الرئيسية / آخر الأخبار / 60% من المستوطنين لم يعودوا : «أزمة وجودية» في شمال إسرائيل

60% من المستوطنين لم يعودوا : «أزمة وجودية» في شمال إسرائيل

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت “الأخبار“ :

تتواصل تداعيات عمليات حزب الله ضدّ مستوطنات شمالي فلسطين المحتلة منذ تشرين الأول 2023 وحتى نهاية تشرين الثاني 2024. ورغم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار منذ أكثر من ستة أشهر، فإن الوضع في شمالي فلسطين المحتلة ليس كما هو عليه الأمر في جنوب لبنان، إذ لم تخرق المقاومة الاتفاق وتهدّد حياة المستوطنين، فيما يواصل العدو كل أنواع الاعتداءات على سكان الجنوب اللبناني لمنع عودتهم إلى قراهم وتعطيل عملية إعادة الإعمار.

وبرغم عدم وجود «مناخ حربي» شماليّ فلسطين كما هي الحال في لبنان، فإن العودة هناك لا تزال غير مكتملة. وتبيّن أن من بين أكثر من 60 ألف مستوطن تمّ إخلاؤهم من مستوطنات مثل كريات شمونة (الأكثر تضرراً) ونهاريا وشلومي وميتولا، إضافةً إلى مستوطنات الجليل الأعلى، لم يعد حتى حزيران 2025 سوى 40%، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية.

وخلص استطلاع لمعهد «غوتسمان» إلى أن 80% من الشباب (18 – 35 سنة) يفضّلون البقاء في المركز (تل أبيب وحيفا والقدس)، خوفاً من تجدّد القصف عليهم، ونتيجةً لـ«قلة الفرص الاقتصادية»، و«تدهور الخدمات العامة»، كالتعليم والرعاية الصحية.

أكثر من النّصف مصدومون!

إضافةً إلى ذلك، أظهر استطلاع أجرته «جامعة حيفا» بالتعاون مع وزارة الصحة، أن أكثر من نصف مُستوطني الشمال يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وظهرت عليهم «أعراض نفسية حادّة»، مثل نوبات القلق، الأرق، الكوابيس وصعوبة العودة إلى الروتين اليومي. وحذّرت تقارير طبية من «تداعيات طويلة الأمد» إذا لم تُعالَج هذه الحالات، بما في ذلك ارتفاع معدّلات الاكتئاب والإدمان.

80% من الشباب يُفضّلون عدم العودة، وأكثر من نصف المُهجّرين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة

وبالنسبة إلى ملف التعليم، أبلغ 50% من أهالي طلاب الثانوية عن «تراجع ملحوظ في التحصيل الدراسي»، بسبب التنقل بين المدارس وفقدان الاستقرار، وصعوبة التركيز نتيجة للقلق النفسي، عدا انقطاع الكهرباء والإنترنت في بعض المناطق، ما أعاق التعليم عن بُعد. وتسري مخاوف من «زيادة التسرّب المدرسي بين المراهقين، خاصة في المستوطنات الفقيرة».

السياحة الأكثر تضررًا

بالنسبة إلى الأوضاع الاقتصادية، يعدّ القطاع السياحي الأكثر تضرراً، مع إغلاق 90% من الفنادق والمطاعم في صفد وطبريا خلال الحرب، وعدم عودة سوى 50% منها للعمل بعد وقف إطلاق النار، وفقاً لـ«اتحاد الفنادق الإسرائيلي». أمّا القطاع الزراعي، فقدّرت وزارة الزراعة خسائره بـ 500 مليون شيكل، مع تعرّض 40% من مزارع الجولان السوري المحتل والجليل الأعلى لأضرار، إضافةً إلى عدم توفّر العمالة. وفي ما يتعلق بالتجارة والصناعات الصغيرة، تمّ إقفال 30% من المحالّ التجارية في كريات شمونة بشكل نهائي، فيما يفكر 27% من أصحاب الأعمال بعدم العودة، وفقاً لـ«غرفة تجارة الشمال». وتنتشر تحذيرات من «موجة إفلاسات» قد ترفع معدّلات البطالة إلى مستويات قياسية.

ورغم أن الحكومة الإسرائيلية أقرّت ميزانية طارئة بقيمة 3.5 مليارات شيكل (حوالى مليار دولار)، للتعويض على المستوطنين، وإصلاح البنية التحتية، وتحسين أنظمة الإنذار والملاجئ، إلّا أن هؤلاء يقولون إن الأموال «لا تصل بسرعة»، ويُشيرون إلى «غياب خطة شاملة لإعادة التوطين الدائم».

وفي هذا السياق، يُتخوّف من «تداعيات ديموغرافية» لأزمة مُستوطني الشمال، قد تؤدي إلى تغيير التركيبة السكانية لصالح المتديّنين أو كبار السن (الأقل قدرة على الهجرة).

وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الرغبة في الخدمة في وحدات حدودية في جيش الاحتلال مثل الجبهة الشمالية. وهو ما قد يتحوّل إلى «كارثة وطنية»، إذا لم تُتخذ إجراءات سريعة لاستعادة الأمن والاستقرار الاقتصادي.

وعليه، تراوح التقديرات بشأن مستقبل مستوطنات الشمال بين ثلاثة سيناريوهات محتملة:

1 – عودة تدريجية؛ إذا تحقّق هدوء طويل الأمد.
2 – تحوّل الشمال إلى منطقة عسكرية أكثر من كونها سكنية.
3 – استبدال السكان العلمانيين بمستوطنين متديّنين.

وتخلص التقديرات إلى أن الشمال يعاني من «أزمة وجودية» بعد الحرب مع لبنان، نتيجة لـ«الهجرة الجماعية والانهيار الاقتصادي والشكوك حول العودة الآمنة»، ولا سيما أن المستوطنين يفقدون الثقة بحكومتهم التي «تتحدّث عن إعادة إعمار، لكنّ التنفيذ بطيء». وإذا استمرّ التهديد الأمني، فقد تُصبح هذه المناطق «أراضيَ منكوبة»، ما سيُغيّر الخريطة الديموغرافية لإسرائيل.