضاحية الجنوبية.
ملف المخيمات الى اين؟
اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لوفد أميركي برئاسة السيناتور انغوس كينغ، تشكيل لجان لبنانية- فلسطينية، وان العمل سيبدأ في منتصف الشهر المقبل في 3 مخيمات فلسطينية في بيروت، لمعالجة مسألة وجود السلاح الفلسطيني فيها”.
وفي هذا السياق، تفيد المعلومات الى ان خطة معالجة ملف السلاح الفلسطيني على “الطاولة” قريبا، لكن دون وضوح بعد في كيفية الوصول الى خواتيمه. فملف سحب السلاح الفلسطيني سيبدأ في الشهر المقبل على نحو شكلي، في مخيمات لا يوجد فيها اصلا اسلحة ثقيلة، وهي مخيمات شاتيلا ومارالياس وبرج البرجانة، حيث سيتم تسليم بعض القاذفات الصاوخية من نوع “اربي جي” واسلحة متوسطة.
اما في شهر تموز فيتم التعامل مع مخيمات لا اسلحة فيها، وهي مخيم الجليل في البقاع والبدواي في الشمال، حيث لا مجموعات متشددة، وهناك تعاون بين مخابرات الجيش وكل الفصائل اثمرت عام 2023 اتفاقا مع الجبهة الشعبية، جرى بعدها تسليم الاسلحة في كافة المناطق اللبنانية، وليس فقط في المخيمات.
اما مخيما ضبية والبارد فلا اسلحة فيهما، ويبقى التحدى الاكبر في مخيمات الجنوب التي ستترك للمرحلة الاخيرة، الرشيدية والمية ومية والبص، وخصوصا مخيم عين الحلوة، حيث تنتشر مجموعات متشددة، ولا خطة حتى الآن على كيفية التعامل معها، فضلا على عدم وجود تفاهم نهائي بعد مع باقي الفصائل غير المنتمية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
معركة اتحاد المتن…
وفي مفاجاة من العيار الثقيل، وفي نتيجة شكلت صدمة لـ “معراب” “والصيفي”، فازت رئيسة بلدية بتغرين ميرنا المر على رئيسة بلدية بكفيا – المحيدثة نيكول الجميل، في انتخابات رئاسة اتحاد بلديات المتن. وقد فازت المرّ على الجميّل المدعومة من حزبي “الكتائب” و”القوات “، والنائبين ابراهيم كنعان وإلياس بو صعب، بفارق كبير، إذ ربحت بنتيجة 22 صوتا مقابل 11 صوت.
…ونتائج الجنوب
على الصعيد الانتخابي، إذا كان “لثنائي الشيعي” حقق الفوز في معظم البلدات الجنوبية، وأظهرت الأرقام فوارق كبيرة جداً بين لوائحه ولوائح أخرى منافسة في صور والنبطية، فإن نتائج بلدية صيدا أظهرت خروقات بين 3 لوائح، ففاز 10 أعضاء من لائحة “سوا لصيدا” المدعومة من النائبة السابقة بهية الحريري ورئيس بلدية صيدا السابق محمد السعودي ورجل الأعمال مرعي أبو مرعي، و8 أعضاء من لائحة “نبض البلد” المدعومة من النائب أسامة سعد، و3 أعضاء من لائحة “صيدا بدها ونحنا قدها” المقربين من “الجماعة الإسلامية.
مسيحياً، انتهت المبارزة في جزين بإعلان فوز “التيار” وعازار بالمقاعد الـ 18، وبفارق 550 صوتاً..
باسيل: “التيار” حاضر وقوي
من جهته، عرض رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في مؤتمر صحافي نتائج الانتخابات في الجنوب، واشار الى ان “التيار خضع لخيارات الناس في الانتخابات البلدية، التي كان طابعها عائليا أكثر، وقال: ان الفوز باتحاد المتن هو البداية، وتابعوا الى النهاية التي ستكون بجزين واتحاد بلديّاتها، حيث حاولوا “القوات” القول انهم خسروا المدينة وربحوا الاتحاد، وانا اقول اننا ربحنا معظم بلديّات قضاء جزين، وسنرى نتيجة الاتحاد لاحقاً”.
واوضح انه “في جزين والجنوب اظهر التيار مجدداً حضوره وقوّته على مستوى البلديات والرؤساء والأعضاء والمخاتير، وذلك في صيدا والزهراني في صور وبنت جبيل، في مرجعيون وحاصبيا، في النبطية وجزين، ولا مشكلة عندنا بالتحالف مع النائب السابق ابراهيم عازار ومع اي كان في لبنان ولا نستحي، هم يستحون بتحالفاتهم ويحاولون ان يبقوها سرية، هم تحالفوا مع حزب الله ومع “القومي” ومع افرقاء الممانعة، وعندما نقوم نحن بهذا الأمر نصبح غير سياديين وهم يكونون سياديين”.