مجلة وفاء wafaamagazine
بغداد | «حصار» الجماهير العراقية للسفارة الأميركية وسط العاصمة بغداد، قبل يومين، كان أوّل «رسائل» الردّ على العدوان الأميركي الذي طال مقارّ «الحشد الشعبي»، الأسبوع الماضي؛ الرسالة السياسية أعقبتها «رسالة ثانيةٌ» ميدانية، باستهداف قاعدةٍ أميركيّة في مطار بغداد، بعددٍ من الصواريخ. القوات الأميركية، صعّدت عدوانها سريعاً بغارةٍ استهدفت، فجر أمس، موكباً يضم قائداً رفيعاً في «الحشد»، في خطوة تنبئ أن المواجهة بين المعسكرين ستتسم في المرحلة المقبلة باشتباكٍ سياسيٍ وميداني حاد. وفيما يبدو الحراك العراقي الحالي متركّزاً في الميدان السياسي في ظلّ سعي عدد من الكتل إلى إقرار قانونٍ لإخراج القوات الأميركية من البلاد، تراهن فصائل المقاومة على أن موقف واشنطن من قرار البرلمان، في حالتَي الالتزام أو الرفض على السواء، سيفتح مرحلة جديدة من الكباش القائم، وسط ترجيحات بأن مشهدية الضربات الموضعية والعمليات العسكرية ستعود لترتسم في بلاد الرافدين.
الردّ الأوّلي العراقي على العدوان الأميركي الذي طاول «الحشد الشعبي» أخيراً تجاوز ما كان متوقعاً. بعدما ساد الظنّ بأن ذلك الردّ لن يخرق قواعد الاشتباك المعمول بها منذ انسحاب القوات الأميركية من العراق في كانون الأول/ ديسمبر 2011، جاء الاعتصام غير المسبوق أمام السفارة الأميركية وسط العاصمة بغداد، وتحديداً في «المنطقة الخضراء» التي أرادتها قوات الاحتلال لحظة غزوها بلاد الرافدين في نيسان/ أبريل 2003 «منطقة أمنية» خالصة لها، ليولّد صدمة كبيرة لدى مؤيّدي «الحشد» وخصومه على السواء.
أراد «تحالف البناء» (تجمّع الكتل الممثلة للحشد الشعبي) اعتصاماً مفتوحاً موازياً لاعتصام «ساحة التحرير»، يكون مطلبه الأول احترام السيادة الوطنية. هكذا، وُفّرت اللوجستيات لاعتصام مفتوح أمام السفارة، قبل أن تُنقل الفعاليات إلى مكان آخر، وتحديداً إلى الضفة المقابلة للسفارة عند نهر دجلة، بالقرب من فندق بابل. تغيير أدرجته «كتائب حزب الله ــــ العراق» في إطار تلبية «دعوة عبد المهدي إلى تغيير مكان الاعتصام قبل العمل الجادّ لإقرار قانون إخراج القوات الأجنبية»، معلنةً أنها «ستراقب عمل البرلمان الأسبوع المقبل للمباشرة بتشريع القانون المرتقب».
مشهد الجماهير التي تمكّنت من الدخول إلى بعض المرافق الخارجية للسفارة ذكّر الإدارة الأميركية بحادث اقتحام سفارتها في العاصمة الإيرانية طهران في تشرين الثاني/ نوفمبر 1979. يومها، كان قرار المقتحمين السيطرة على المقرّ الدبلوماسي وطرد طاقمه، أما اليوم، فقد قضى القرار بإيصال رسائل محدّدة يمكن إجمالها بما يأتي:
1- قدرة العراقيين على الوصول إلى أكثر المناطق تحصيناً في البلاد.
2- قدرتهم أيضاً على نقل المواجهة إلى قلب بغداد.
3- وقدرتهم أخيراً على مواجهة الأميركيين بأداة الشارع التي حاولت واشنطن في الأشهر الماضية استغلالها لمصلحتها
المصدر: جريدة الأخبار